إعفاء مديري مستشفى سعودي تعفن فيه جثمان طفلة

27 يوليو 2015
القطاع الصحي السعودي يعاني من الأخطاء الطبية (العربي الجديد)
+ الخط -
أعفى وزير الصحة السعودي، خالد الفالح، مدير مستشفى الملك فيصل في مكة المكرمة، إضافة إلى مدير الخدمات الطبية ومدير الخدمات المساندة ومدير قسم الطوارئ في المستشفى، على خلفية العثور على جثة فتاة في الثانية عشرة من عمرها متعفنة في إحدى غرف الطوارئ، بعد أن تم نسيانها متوفية لخمسة أيام.


ومدير المستشفى المعفى هو المدير الثاني الذي يتم إعفاؤه بعد مدير مستشفى الملك فهد في جدة الشهر الماضي على خلفية انتشار مقطع فيديو يظهر وجود حشرات في غرفة مريض في النقاهة، حيث أعفي أيضا جميع المسؤولين المعنيين بالحادثة.

وخلصت التحقيقات التي أجرتها الشؤون الصحية في منطقة مكة المكرمة إلى إدانة المدير ومدير الخدمات الطبية، كما قررت تحويل جميع الممارسين الصحيين الذين ثبت تقصيرهم في الرقابة والإشراف، إلى لجنة النظر في مخالفات نظام مزاولة المهن الصحية، إضافة إلي معاقبة كل من ثبتت مسؤوليته ممن لا يخضع لنظام مزاولة المهن الصحية وفقاً للجزاءات المقررة نظاماً.

وأظهر التحقيق أن الطفلة المتوفاة "أُحضرت إلى قسم الطوارئ بمستشفى الملك فيصل بمكة، في السادس والعشرين ومن رمضان الماضي عند الساعة 7:39 مساء، بواسطة سيارة خاصة، وبعد الكشف عليها تبين أنها توفيت قبل حضورها إلى المستشفى بنصف ساعة تقريباً؛ وأكدت ذلك والدتها، كما أوضح الكشف على الطفلة وجود عيوب خلقية وعدم وجود أية إصابات ظاهرة وأن الوفاة كانت طبيعية".

وقال نص التحقيق: "تم إبلاغ ذوي الطفلة بضرورة استكمال الإجراءات النظامية المتمثلة في إحضار استمارة الكشف وصورة عن الهوية كونها طفلة، وحتى يتم استكمال الإجراءات اللازمة من المستشفى، إلا أن ذوي الطفلة لم يقوموا باستكمال الإجراءات النظامية، وعلى إثر ذلك تم تكفين الطفلة المتوفاة ونقلها إلى الغرفة المخصصة للكشف على الوفيات والمجاورة لقسم الطوارئ لحين عودة ذويها".

"وبعد خمسة أيام لاحظ المدير المناوب أثناء مروره انبعاث رائحة من الغرفة التي توجد فيها الطفلة المتوفاة، وتم إبلاغ إدارة المستشفى التي عملت فوراً على نقل جثة الطفلة إلى ثلاجة المعيصم، وفور ذلك تم تشكيل لجنة عاجلة مكونة من إدارة المستشفيات بالمنطقة والطوارئ والأزمات والطب الشرعي والجودة والرقابة الداخلية والشؤون القانونية والمتابعة الفنية للتحقيق في الواقعة، وتحديد مسؤولية كل من له علاقة بالواقعة لمساءلته ومحاسبة المقصرين وتم إبلاغ الجهات المعنية بذلك" بحسب التحقيق.

وطالبت وزارة الصحة جميع مستشفياتها بتطبيق أنظمة جديدة تضمن عدم تكرار ما حدث مستقبلاً، مؤكدة أنها لن تتهاون في اتخاذ أي عقوبات مستقبلا.

واعتبر عدد من الأطباء والمختصين في الشأن الصحي السعودي أن العقوبة التي صدرت بحق المديرين لا تكفي، لأنها اكتفت بتجريدهم من المنصب الإداري والإبقاء على مهامهم الأخرى، وشدد الطبيب في المستشفى العسكري، فهد القميزي، على ضرورة تشديد العقوبة قائلا لـ"العربي الجديد": "ما حدث كان إهمالا كاملا على كل المستويات، الإعفاء من المهام الإدارية لا يكفي، كان يجب إحالة مدير المستشفى للشؤون القانونية في وزارة الصحة ومحاسبته على الخطأ الفادح الذي ارتكبه بسوء إدارته للمنشأة الصحية".

ويضيف: "لا أحد يعرف كمية التلوث التي تسببت بها الجثة التي تعفنت لخمسة أيام، ولا عدد المرضى الذين دخلوا غرفة الطوارئ وتضرروا فيها".

وأكد المختص بالشأن الطبي السعودي، حازم البواردي، أن المدير المقال سيواصل عمله في مكان آخر لأن منصب المدير مجرد تكليف أضافي، وقال لـ"العربي الجديد": "ما حدث في المستشفى كان كارثة طبية وفضيحة بكل المقاييس، لم يكن هناك جديد في قرار وزارة الصحة، كانت إقالة المدير والمديرين المساندين أمرا متوقعا، ولكن الغريب الاكتفاء بذلك فقط، وكأن الخطأ كان عاديا، ما حدث كان سلسلة أخطاء حولت مستشفى كبيرا لفوضى عارمة، لا أصدق أن تتواجد جثة في غرفة طوارئ لخمسة أيام دون أن يلاحظها أحد، هذا يعني إهمالاً في الرقابة وإهمالاً في النظافة، وإهمالاً في الإدارة وإهمالاً في المتابعة، لهذا، فالإعفاء هو أقل ما يمكن توقعه".

وعانى المشهد الصحي في السعودية من مشاكل كثيرة، لم يفلح أربعة من الوزراء في أقل من عامين في إصلاحه، فرغم تجاوز ميزانية الوزارة 217 مليار ريال في العام، تقع مئات الأخطاء الطبية، وتخطف أرواح أكثر من 70 مريضا كل عام، وتصيب أضعاف ذلك الرقم بمشاكل مختلفة، بحسب تقرير رسمي أصدرته وزارة الصحة.

وارتكب 1759 طبيبا و1945 ممارس رعاية صحية أخطاء طبية في العام الماضي فقط، وهناك أكثر من 2400 قضية قدمت إلى اللجنة الطبية المختصة، واعتلت قائمة الأخطاء الطبية التي تحدث أثناء الولادة قمة القائمة بنسبة تقدر بـ70 في المائة، ووضح التقرير أن أعلى نسبة حالات أخطاء طبية هي للأطباء المصريين بنسبة 44 في المائة، يليهم السعوديون بنسبة 15 في المائة، والسوريون 9 في المائة والهنود 6 في المائة.

وبلغت الأخطاء الطبية التي هددت حياة المرضى في العام الماضي نحو 315 خطأ طبياً، وتم دفع أكثر من 12 مليون ريال كتعويضات عليها بمتوسط 38 ألفا عن الخطأ الواحد، كما أن هناك أكثر من 214 قضية ما تزال مرفوعة وقد تتجاوز قيمة التعويضات فيها العشرة ملايين ريال.

المساهمون