تهميش القطاع الموسيقي قاد إلى اختصاره كظاهرة ترفيهية غالباً يغيب عنها التنافس والدعم الحقيقي، وصعود العديد من المغنين والموسيقيين الذين لا يقدّمون منتجاً لافتاً، إن لم نقل إن بعضه يتّسم بالرداءة والضعف، وتجري استضافتهم في المهرجانات التونسية، بينما يتجه كثير من أصحاب المشاريع والتجارب الجادّة إلى تحقيقها في الخارج، خاصة في فرنسا.
في ظلّ توقّف الجهات الرسمية عن الإنتاج الموسيقي كالإذاعة، وضعف دور المؤسسات الخاصة، تبدو إمكانية تأسيس فرق أو مراكز مستقلّة شبه مستحيلة، وفي هذا السياق يُمكن التعامل مع إغلاق "دار الموسيقى" الذي أنشأها الفنان مقداد السهيلي (1957) نقيب الموسيقيين التونسيين عام 2014.
تراكم الديون وعدم القدرة على تأمين الدعم قادا إلى الإقفال بعد أقل من ثلاث سنوات، حاولت خلالها الدار أن يكون ملتقى للنوادي الموسيقية وفضاءً لتدريب أعضائها ومقرّاً لإقامة الورشات والندوات المتخصّصة وتنظيم العروض والحفلات.
ورغم زيارات عدد من أعضاء مجلس النواب للتضامن مع المشروع والقائمين عليه، إضافة إلى زيارة وزير الثقافة له بعد يومين من إعلان الإغلاق، إلّا أن السهيلي أصرّ على قراره حتى يتمّ الإيفاء بالوعود الذي تلقّاها لإيجاد حلول ممكنة.
ربما يستطيع السهيلي توجيه الأنظار إلى القضية، وينجح في إعادة افتتاح "دار الموسيقى" لكن ذلك يستتبع على الأغلب ربطها بالجهة الداعمة ومنظومتها وسياساتها، ما يُبقي الأمل بعيداً عن إمكانية تكريس مشهد موسيقي مستقل.