إعلاميون ثوريون يدافعون عن داعش
ما انفكت وسائل الإعلام السورية والعالمية تتحدث عن أخبار سيطرة تنظيم داعش على مطار الطبقة في سورية، وقبلها السيطرة على مقر الفرقة 17، كأبرز الأحداث الميدانية في الأسابيع الماضية.
بعيداً عن التفاصيل العسكرية والميدانية، فإن سيطرة داعش على المطار جاءت بعد حملة تمهيدية من وسائل إعلام محلية وإقليمية، تضخّم من حجم التنظيم ومن أهمية الحدث وتجعل منه حدثاً محورياً، كأنه سيغيّر مصير سورية، ربطاً بما جرى سابقاً للفرقة 17 واللواء 39 قبلها.
وأعادت سيطرة داعش على مطار الطبقة إلى الأذهان صور الرؤوس المقطوعة في الفرقة 17، وعادت بالإحباط على عناصر النظام في المناطق الأخرى، كما عادت بالإحباط على أهالي الجنود أنفسهم، وخصوصاً أهالي القتلى، وعلى أهالي جميع الجنود في جيش النظام، عندما رأوا استرخاص القيادة العسكرية جنودها، في حين أنها كانت قادرة على إنقاذهم، الأمر الذي تكرر للمرة الثالثة في أقل من شهرين.
وكما هو متوقع، لم تقم مؤسسات الإعلام الثورية باستغلال هذه الفرصة، ولم تبادر إلى حرب نفسية إعلامية على جمهور النظام أو حتى على الرأي العام، بل على العكس، كشف هذا الحدث عن غباء إعلامي غير معهود، بل وصل الأمر ببعض نجوم "فيسبوك" والفضائيات إلى شنّ حملة تسويقية للتهليل لما سمّوه "تحرير" مطار الطبقة، ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك يداً خفيّة تموّل و تلعب من وراء ستار.
ولكن، لماذا تبدو حملة التسويق هذه غير بريئة؟
ثمة جهود خفية إعلامية وسياسية تريد إقحام داعش في المشهد السوري، وتريد إيهام الجميع بأنه جزء من الثورة، وهناك اهتمام إعلامي غربي بداعش وبقوته وانتشاره، وتركيز على الصورة النمطية للجهاديين الذين يرفعون راية "الخلافة السوداء"، عبر التفجيرات وقطع الرؤوس وقهر المرأة، لإقامة دولة إسلامية على مناطق واسعة من "الشرق الأوسط"، فتأتي حملة التسويق الفيسبوكية لتكمل ما بدأه أعداء سورية!
وحتى لا تنكشف الحملة بسهولة، يتخذ الدفاع عن داعش طابعاً ساخراً في معظم الأحيان، يهدف إلى جلب "لايكات" و"تعليقات" كثيرة، تخلق جواً من المرح ظاهرياً، في حين لا يخفى على خبراء علم النفس والإعلام أن هذه المنشورات هي تطبيق لاستراتيجية "تلطيف القبيح" الدعائية التي تهدف إلى تلميع صورة داعش لتهيئة الرأي العام لخطوته المقبلة، بل وصل الأمر بأحد الإعلاميين أنه وصف داعش بأنه فصيل من الثوار، في تنفيذ واضح للأجندات الغربية التي تهدف إلى" تنميط" الثوار السوريين، لتسهيل ضربهم ولو كانوا معتدلين أو وطنيين في الحقيقة.
وعندما قامت فصائل إسلامية في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق بحملة لتطهيرهما من الدواعش، التزم كثيرون من إعلاميي الثورة الصمت، كما لم يُسمع لهم صوت عندما كان تنظيم داعش يقطع الرؤوس ويختطف الإعلاميين، كما لم يبرز لهم أي تعليق مؤثر حول جرائم يندى لها جبين الإنسانية، كاغتيال أبو ريان وأبو المقدام، "قاهر الدبابات"، وغيرهما من أبطال الثورة، كما غض إعلاميو الثورة بصرهم عن حادثة تشريد داعش للمدنيين في "خشام" في دير الزور وغيرها من حوادث لا تُعدّ.
وفي حين يكتسح دواعش تويتر حملات الحشد الرقمي والتغريد المنظّم، يأتي بعض إعلاميي الثورة لإكمال المهمة مجاناً على" فيسبوك"، في تصرف لا يمكن تفسيره إلا على أنه خدمة مجانية للمشروع الداعشي، والذي يعتبر مشروعاً لقتل الثورة السورية كلها.
ولا يخفي إعلام النظام السوري ابتهاجه أحياناً بما يحققه داعش من إنجازات قاصمة لظهر الثورة، بعد تمكنه سابقاً من قتل الحراك المدني السلمي، في حين تستعمل صحفه مصطلح "الدولة" كنوع من التلطيف والتجميل لهذا التنظيم، في توافق غريب مع بعض وسائل إعلام الثورة نفسها، فلا يوجد أفضل من إعلاميين ثوريين أغبياء لمساعدة النظام على تقوية داعش!