إصلاحات العبادي تصطدم بتدهور الأمن وتهديدات الخصوم

14 اغسطس 2015
سقط أكثر من 150 قتيلاً وجريحاً بالتفجيرات (الأناضول)
+ الخط -
بعد أقلّ من 48 ساعة على إقرار البرلمان العراقي لحزمة الإصلاحات التي أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وأقرّتها الحكومة بالإجماع، ضربت العاصمة العراقية بغداد، موجة عنفٍ أودت بحياة عشرات العراقيين، وسط تهديد "التحالف الوطني" بالانسحاب من العملية السياسية، في حال استمر العبادي بإصلاحاته التي أطاحت كبار رموز التحالف.

وتجسّدت أبرز مظاهر العنف باختراق شاحنة مفخخة حي الصدر المحصّن، شرقي بغداد، والمحاط بعدد كبير من نقاط التفتيش وانفجرت قرب سوق شعبي موقعة عشرات القتلى والجرحى. وأعلن مصدر في الشرطة العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن "الشاحنة المفخخة أدت إلى مقتل 39 شخصاً وجرح 106 آخرين، أغلبهم من أصحاب المحال التجارية والمتسوقين".

وأفاد شهود عيان من حراس السوق، لـ"العربي الجديد"، بأن "الشاحنة المخصصة لنقل اللحوم دخلت السوق في وقت متأخر من ليل الأربعاء ـ الخميس، ورُكنت وسط المحال التجارية". وأبدوا استغرابهم من الطريقة التي مرّت بها من نقاط التفتيش المكثفة عند مداخل السوق.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد خالد الشمري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "استهداف الشاحنة المفخخة لمدينة الصدر، التي ينتمي أغلب سكانها للتيار الصدري بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر، يشير إلى محاولة لإثارة الفتنة داخل تلك الأوساط، لوقف عجلة الإصلاحات التي باشر بها العبادي". ورأى أن "التفجير لا يحمل بصمات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي غالباً ما يستهدف الأسواق والتجمعات من خلال الانتحاريين والسيارات الصغيرة، التي يسهل تنقلها داخل العاصمة".

اقرأ أيضاً العراق: المالكي من نائب رئيس الجمهورية إلى مطارد قضائياً

وأشار الشمري إلى أنه "يتواجد أكثر من 13 نقطة تفتيش حول مدينة الصدر، فضلاً عن عناصر استخبارية وأجهزة كشف المتفجرات الحديثة، التي تستخدمها القوات العراقية". ورجّح أن "يكون هذا التفجير محاولة لإثارة مليشيات سرايا السلام وجيش المهدي، التي تعتبر مدينة الصدر معقلاً لها ضد حكومة العبادي، آملاً في إثارة العنف والفوضى، ووقف أو تأجيل تنفيذ الإصلاحات، التي طاولت عددا من رموز التيار الصدري".
وتزامن التفجير مع تصعيد القوات العراقية من وتيرة قصفها للمدن الخاضعة لسيطرة "داعش"، والتي أسفرت عن مجازر في كل من الفلوجة والرطبة والموصل، طاولت إحداها مستشفى للولادة، أمس الخميس، وسقط فيه 29 قتيلاً، هم 12 طفلاً وتسعة رضّع وثماني نساء.

سياسياً، فشل "التحالف الوطني" في الاتفاق على صيغة ترضي جميع الأطراف، خلال اجتماع عقده أمس بحضور زعيم "ائتلاف دولة القانون" نوري المالكي والعبادي. وقال قيادي في التحالف لـ "العربي الجديد"، إن "الاجتماع شهد مشادات كلامية بين المالكي والعبادي، بسبب قرارات الأخير التي ألغت مناصب نواب رئيس الجمهورية". وكشف أن "المالكي هدد بتقديم طعن إلى المحكمة الاتحادية، لعدم دستورية الإصلاحات الحكومية التي وافق عليها البرلمان".

وأشار القيادي الذي رفض الكشف عن هويته، إلى أن "عددا من أطراف التحالف هدد بالانسحاب من العملية السياسية وإثارة الشارع ضد الحكومة بحجة خرقها للدستور". ولفت إلى أن "قيادات التحالف حاولت تهدئة المواقف والوصول إلى صيغة توافقية، ترضي جميع الأطراف"، لكنه ذكر أن "رئيس الوزراء غادر الاجتماع بعد عجزه عن إقناع جميع الحاضرين بإصلاحاته".

واضطر مجلس الوزراء بذلك إلى تأجيل جلسة أمس حتى إشعار آخر، حسبما أفاد مصدر من داخل المجلس لـ"العربي الجديد". وبيّن المصدر أن "الجلسة التي كانت مقررة لإطلاق الحزمة الثانية من الإصلاحات، أُجّلت بعد اعتراض الكتل السياسية على قرارات جديدة للعبادي، يُقيل فيها بعض الوزراء ووكلاء الوزراء والمديرين العامين".

وقال إن "عددا من المحافظين أرسلوا برقيات اعتراض إلى العبادي، احتجاجاً على امتلاكه صلاحيات إقالتهم". وأكد المحافظون أنهم "مُنتخبون من الشعب، ولا يملك أحد حق إقالتهم غير الشعب". وأوضح المصدر أن "المحافظين لوّحوا بالانفصال عن الحكومة الاتحادية والدعوة إلى إنشاء الأقاليم".

وسبق أن أعلن القيادي في التيار الصدري بهاء الأعرجي، في وقتٍ سابق استقالته من منصبه كنائب لرئيس الوزراء، بعد شموله بإجراءات "إلغاء المناصب"، التي أقرّتها الحكومة وصوّت عليها البرلمان. وعقب صدور بيان من مكتب زعيم التيار مقتدى الصدر يدعو الأعرجي للاستقالة الفورية من منصبه، ويمنعه من السفر لحين انتهاء إجراءات التحقيق معه بقضايا فساد.

وفي سياق متصل، تحفّظت الكتل السياسية الكردية على إصلاحات العبادي. وقال عضو كتلة "التغيير" البرلمانية الكردية مسعود حيدر، إن "العبادي استغل موجة التظاهرات في محاولة لتعزيز التفرد بالحكم". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد" أن "الإصلاحات حملت عددا من الخروق الدستورية، خصوصاً ما يتعلق بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية".

كما أكدت رئيسة كتلة "الاتحاد الوطني الكردستاني" في البرلمان العراقي، ألا طالباني، لـ"العربي الجديد"، أن "البرلمان سيقوم بمراقبة تطبيق الإصلاحات التي أعلنتها الحكومة". وأشارت إلى "صعوبة التكهن بما سيجري في البلاد خلال الأشهر المقبلة"، ولوحت باحتمال "حلّ الحكومة في حال عجزت عن تنفيذ الإصلاحات".

اقرأ أيضاً: الاحتجاجات الجماهيرية في العراق .. المقدمات والتداعيات والآفاق

المساهمون