إعلاميون تونسيون مهددون بالمحاكمة بقانون الإرهاب

19 نوفمبر 2015
وزير الدفاع التونسي متحدثاً في مجلس الشعب (تويتر)
+ الخط -

في خطوة تصعيدية غير مسبوقة، قرر فرحات الحرشاني، وزير الدفاع ووزير العدل بالنيابة في الحكومة التونسية، تحريك دعوى قضائية وفقا لأحكام القانون التونسي المتعلق بالإرهاب وغسيل الأموال، بحق الإعلاميين التونسيين الذين بثوا مشاهد تتعلق بالجريمة الإرهابية التي استهدفت الطفل التونسي مبروك السلطاني الذي قُطع رأسه من قبل مجموعة إرهابية بمنطقة جبال الشعانبي على الحدود التونسية الجزائرية.

هذا الإجراء من قبل الوزير يستهدف مراسل التلفزيون الرسمي التونسي بمحافظة سيدي بوزيد في الوسط الغربي في تونس، ورئيس تحرير الأخبار الذي تمت إقالته من منصبه بعد الحادثة، كما يمكن أن تشمل التحقيقات الرئيس المدير للتلفزيون الرسمي التونسي الذي أقاله رئيس الحكومة التونسية على خلفية بث هذه المشاهد.

وطالب وزير العدل التونسي في بيان أصدرته وزارته، بتتبع من قاموا ببث صور رأس الضحية المقطوع، وفقا لما تنصّ عليه أحكام الفصل 31 من قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، وهو فصل ينصّ على التالي: "يعد مرتكبا لجريمة إرهابية ويعاقب بالسجن من عام إلى خمسة أعوام وبخطية من خمسة آلاف دينار إلى عشرة آلاف دينار كل من يتعمّد داخل الجمهورية وخارجها علنا وبصفة صريحة الإشادة أو التمجيد بأي وسيلة كانت بجريمة إرهابية أو بمرتكبيها أو بتنظيم أو وفاق له علاقة بجرائم إرهابية أو بأعضائه أو بنشاطه أو بآرائه وأفكاره المرتبطة بهذه الجرائم الإرهابية".

هذا التصعيد يعدّ انتكاسة كبرى لمسار إصلاح الإعلام الرسمي وضربة لحرية الرأي والتعبير عمومًا، وفقًا لتصريح عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، يوسف الوسلاتي، لـ"العربي الجديد". النقابة اعتبرت ما تقوم به الحكومة التونسية وتوظيفها لقانون الإرهاب لمعاقبة الصحافيين انقلابا على حرية الصحافة وتكريسا لمنطق سلطوي يعاقب كل من يحاول كشف الحقائق، رغم اقتناع النقابة بأن ما قام به التلفزيون الرسمي التونسي بعرضه صور رأس الطفل المقطوع يعدّ خطأ مهنيا، لكنه لا يستوجب بأية حال من الأحوال المحاكمة وفقا لقانون الإرهاب وغسل الأموال.

واعتبر نقيب الصحافيين، ناجي البغوري، إنّ "ما تقوم به الحكومة التونسية وتوظيفها لقانون الإرهاب لمعاقبة الصحافيين هو تعدّ على حرية الصحافة، خصوصا في ظروف تتهم فيها الحكومة التونسية من قبل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي برغبتها في السيطرة على الإعلام الرسمي والعودة به إلى مربع الخضوع للتعليمات الفوقية مثلما كان الحال قبل الثورة".

كما يؤشر بيان وزارة العدل إلى العلاقة المتوترة التي تعرفها الساحة الإعلامية التونسية بين الحكومة من ناحية، وبين النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري من ناحية أخرى، على خلفية رغبة الحكومة التونسية في تسيير الإعلام الرسمي وفقا لما ترسمه من سياسة إعلامية، في حين تتمسك الهياكل النقابية باستقلالية الإعلام الرسمي عن أي تدخل حكومي. 

يُذكر أنّ قانون الإرهاب وغسل الأموال والذي شرعت المحاكم التونسية العمل به منذ آب/أغسطس 2015، رفضته عديد المنظمات الحقوقية، عندما وقع سنّه، كما حذرت النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين والنقابة العامة للإعلام من خطورة استعماله لترهيب الإعلاميين التونسيين والحدّ من حريتهم في نقل الوقائع والحقائق.



المساهمون