يجيب الروائي السوري زياد عبد الله، قائلاً "ذهبت إلى روايتين أعجبت بهما، الأولى مترجمة والثانية بالإنكليزية وهذا بيان ذلك: استوقفتني روايتان الأولى "طائر الليل البذيء" لخوسيه دونوسو (دار المدى – ترجمة: بسام البزاز)، والثانية رواية جورج ساندرز "لينكولن في الباردو" Lincoln in The Bardo".
يتابع صاحب "كلاب المناطق المحررة" الصادرة مؤخراً "تغدو استعادتهما على شيء من المتاهة التي ألمّت بي حين قرأتهما، متاهة قادمة أولا من تتبع الراوي، مع دونوسو كان الأمر مدوّخاً، وأنا أتساءل مع تتابع الصفحات من هو هذا الراوي اللعين الذي يرميني بهذه العوالم، أي جنون هذا الذي يسرده، لأكتشفه للمرة الأولى في الصفحة 22 فإذا هي الخادمة إلا أن ذلك سرعان ما يتبدل مراراً على غفلة مني، ووعورة الرواية لا تعيق سحرها".
يضيف عبد الله "مع ساندرز كان الحزن قاتلاً بحق، وأسماء الشخصيات تأتي تحت ما ترويه، وهنا الرواة جميعاً أموات، واحتجت وقتاً لأتبين مصطلحاتهم وهم يسمون مثلا التابوت صندوق المرض، كذا الوثائق التي تحتويها الرواية، لا أعرف مدى تاريخيتها إلا أنها لأموات أيضاً".
يستدرك عبد الله "نعم بنية الرواية قاتلة والفتى ابن لينكولن الذي يتوفى جراء الحمى وهو في الثانية عشرة من عمره عالق في هذا "الباردو" - أو البرزخ ربما - من شدة حزن والده عليه، هل البرزخ حديقة مسوّرة؟".
بالنسبة إلى الروائي والمترجم المصري محمد عبد النبي، فيقول "أكثر كتاب قرأته وأحببته هو كتاب "صحوة الذكاء" لكريشنامورتي، وهو من ترجمة كنان القرحالي". أحببته "لأنني أحب جدو كريشنامورتي جداً ولأنه حافل بحوارات شيقة أجراها مع مجموعة من الناس حول العديد من الأفكار والهموم الإنسانية".
لكن هذا الكتاب الذي أحبه صاحب "في غرفة العنكبوت"، هو نفسه الكتاب الذي خيب أمله، عن ذلك يوضح "السبب في ذلك ترجمته الضعيفة وتكرار فصل كامل من فصوله بترجمتين مختلفتين دونما أي انتباه من جانب المترجم أو المحررين أو الناشر".
أما الشاعر العراقي مازن المعموري، فيقول تعدّ سنة 2017 بالنسبة إلي من السنوات المميزة على مستوى الإنجاز الشخصي، ولكن على مستوى القراءة، فقد تقع بين يديك مختلف الإصدارات لدور نشر مختلفة يومياً من الأصدقاء والأدباء والأسماء المهمة أو الجديدة، وفي كل مرة تجد أنك قد تورطت هنا أو هناك باقتناء كتاب غير ذي جدوى".
يكمل صاحب "جثة في بيت داكن"، أن الأهم "هو قراءتي ليوميات سليفيا بلاث ترجمة عباس المفرجي وإصدار دار "المدى" التي عودتنا دائماً على مختارات مهمة في مجال الترجمة، وقد كررت قراءتها لجمال أسلوبها وتأملاتها في الحياة والأدب".
ويضيف "كذلك هي الأعمال الكاملة "أوراق العشب" لوالت وايتمان بترجمة رفعت سلام من إصدارات "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، فقد كان جامعاً لكل النصوص دون اختيار شخصي للمترجم، وهو الأهم في تقديري للتعرف إلى مجمل التجربة ومراحل تطورها تاريخياً".
أما على مستوى الكتب التي خيبت الأمل، يقول المعموري: "فهي رواية "موت صغير" للكاتب السعودي محمد حسن علوان التي حصلت على جائزة البوكر العربية لعام 2017، حيث كنت آمل في نص مغاير وجديد من حيث البنية السردية والموضوع، إلا أني وجدت موضوعاً مستهلكاً لا يمت بصلة إلى تحولاتنا الخطرة ومحنتنا المعاصرة".
ويرى الشاعر إنها رواية "تاريخية لا تستحق جائزة "البوكر" لأنها ببساطة تحاول مناظرة رواية "قواعد العشق الأربعون" للكاتبة التركية أليف شافاق في ضوء تناولها شخصية صوفية عربية ذات بعد كوني وإنساني، وكنت أتمنى لو أنه تناول شخصية صوفية غربية كي تكون في مستوى التناظر الموضوعي في استدعاء التجارب الكبرى عالمياً".
يقول المترجم الجزائري مدني قصري "لاحظ الإنسان منذ القدم أن أحداثاً كثيرة في حياته ليست من قبيل "الصدفة"، وظل الموضوع غامضاً حتى منتصف القرن العشرين حين جاء كارل غوستاف يونغ الذي اكتشف أن التزامنية هي المبدأ الذي يربطنا بحدثٍ خارجي نشعر أننا متواصلون به مع الآخرين ومع الكون".
في سياق هذا المنظور الجديد، يشير إلى أن الكتاب الذي أعجبه عام 2017 كان "نبوءة الأنديز" (1993) أوّل رواية للكاتب الأميركي جيمس ريدفيلد؛ تروي قصة رجل يرحل إلى بيرو، بحثاً عن كتاب طلاسم غامضة، كان موضوعَ كل الأطماع، وهو الكتاب الذي سيُغيّر حياتَه رأساً على عقب. وهكذا تبدأ طقوس تلقينية سحرية، في شكل سعيٍ من عشر مراحل تؤدي من أعلى جبال الأنديز في قلب غابات الأمازون المطيرة إلى طريق وحْيِ الحياة".
يضيف قصري أن العمل الذي قرأه بالفرنسية "كُتب على شكل أمثال واستعارات، وفيه يُعلّم القراءَ كيف يلاحظون الإشارات التي تُرسلها الحياة إليهم بسخاء وبلا انقطاع، وعند كل منعطفٍ من منعطفات الكتاب كان الروائي يعيش تزامنيات مذهلة في حياته الخاصة، وهي التزامنيات التي كانت تأتي تلقائياً لتُغذي في كل مرة النقطة المحددة التي كان يرغب في إثباتها في روايته".
"رواية تُحدثنا عن رُؤىً حول معنى وجودنا الحقيقي، وتفسّر لنا مجرى نموّنا الروحي وهي تتضمّن عشر رؤى مستقبلية تهم كافة البشرية"، يختم قصري.
من جهته، يرى القاص الأردني نبيل عبد الكريم أن أفضل ما قرأ في العام المنصرم رواية "الأرض المنخفضة" لـ جومبا لاهيري، منشورات "مسكيلياني" وترجمة يارا البرازي، مشيراً أن "التفاصيل في الرواية تتحول إلى مشاعر، والمشاعر إلى تفاصيل. إحساس عميق ورهيب بالزمن في جريانه الذي لا يرحم، وسرد مُبكٍ وشفاف لآثاره المحفورة في المكان وفي الشخصيات".
يضيف "لا يمكن إدراك الخطأ والصواب في أفعال الشخصيات ومصائرها، فهي تفرّ من مصير حزين إلى مصير مصير حزين آخر. الأمومة والأبوة والبقاء في الوطن والرحيل عنه والحرية والتقاليد والعائلة والحب والكفاح، كلها خيارات إنسانية فردية لكنها لا تصمد أمام المرور العاتي للزمن الذي لا يسمح للإنسان أن يقبض على شيء ثابت".
ويلفت صاحب "مصعد مزدحم في بناية خالية" أن لاهيري لا تكف عن طرح "مسألة الهوية ومحاورتها في أعمالها كافة؛ ففي هذه الرواية كما في عمليها السابقين "ترجمان الأوجاع" و"السّمِيّ"، تعاين تمزقات الهوية الثقافية بين الشرق والغرب، وتبدو شخصياتها القادمة دائماً من إقليم البنجاب الهندي منفتحة تمام الانفتاح على الثقافة الأميركية، ولكنها منغلقة على جوهرها الشرقي في الوقت نفسه، فهي لذلك تعيش في منطقة برزخية من الوجود العذب والمعذب في الآن نفسه. أرواح شخصياتها هائمة ومشردة في عالمين متباينين ثقافياً وحضارياً".
يتابع "تتميز هذه الرواية عن العملين السابقين في تنقلها المستمر بين مدينة كلكتا الهندية ومدينة رود آيلاند الأميركية اللتين تفصل بينهما مسافة عشرة آلاف ميل. وبرغم تشابه الطبيعة في المدينتين، إلا أن كل شيء آخر فيهما متباين إلى حد التناقض. وتبدو رحلة الشخصيات بين المدينتين كالرحلة بين الجحيم والفردوس، ولكنها -الشخصيات- محمولة على هذه الرحلة لإعادة اكتشاف الجذور والتحولات التي طرأت على المكان والزمان، فهي رحلة ضرورية للتصالح مع ماضي الذات لكي تتمكن من المضي قدماً نحو المستقبل".
الشاعر والناقد فاروق يوسف يقول "تعجبني قراءة الكتب التي كتبت حبا بالكتابة بغضّ النظر عن الجنس الأدبي الذي تنتمي إليه، شعراً كان أم رواية أم نصاً مفتوحاً أم سيرة ذاتية، وكانت "تانغو الخراب" لكاتبها الهنغاري لاسلو كراسنا هوركاي في أفضل ما قرأت في 2017".
يلفت إلى أن "روعة هذه الرواية لا تكمن في موضوعها ولا في حبكتها بل في لغتها التي استطاع هوركاي أن يجعلها تتمثل كل ما يتخلل حياة كاملة من فشل وخيانة وانكسار وأحلام ضائعة لبشر منسيين، تُركوا في إحدى القرى من غير أن يجدوا لحياتهم معنى وكانوا في انتظار مخلص ما".
ويشير صاحب "لا شيء لا أحد" أن الرواية (303 صفحة) تُقرأ بصعوبة. ذلك لأن كل فصل من فصولها الاثني عشر هو عبارة عن سطر طويل، يقطع الأنفاس. في داخل ذلك السطر المتوتر المشدود تجري الأحداث وتُقام الحوارات ويتم الوصف من غير أن تُرخي تلك العناصر النص الذي ظل محتدماً حتى النهاية".
ويضيف "الكاتب الذي حصل على جائزة مان بوكر لعام 2015 قدم من خلال روايته نصاً عصياً على التبسيط والاختزال فتلك الرواية بقدر حسيتها بقدر ما هي رواية أفكار. وكم كان قوياً وبليغاً ذلك التحليل غير المباشر لفكرة سوء الفهم التي غالباً ما يقع البشر ضحية لها.
يختم يوسف بالقول "إن "تانغو الخراب" الصادرة عن دار التنوير كتاب يُقرأ غير مرة بالمتعة نفسها. إنه كتاب لا يُكتب بيسر. أما كيف حول المخرج العالمي بيلا تار تلك الرواية إلى فيلم سينمائي فذلك فعل مدهش ومحير حقاً".