إصلاحات بن سلمان الاقتصادية بالأرقام: صدمة وخيبة ونتائج عكسية

23 مارس 2019
ما زالت نسبة البطالة مرتفعة بين الشباب السعودي(العربي الجديد)
+ الخط -
قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن خطط تنويع الاقتصاد السعودي الذي يعتمد على النفط خلقت مشاكل جديدة للسعوديين الذين بدأوا وشركاتهم يشعرون بألم التحول غير المؤكد.

وأضافت الصحيفة، اليوم السبت، أنه في العامين الماضيين، رفع ولي العهد محمد بن سلمان أسعار البنزين والكهرباء، وأدخل على المملكة العربية السعودية ضرائب جديدة ودفع العمال الأجانب إلى مغادرة البلاد لإفساح المجال أمام السعوديين.

ومع تباطؤ اقتصاد أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، تهدف هذه الإجراءات إلى تنشيط اقتصادها غير النفطي وتوفير دخل جديد لحكومة تعتمد في 87% من إيراداتها على صادرات النفط.

وأقر المسؤولون الحكوميون السعوديون بأن سياساتهم تسبب الألم الاقتصادي، لكنهم قالوا إن هناك حاجة لإصلاح الاقتصاد الذي تخفي فيه عائدات النفط مشكلات عميقة.


وقالت الصحيفة إن "النتيجة كانت صدمة لقطاعات خارج صناعة البترول، وخلقت تحديًا محليًا جديدًا للأمير محمد، البالغ من العمر 33 عامًا"، مشيرة إلى أن بعض السعوديين الذين التقتهم أكدوا أنهم غير راضين عن البرنامج الاقتصادي.

وقالت أم سعيد، البالغة من العمر 56 عامًا، في جدة، للصحيفة، إن "كل ما نراه هو الزيادات في سعر الغاز والكهرباء". وقالت: "كمواطنين، نحن لا نستفيد حقًا من أي منها".

وعلى نطاق أوسع، أعلنت الشركات السعودية هذا الشهر عن أرباح مخيبة للآمال لعام 2018، وبعضها الآخر يلوم الحكومة، فشركة المراعي العملاقة للألبان، أدرجت في تقريرها السنوي للمستثمرين العديد من تدابير الأمير الإصلاحية - بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة الجديدة بنسبة 5% وارتفاع تكاليف الطاقة - باعتبارها "عوامل سلبية" تسببت في انخفاض أرباحها في عام 2018 مقارنة بعام 2017.

وقالت شركة فواز عبد العزيز الحكير وشركاه، الشهيرة في مجال تجارة التجزئة، إنها ستغلق أكثر من 100 متجر في عام 2018، وإن صافي الدخل انخفض بنسبة 45% في الربع الأخير من عام 2018. ولم توضح الشركة النتائج.

وتشير الصحيفة إلى أن الاقتصاد السعودي أصبح يعاني أيضا من هجرة جماعية للعمال الأجانب، معظمهم من رجال الطبقة العاملة من جنوب آسيا والفيليبين، حيث إن أكثر من مليون عامل أجنبي غادروا المملكة منذ أن فرضت الحكومة ضرائب جديدة على الشركات التي توظفهم ورسوما جديدة على عائلاتهم للبقاء.

ومع انخفاض عدد الأشخاص الذين ينفقون الأموال، دخل الاقتصاد في الانكماش منذ يناير/كانون الثاني الماضي، وانخفضت أسعار العقارات بنسبة 15% في نهاية عام 2018 مقارنة مع بداية عام 2016، وفقا لأرقام الحكومة السعودية.

وتواجه السعودية رياحا معاكسة من الخارج، حيث يواجه بن سلمان انتقادات دولية لقتل الحكومة السعودية الصحافي جمال خاشقجي والحرب في اليمن، كما يواجه الاقتصاد انخفاضًا نسبيًا في أسعار النفط وإحجاما من المستثمرين الأجانب عن الاستثمار بالمملكة.

وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر 2.4 مليار دولار خلال ثلاثة أرباع عام 2018، مرتفعًا من أدنى مستوى له في 14 عامًا عندما بلغ 1.4 مليار دولار لعام 2017، ولكن أقل بكثير من المتوسطات التاريخية والرقم السنوي لعام 2016 البالغ 7.4 مليارات دولار.

ورغم قيادة السعودية لجهود أوبك للوصول لاتفاق خفض إنتاج النفط مع المنتجين المستقلين بقيادة روسيا، إلا أن سعر النفط ارتفع في المتوسط إلى 67 دولارا للبرميل منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو ما زال منخفضًا جدًا بالنسبة للرقم التعادلي للميزانية السعودية، التي تحتاج إلى ارتفاع الأسعار إلى ما يزيد عن 80 دولارا، وفقا لمعظم الاقتصاديين.

وقلصت شركة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث في لندن، توقعاتها لنمو الاقتصاد السعودي إلى ما يزيد قليلاً عن 1% لعام 2019، وبررت ذلك بانخفاض أسعار النفط وتراجع المبيعات، كما قلص صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو هذا العام إلى 1.8%، منخفضًا من 2.3% في عام 2018. ومن المتوقع أن يكون النمو الاقتصادي غير النفطي 2.1% هذا العام، منخفضًا من 2.2% في عام 2018، وفقا للصندوق.

وتوجد في السعودية واحدة من أكبر المجموعات السكانية الشابة في مرحلة العشرينيات من العمر، حيث يشكل الشباب تحت سن 30 عاما ما يقرب من 60% من عدد مواطنيها، وكثير من هؤلاء عاطلون من العمل، وتصل البطالة ضمن هذه الفئة إلى 25% تقريبا، ويشكل العمال الأجانب ذوو الأجور المنخفضة معظم القوى العاملة غير النفطية، بينما تشكل صناعة النفط 42% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 90% من إيرادات صادرات البلاد.

وقال مسؤولون سعوديون إن سياساتهم تهدف إلى معالجة هذه الاختلالات، مثل السماح بالإفلاس واتخاذ إجراءات صارمة ضد الأسواق السوداء، وفرض الرسوم والضرائب. وأكد مسؤول سعودي بارز للصحيفة أن الحكومة "تحاول تحقيق توازن هنا للتأكد من نمو سوقنا بشكل مستدام.. نحن نحاول التأكد من تنظيف الاقتصاد من أسفل إلى أعلى. هذه رحلة تحولنا".


تقول الخبيرة الاقتصادية في بنك "إتش إس بي سي HSBC"، رزان ناصر، للصحيفة، إن ميزانية عام 2019 تشمل الإنفاق القياسي، ومعظم الاستثمارات لا تزال تقودها الدولة وليس القطاع الخاص، ونما الاقتصاد السعودي أكثر اعتمادًا على عائدات النفط، وليس أقل من ذلك، متسائلة عما إذا كانت الحكومة السعودية ملتزمة بالإصلاح طويل الأجل، حيث تتعامل مع مشاكل قصيرة الأجل مثل ضعف عدد الوظائف.

وقالت: "حتى الآن كان أداؤهم متفاوتا"، مشيرة إلى أنه جرى "فرض ضرائب جديدة وخفض الدعم في حين ارتفع الإنفاق العام بشكل أسرع من الإيرادات غير النفطية"، حيث أدت الضرائب وخفض الدعم إلى تقويض حياة العديد من السعوديين، الذين يحصلون حتى الآن على العديد من الخدمات الأساسية والمدعومة بشكل جيد.
وتراجع الإنفاق الاستهلاكي السعودي في عام 2018، مع وصول ودائع البنوك السعودية إلى أعلى مستوى في خمس سنوات، وفقًا للبنك المركزي السعودي.

وقال أبو أحمد، وهو صاحب متجر لبيع البندق والجوز في أحد أسواق الرياض، للصحيفة، إن "العمل لم يعد كما كان من قبل، هذا أمر مؤكد... الناس بالتأكيد أكثر وعياً بإنفاقهم. في السابق، كان الناس يملأون جيوبهم ويذهبون للتسوق دون تفكير، والآن أصبح الأمر مختلفًا".

المساهمون