أعلن في العاصمة الأردنية عمّان اليوم الإثنين، عن ولادة "التجمع الوطني للتغيير"، والذي كان من المنتظر أن تقوده شخصيتان تتمتعان بسمعة وطنية وحضور سياسي، وصاحبتا خبرة في مسيرة العمل في الدولة الأردنية، وهما رئيسا الوزراء السابقان طاهر المصري وأحمد عبيدات، إلا أن الأول غاب اليوم، وسط ترجيح مصادر مطلعة بروز خلافات في الرؤى بين الأعضاء.
وأكد عبيدات، خلال مؤتمر صحافي عقد بمناسبة إطلاق "التجمع"، على ضرورة وجود نهج جديد للحكم في الأردن، يتبنى رؤية إنقاذ وطنية، تهدف إلى إعادة بناء مؤسسات الدولة القادرة على تحقيق العدالة بين الناس، وحماية المال العام والثروة الوطنية بقوة القانون ورقابة الشعب الفاعلة، وإنجاز تنمية سياسية واقتصادية واجتماعية مستدامة، فذلك هو الطريق الأمثل إلى تحقيق الأمن الوطني والقومي، ووضع حد لتشتت الانتماءات والولاءات على حساب الانتماء إلى الوطن.
وأضاف أن المواطنة الكاملة والمتساوية هي أساس العلاقة السوية والقابلة للاستمرار بين نظام الحكم والمواطنين الأردنيين، ولا مكان لأنصاف الحلول في هذه المسألة أو التعامل مع المواطنين باعتبارهم مجرد رعايا.
وتابع أنه "نظراً لما تعرض له الدستور الأردني من تعديلات أفقدته سماته الديمقراطية، وأخلت بالتوازن بين السلطات، فإن الضرورة تقتضي مراجعة شاملة لجميع مواده، بما يتلاءم مع متطلبات التحول الديمقراطي، ويحقق الفصل بين السلطات، كما يعزز استقلالها ويحدد اختصاصاتها في إطار تلازم السلطة والمسؤولية، ويضمن تداول السلطة بطريقة سلمية وتأليف حكومات تتمتع بالولاية العامة بطريقة مؤسسية".
وطالب "التجمع" بـ"إطلاق الحريات العامة ورفع القيود الأمنية والإدارية التي تعيق ممارستها، وفي مقدمتها حرية الفكر والرأي والتعبير وتكوين الأحزاب والاعتراف بالمعارضة الوطنية باعتبارها جزءاً أساسياً من النسيج السياسي للدولة".
وأضاف رئيس الوزراء الأردني السابق "نسعى لتبني سياسات وتشريعات اقتصادية ومالية وضريبية تحمي المواطنين من الفقر والبطالة والاستغلال، وتضمن توزيع الثروة الوطنية وعوائد التنمية بطريقة عادلة، واعتماد معايير ثابتة لضبط وترشيد الإنفاق العام لقطاعات الدولة المدنية والعسكرية، وفقاً لأولويات وطنية واضحة، وإخضاع هذا الإنفاق بشقيه لرقابة برلمانية ومؤسسية مستقلة فاعلة".
وأكد عبيدات أن "الحراك السلمي الملتزم بمصلحة الوطن واستقلاله يستحق الاحترام والدعم والمساندة"، محذراً "من اللجوء إلى أي إجراءات قد تتسبب بمزيد من الاحتقان، لأن تنامي الحراكات المطالبة بالإصلاح هو نتيجة حتمية لفشل المؤسسات الدستورية في التعبير عن حقوق المواطنين".
وتطرق عبيدات إلى القضية الفلسطينية، مؤكداً أنها "قضية عربية بامتياز، وهي بهذا المفهوم قضية وطنية أردنية، وأن أي مساس بالثوابت الوطنية لهذه القضية وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين، سينعكس سلباً على الأوضاع في الأردن بصورة مباشرة وغير مباشرة، وأي علاقة وحدوية يمكن أن تنشأ بين الأردن وفلسطين في المستقبل، يجب أن تقوم في شكلها ومضمونها ومداها على الإرادة الحرة المستقلة والاختيار الديمقراطي المتكافئ للشعبين الأردني والفلسطيني، وليس وفق أي معادلة إقليمية أو دولية".
وفي الوقت الذي برر فيه عبيدات غياب المصري، الذي اعتبره ركناً أساسياً من "التجمع"، بوجوده خارج البلاد لظرف صحي طارئ كما قال، رجحت مصادر مقربة من "التجمع" سبب هذا الغياب لوجود خلاف بين الأعضاء حول توقيت الإشهار، واختلافات في وجهات النظر تجاه بعض التفاصيل وبشأن بنيوية "التجمع"، ما أصاب المصري بالتردد، وهو من كان على الدوام قريباً من مؤسسات الحكم، وقد تولى منصب رئيس الوزراء ورئيس مجلس الأعيان سابقاً.
ويتضح من خلال مرتكزات "التجمع"، الذي ضمّ في طياته خليطاً من السياسيين بمختلف مرجعياتهم، سواء أكانوا يساريين أم وسطيين أم إسلاميين، أن لا جديد في طرحه أو مضمونه، بل أن ذات الأفكار والشعارات التي يرفعها هؤلاء السياسيون، تطرح اليوم من جديد، ولكن بصياغة مختلفة.