تجري وزيرة التربية الجزائرية نورية بن غبريط، اجتماعات ماراتونية مع النقابات المستقلة للتوصل إلى حلّ قبل يومين من الإضراب المقرر يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، في حين يصطدم إضراب المجلس الوطني المستقل، كبرى نقابات التربية، المتواصل منذ أسابيع بقرار تكتل يضم 14 نقابة، إمهال الحكومة حتى إبريل/نيسان المقبل.
وقرر التكتل النقابي الذي يضم 14 نقابة تنشط في قطاعات الصحة والتربية والتكوين والجامعات والتوظيف العمومي في الجزائر، إشعار الحكومة بتنفيذ إضراب شامل في الرابع من إبريل/نيسان المقبل، وتنفيذ سلسلة اعتصامات، في حال لم تستجب السلطات لمطالب التكتل المتعلقة بتعديل قانون العمل. واعتبر اجتماع قيادات تلك النقابات، أن الإضراب خطوة تصعيدية تأتي بعد إضراب دام يومين، شنه التكتل في 12 فبراير الجاري.
وتطالب هذه النقابات المنضوية تحت التكتل النقابي الحكومة بالإسراع في تعديل قانون العمل، وتحديد المهن الشاقة المعنية بإمكانية التقاعد المسبق. ويرى نقابيون أن إرجاء التحركات الاحتجاجية المقبلة إلى الرابع من إبريل/نيسان المقبل، يستهدف منح الحكومة الوقت الكافي للتشاور والنظر في جملة المطالب المرفوعة.
وعلى خط ثانٍ، تباشر وزيرة التربية مفاوضات مع خمس نقابات مستقلة استباقا لإضراب تنوي تنفيذه يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، للمناداة بمطالب اجتماعية ومهنية متعددة. وبحسب مراقبين، فإن الوزيرة بن غبريط تسعى لإقناع النقابات بإلغاء الإضراب، لتجنب تعقيد الأوضاع في قطاع التعليم، لا سيما أن إضراب المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم يشكل الخط الثالث والأعقد الذي تواجهه الحكومة برمتها، وهو مستمر منذ أسابيع، وبلغ نقطة التأزم وتحول إلى مازق حقيقي يشغل الرأي العام في الجزائر.
وبخلاف توقعات غبريط بشأن التحاق مئات الأساتذة بأقسامهم اليوم الأحد، استجابة لنداءات التعقل"، أصر الأساتذة على الاستمرار في الإضراب، رغم تهديدات الوزيرة بفصلهم نهائياً من العمل.
وقال المتحدث باسم المجلس الوطني المستقل، مسعود بوذيبة، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الأساتذة مصرون على تحقيق مطالبهم مهما كانت النتائج والتصرفات الحكومية"، مشيراً إلى "أن الأساتذة لن يعودوا إلى فصولهم قبل تحقيق المطالب، ونحن ننتظر تدخلا من قبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة".
وجددت غبريط أمس السبت تهديدها بفصل الأساتذة المضربين اعتباراً من اليوم الأحد، تطبيقاً لقرار المحكمة الإدارية التي قضت بعدم شرعية الإضراب. كذلك هدد رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى الجمعة الماضي "بتطبيق سلطان القانون ووقف الفوضى"، لكن تنظيمات حقوقية حذرت من مغبة إقدام الحكومة على هكذا قرارات تعقد الوضع كثيراً.
ويطالب الأساتذة بتسوية ملفهم العالق في ولايتين، وتحسين خدمات طب العمل وتحيين منحة منطقة العمل في مناطق الجنوب والصحراء، وإيجاد صيغ لحل ملفي السكن والترقيات.
ومن المنتظر أن تكشف الساعات المقبلة عن تطورات هامة، مع ارتقاب تدخل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفك الأزمة بين الحكومة والنقابات، إضافة إلى الكشف عن مصير الآلاف من الأساتذة الذين هددت بن غبريط بفصلهم، خصوصاً بعد رفض التلاميذ متابعة الدراسة مع أساتذة جدد، تسعى الوزارة الى استخدامهم لتعويض غياب الأساتذة المضربين، وخرج تلاميذ ثانويات مدينة البليدة في مسيرة داعمة للأساتذة المضربين.
الأزمة بين الحكومة والأساتذة في الجزائر هي أخطر أزمة يشهدها قطاع التربية والتعليم في الجزائر منذ أكثر من عقد، خصوصاً بعد تكتل الحكومة والبرلمان وأحزاب الموالاة إلى جانب وزيرة التربية، مقابل تكتل النقابات المستقلة وقطاع واسع من الرأي العام في صف الأساتذة. ومع تباين المواقف يتمسك كل طرف بموقفه.