إصرار حكومي ونيابي مصري على إصدار تشريع معاد للعمال

03 نوفمبر 2017
خلال تحرك عمالي في مصر (فرانس برس)
+ الخط -
هاجمت حملة "الدفاع عن الحريات النقابية" في مصر، لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، في أعقاب إعلانها الانتهاء من مناقشات مشروع قانون المنظمات النقابية العمالية، تمهيداً للتصويت النهائي على مواده بجلسات البرلمان، الأسبوع المقبل، بهدف إصداره قبل زيارة لجنة منظمة العمل الدولية إلى مصر، المقررة في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي.

وقالت الحملة، في بيان لها، الخميس، إن اللجنة النيابية تتشكل غالبيتها من أعضاء اتحاد العمال (الرسمي)، المعينين بقرارات حكومية متوالية منذ العام 2011، مشددة على رفضها للقانون في صورته الحالية، بعدما ارتكز على مشروعين، أحدهما حكومي، والآخر قدمه النائب عبد الفتاح محمد، عن الاتحاد العام لنقابات العمال (حكومي).

ويحظر القانون تكوين نقابات عمالية موازية، غير الرسمية، مع وضع ضوابط مشددة لإنشاء أي نقابة جديدة، علاوة على منحه اتحاد العمال الحكومي حق وضع ميثاق الشرف للمنظمات النقابية، وإجراء انتخابات مجالس إداراتها خلال 90 يوماً من إقرار اللائحة التنفيذية للقانون، مع حظر التمويل الأجنبي لجميع التنظيمات العمالية.

وأوضحت الحملة، في بيانها، أنه "بغض النظر عن الفروق اللفظية، والشكلية، بين المشروعين، فإنهما يتفقان في إنكار الواقع الفعلي الحالي لأوضاع المنشآت العمالية، والحركة النقابية المستقلة، والفاعلة على الأرض، وفي صفوف العمال، التي تشكلت قبل وأثناء وبعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، بإرادة العمال، واختيارهم الحر".

وأضافت الحملة أن "المشروعين يتفقان في محاولتهما إضفاء شرعية قانونية على تنظيم نقابي واحد، تشكلت عضويته بالإجبار بمواقع القطاع العام، الذي تآكل خلال السنوات الأربعين الماضية، وفي الجهات الحكومية المسموح فيها بتشكيل نقابات"، فضلاً عن أنهما "وضعا عراقيل قانونية أمام إنشاء المنظمات النقابية، خوفاً من نمو وتطور الحركة النقابية، التي تواصل نضالها دفاعاً عن مصالح عمالها".

وأكدت حملة الحريات النقابية وحقوق العمال أن ما يجري الآن داخل البرلمان هو "أحد محاولات الحكومة، والمنتفعين، ممن تربعهم على قمة التنظيم النقابي المعين، للعودة إلى واقع تجاوزته الحركة العمالية والنقابية منذ سنوات، وفرض شرعيته بإرادة العمال الحرة، وأقره دستور مصر 2014، ومن قبله الاتفاقيات الدولية".

وتابعت: إنها "محاولة للعودة إلى سنوات شهدت فيها مصر عمالاً بلا نقابات، في مواجهة نقابات بلا عمال، ما يدفع المجتمع إلى مزيد من الانفجارات العشوائية من العمال، دفاعاً عن مصالحهم وحقوقهم المهدرة، في الأمان الوظيفي، والأجور، والحياة الكريمة، بدلاً من إفساح المجال لنقابات تمثلهم حقاً، وقادرة على التفاوض باسمهم، وإحداث التوازن بين أطراف العمل".

واتهمت الحملة الحكومة، والمنتفعين داخل البرلمان، بالمسؤولية عن "دفع المجتمع إلى المزيد من اختلال التوازن، وعدم الاستقرار، وتغذية منابع الإرهاب، بدلاً من تجفيفها، والإضرار بسمعة مصر الدولية، ومن ثم المزيد من الآثار السلبية على الاستثمار، وعلى الإنتاج، واقتصاد البلاد برمته".

وزاد البيان: "لا يجد أصحاب المصلحة في إصدار قانون معاد للحرية النقابية، والدستور، والاتفاقيات الدولية، وسيلة للدفاع عن أنفسهم، سوى بملء الدنيا ضجيجاً أجوف عن أنهم لن يسمحوا بتفتيت الحركة النقابية، وأنهم حريصون على وحدتها.. وفي الحقيقة هم يقصدون بها ذلك التنظيم الإجباري الهش، المنعزل عن العمال".

وأفادت الحملة بأن الواقع الفعلي يشهد شروع عمال مصر، خلال السنوات العشر الماضية، في تشكيل نقاباتهم المستقلة، التي تضع الأساس الحقيقي لحركة نقابية متحدة طوعياً، وبإرادة عمالية حرة، ومستقلة، قادرة على النمو والتطور والتخلص من السلبيات عبر مسيرتها النضالية، وليس بقانون حكومي يفرض التنظيم الواحد الإجباري.

وحذرت الحملة من إصرار الحكومة، واتحاد النقابات الحكومي، على إصدار التشريع المعادي للحرية النقابية، لأنه لن يفرز إلا قانوناً ميتاً منذ ولادته، يتسبب في الكثير من الأضرار الاقتصادية لمصر، باعتبارها أمام المجتمع الدولي والمستثمرين "غير ملتزمة بالحقوق النقابية، والاقتصادية، والاجتماعية للعمال، التي تضمنتها الاتفاقيات الدولية"، وبالتالي كونها "بيئة غير آمنة، أو مستقرة اجتماعياً".

وقالت الحملة إن "إنكار حقيقة تصاعد الصراع العمالي من أجل الأمان الوظيفي، والأجر العادل، وعلاقات العمل المتوازنة، والحياة الإنسانية، لا يعني أن هذا الصراع غير موجود"، وإن "التفكير المنطقي الوحيد يفرض الاعتراف به، وتنظيم مساره، بإطلاق الحرية النقابية، وليس بقمعها بقوانين ساقطة عمالياً، ودستورياً، ودولياً، أو بإجراءات تعسفية، أو أمنية، أثبت التاريخ فشل كل الأنظمة التي استخدمتها في مصر والعالم".

واختتم البيان بالتأكيد أن "نضال العمال لإنشاء نقاباتهم بحرية، أمر لا مفر منه، في مواجهة تحرير السوق، الذي أطلق جحيم الغلاء، وحرية رأس المال، بعد أن أبدع في نهب الثروات القومية، واتباع سياسات الفساد والإفساد"، منبهاً إلى أن النقابات عبر العهود المتعاقبة "لا تُنشئها الحكومات، أو القوانين، ولكن ينشئها العمال، وتأتي التشريعات لتقرها، وتنظم علاقتها بالدولة فقط. وما دون ذلك هو محض هراء مثير للسخرية أمام العالم".

المساهمون