أعلنت المدارس الأهلية المسيحية في فلسطين الداخل، الإضراب المفتوح مع بداية السنة الدراسية في جميع مدارسها في المناطق المحتلة عام 1948. يأتي هذا في ظل تقليص وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية ميزانية المدارس من 75 في المائة إلى 29 في المائة، في السنوات الخمس الأخيرة.
ولم يقتصر الأمر على الإضراب، بل شارك الآلاف، أمس الأول، في تظاهرة أمام كنيسة البشارة في الناصرة، احتجاجاً على خطوة الوزارة.
ويبلغ عدد المدارس المعنية 47 مدرسة تضم 33 ألف تلميذ. وكانت وزارات التربية الإسرائيلية المتعاقبة قد اعتمدت في السنوات الأخيرة سياسة تؤدي إلى تجفيف هذه الصروح التعليمية. فشنّت حملة ممنهجة ضد هذه المدارس، وقلصت بشكل أحادي مخصصاتها. وكلّ هذا بهدف ضرب قدرتها المالية ودفعها إلى الإقفال.
ويعود تاريخ تلك المدارس إلى قرون خلت. ومنها مدرسة التيراسنطا التي افتتحت عام 1650. وهي تخدم جميع طوائف الشعب الفلسطيني في الداخل. كما تلعب دوراً في الحفاظ على الهوية الفلسطينية والقومية العربية واللغة. وكانت قد حصلت لأول مرة على تمويل من وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية عام 1975، بالتزامن مع تمويل المدارس اليهودية المتدينة. ومن أبرز خريجي هذه المدارس الكاتبة الفلسطينية مي زيادة التي درست في دير راهبات مار يوسف، والكاتب اللبناني ميخائيل نعيمة الذي تعلم في المدرسة المسكوبية الروسية للبنين، وآخرون كثر.
من جهته، يقول الأب عبدالمسيح فهيم، من مدرسة التيرسانطا في الرملة، إنّ المدارس المسيحية تشمل الكاثوليكية والمعمدانية والإنجيليكانية والأرثوذكسية، وتسمى شعبياً بالمدارس الأهلية. ويشير إلى أنّ هذه المدارس تطالب بالمساواة في الميزانيات، والنظم التعليمية، وحقوق المدرسين والتلاميذ، خصوصاً لجهة تقليص عدد التلاميذ في الصفوف إلى 28 تلميذاً، لا كحال اليوم مع وجود 39 تلميذاً في الفصل.
ويتابع: "بدأنا مباحثات مع الوزارة بخصوص مطالبنا قبل عام تحديداً، ولم تؤدّ إلى نتيجة. وتظاهرنا في مايو/أيار الماضي أمام مقر الكنيست. كما أعلنا الإضراب المفتوح مع بداية السنة الدراسية حتى ننال حقوقنا. فهل إضراب 33 ألف تلميذ لا يعني شيئاً أيضاً لوزير التربية؟".
بدوره، يقول مدير مدرسة المخلّص في الناصرة، عوني بطحيش، الناطق باسم المدارس المسيحية: "الوزارة تحاول هدم ومصادرة المدارس الأهلية بتقليص الميزانيات. المدارس الأهلية تعلم التلميذ تاريخه الحقيقي وتعرّفه على جذوره الفلسطينية. المدارس الأهلية تعمل على المستويين القومي والاجتماعي، بالإضافة إلى التعليمي، فقد احتضنت اللاجئين بعد النكبة وأقامت مدارس داخلية أمّنت السكن للتلميذات، خصوصاً اللواتي جئن من القرى خارج الناصرة، فرسالتها رسالة الكنيسة في احتضان الضعيف والمحتاج ومساعدتهما".
في حيفا يتعلم 70 في المائة من التلاميذ العرب في المدارس الأهلية المسيحية. ومدرسة راهبات الناصرة هي الأكبر من بينها، إذ تضم 1500 تلميذ من الروضة حتى الثانوي. يقول مدير المدرسة باسم جمال: "هذه المدارس خدمت وما زالت تخدم مجتمعنا العربي في البلاد بكافة أطيافه. وقد خرّجت الآلاف من الرجال والنساء الذين يشكلون عماد المجتمع العربي. نواجه اليوم أزمة حقيقية، فإذا استمر استهداف مدارسنا ستقفل هذه المدارس تدريجياً".
وبدوره، يقول الأستاذ المتقاعد في الكلية الأرثوذكسية في حيفا، فتحي فوراني، الذي درّس اللغة العربية طوال 31 عاماً: "اللغة العربية جزء من كياننا، ولها حساسيتها، خصوصاً مع استهدافها المستمر. المدارس المسيحية الأهلية التي تعتبر شبه مستقلة عن الوزارة تقع في دائرة الاستهداف الإسرائيلي، لأنّها تخرّج مثقفين عرباً يعرفون هويتهم ولغتهم".
من جهته، يقول المؤرخ جوني منصور: "تأسست هذه المدارس كإرساليات فرنسية وإيطالية وألمانية وروسية وغيرها، وحظيت بنوع من الحماية الدبلوماسية طوال قرون". ويتابع: "قبل النكبة كانت تدرّس بلغة أوطانها الأم. وكانت الكتب تُجلب من تلك الدول. وعند حصول المدارس على التمويل في منتصف سبعينيات القرن الماضي من وزارة التربية الإسرائيلية فرض عليها تدريس المناهج الإسرائيلية بكل المواضيع مقابل الدعم المادي. وبدأت الرقابة الإسرائيلية على المدارس مع جولات التفتيش".
يشير منصور إلى أنّ هذه الخطوة قلصت دور المدارس من ناحية، لكنّها من ناحية أخرى، تمكنت من الاستمرار والحفاظ على إطارها الثقافي العربي، والتوعية الوطنية الفلسطينية. ويصف منصور المستوى التعليمي لهذه المدارس بالمتفاوت. أما على مستوى القضايا الوطنية، فيقول: "معظم المدارس الأهلية تلتزم الإضراب في الأحداث الفلسطينية البارزة، ومن ذلك مذبحة صبرا وشاتيلا وغيرها". ويضيف: "بعد النكبة مباشرة نهضت المدارس الأهلية بالعملية التعليمية وأعادت بنفسها بناء جهاز التربية والتعليم".
إقرأ أيضاً: عنصريّة تهيّئ للعام الدراسيّ في أراضي 48
ولم يقتصر الأمر على الإضراب، بل شارك الآلاف، أمس الأول، في تظاهرة أمام كنيسة البشارة في الناصرة، احتجاجاً على خطوة الوزارة.
ويبلغ عدد المدارس المعنية 47 مدرسة تضم 33 ألف تلميذ. وكانت وزارات التربية الإسرائيلية المتعاقبة قد اعتمدت في السنوات الأخيرة سياسة تؤدي إلى تجفيف هذه الصروح التعليمية. فشنّت حملة ممنهجة ضد هذه المدارس، وقلصت بشكل أحادي مخصصاتها. وكلّ هذا بهدف ضرب قدرتها المالية ودفعها إلى الإقفال.
ويعود تاريخ تلك المدارس إلى قرون خلت. ومنها مدرسة التيراسنطا التي افتتحت عام 1650. وهي تخدم جميع طوائف الشعب الفلسطيني في الداخل. كما تلعب دوراً في الحفاظ على الهوية الفلسطينية والقومية العربية واللغة. وكانت قد حصلت لأول مرة على تمويل من وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية عام 1975، بالتزامن مع تمويل المدارس اليهودية المتدينة. ومن أبرز خريجي هذه المدارس الكاتبة الفلسطينية مي زيادة التي درست في دير راهبات مار يوسف، والكاتب اللبناني ميخائيل نعيمة الذي تعلم في المدرسة المسكوبية الروسية للبنين، وآخرون كثر.
من جهته، يقول الأب عبدالمسيح فهيم، من مدرسة التيرسانطا في الرملة، إنّ المدارس المسيحية تشمل الكاثوليكية والمعمدانية والإنجيليكانية والأرثوذكسية، وتسمى شعبياً بالمدارس الأهلية. ويشير إلى أنّ هذه المدارس تطالب بالمساواة في الميزانيات، والنظم التعليمية، وحقوق المدرسين والتلاميذ، خصوصاً لجهة تقليص عدد التلاميذ في الصفوف إلى 28 تلميذاً، لا كحال اليوم مع وجود 39 تلميذاً في الفصل.
ويتابع: "بدأنا مباحثات مع الوزارة بخصوص مطالبنا قبل عام تحديداً، ولم تؤدّ إلى نتيجة. وتظاهرنا في مايو/أيار الماضي أمام مقر الكنيست. كما أعلنا الإضراب المفتوح مع بداية السنة الدراسية حتى ننال حقوقنا. فهل إضراب 33 ألف تلميذ لا يعني شيئاً أيضاً لوزير التربية؟".
بدوره، يقول مدير مدرسة المخلّص في الناصرة، عوني بطحيش، الناطق باسم المدارس المسيحية: "الوزارة تحاول هدم ومصادرة المدارس الأهلية بتقليص الميزانيات. المدارس الأهلية تعلم التلميذ تاريخه الحقيقي وتعرّفه على جذوره الفلسطينية. المدارس الأهلية تعمل على المستويين القومي والاجتماعي، بالإضافة إلى التعليمي، فقد احتضنت اللاجئين بعد النكبة وأقامت مدارس داخلية أمّنت السكن للتلميذات، خصوصاً اللواتي جئن من القرى خارج الناصرة، فرسالتها رسالة الكنيسة في احتضان الضعيف والمحتاج ومساعدتهما".
في حيفا يتعلم 70 في المائة من التلاميذ العرب في المدارس الأهلية المسيحية. ومدرسة راهبات الناصرة هي الأكبر من بينها، إذ تضم 1500 تلميذ من الروضة حتى الثانوي. يقول مدير المدرسة باسم جمال: "هذه المدارس خدمت وما زالت تخدم مجتمعنا العربي في البلاد بكافة أطيافه. وقد خرّجت الآلاف من الرجال والنساء الذين يشكلون عماد المجتمع العربي. نواجه اليوم أزمة حقيقية، فإذا استمر استهداف مدارسنا ستقفل هذه المدارس تدريجياً".
وبدوره، يقول الأستاذ المتقاعد في الكلية الأرثوذكسية في حيفا، فتحي فوراني، الذي درّس اللغة العربية طوال 31 عاماً: "اللغة العربية جزء من كياننا، ولها حساسيتها، خصوصاً مع استهدافها المستمر. المدارس المسيحية الأهلية التي تعتبر شبه مستقلة عن الوزارة تقع في دائرة الاستهداف الإسرائيلي، لأنّها تخرّج مثقفين عرباً يعرفون هويتهم ولغتهم".
من جهته، يقول المؤرخ جوني منصور: "تأسست هذه المدارس كإرساليات فرنسية وإيطالية وألمانية وروسية وغيرها، وحظيت بنوع من الحماية الدبلوماسية طوال قرون". ويتابع: "قبل النكبة كانت تدرّس بلغة أوطانها الأم. وكانت الكتب تُجلب من تلك الدول. وعند حصول المدارس على التمويل في منتصف سبعينيات القرن الماضي من وزارة التربية الإسرائيلية فرض عليها تدريس المناهج الإسرائيلية بكل المواضيع مقابل الدعم المادي. وبدأت الرقابة الإسرائيلية على المدارس مع جولات التفتيش".
يشير منصور إلى أنّ هذه الخطوة قلصت دور المدارس من ناحية، لكنّها من ناحية أخرى، تمكنت من الاستمرار والحفاظ على إطارها الثقافي العربي، والتوعية الوطنية الفلسطينية. ويصف منصور المستوى التعليمي لهذه المدارس بالمتفاوت. أما على مستوى القضايا الوطنية، فيقول: "معظم المدارس الأهلية تلتزم الإضراب في الأحداث الفلسطينية البارزة، ومن ذلك مذبحة صبرا وشاتيلا وغيرها". ويضيف: "بعد النكبة مباشرة نهضت المدارس الأهلية بالعملية التعليمية وأعادت بنفسها بناء جهاز التربية والتعليم".
إقرأ أيضاً: عنصريّة تهيّئ للعام الدراسيّ في أراضي 48