أوصى المنتدى العالمي للمجلس العام للبنوك والمؤسسات الإسلامية المنعقد في تركيا بدعم البنوك الإسلامية عموماً، والتركية وسياساتها الاقتصادية على وجه التحديد، حيث تنامى هذا القطاع، إذ وصلت أصول المصارف التشاركية بتركيا حتى نهاية فبراير/ شباط من العام الجاري، إلى نحو 43 مليار دولار، في حين لم تزد عن 2.5 مليار عام 2005.
وقال رئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية التركية، محمد علي أقين، خلال المؤتمر الذي اختتم أعماله في اسطنبول اليوم الخميس، إن مجلسا استشاريا سيبدأ عمله خلال الأيام المقبلة بتقديم مساهمات تستهدف تحسين النظرة لقطاع الصيرفة الإسلامية وبالتالي نموه، لأن اسطنبول، بحسب رأيه، تسير بثبات لتكون مركزاً للمالية الإسلامية حول العالم، نتيجة امتلاكها أدوات مالية وتجارية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وأضاف أقين أن عدد فروع البنوك التشاركية في تركيا ارتفع من 292 فرعا في 2005، إلى ألف و37 فرعا العام الحالي. وسجلت المصارف التشاركية بين أعوام 2005 و2017 نموا بنسبة 27% لترتفع حصتها في القطاع المالي من 2.4 إلى 4.9%، بحسب المسؤول التركي.
ويرى الأكاديمي التركي جنكيز تومر، في حديث إلى "العربي الجديد"، أن إسطنبول تسير بخطى مدروسة لتكون عاصمة الصيرفة الإسلامية العالمية، إذ تم التأسيس لهذا القطاع منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، أيام الرئيس تورغوت أوزال، وتطورت كثيراً بعد وصول حزب "العدالة والتنمية" للسلطة عام 2002.
واعتبر الأستاذ في جامعة مرمرة أن بلاده تمتلك جميع مقومات الريادة بهذا القطاع، فمنذ عام 1984 دخلت المصارف الإسلامية لتركيا عبر "بنك البركة"، ثم مصرف "الفيصل" البحريني و"بيت التمويل الكويتي"، مشيراً إلى أن الشعب التركي لديه ثقة بالمصارف الإسلامية وخاصة التي تولدت من المصارف الحكومية، ومعظمه لا يميل للمصارف الكلاسيكية.
وأشار إلى أن الاستثمارات الإسلامية التي استقطبتها بلاده، والتي تزيد عن 60 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، عززت من قطاع المصارف الإسلامية وأسست للتأمين التكافلي الذي بدأته تركيا مطلع العام الجاري.
ويشير نائب رئيس الوزراء التركي السابق، محمد شيمشك، خلال تصريح سابق، إلى أنّ بلاده أعدت البنية التحتية لإطلاق نظام التأمين التكافلي من دون فائدة، لافتاً إلى أن النظام الجديد يعتبر خياراً بديلاً لأنظمة التأمين التقليدية، على اعتبار أنّ المواطن التركي يتوجس من التأمين الاجتماعي التقليدي نظرا لنسبة الفائدة.
وأوضح أن الأموال التي يدفعها المواطن مقابل التأمين لن تذهب إلى شركات التأمين، بل سيتم ادخارها في صندوق خاص يسمى "صندوق المخاطر"، يستفيد منه المشاركون، لافتاً إلى أنّ النظام الجديد سيساهم في رفع حجم رؤوس الأموال الأجنبية، ويجذب رؤوس أموال خليجية إلى تركيا، بجانب تقديم الخدمات للمواطنين الذين لا يفضلون الفائدة.
ويرى خبراء أن تركيا، منذ عام 1984 موعد افتتاح بنك "البركة ترك"، أول مصرف إسلامي بالبلاد، تؤسس لتكون مركزاً عالمياً للصيرفة الإسلامية، إذ يصل عدد البنوك الإسلامية حاليا إلى خمسة بنوك من أصل 52 بنكاً تركياً تتوزع بين 3 بنوك حكومية، و10 خاصة، و21 بنكاً أجنبياً، و13 مصرفاً استثمارياً، و5 مصارف إسلامية.
وبحسب مصادر رسمية تركية، شكل مجموع الأصول في البنوك الإسلامية التركية خلال العام الماضي، 5.10% من نسبة جميع أصول البنوك بتركيا، مقارنة بأقل من 4.5% عام 2016. كما زادت أرباح البنوك الإسلامية التركية 800 مليون ليرة تركية خلال العام الماضي.
وتسعى تركيا إلى تنويع السلع بالمصارف الإسلامية، إذ اتجهت، بعد القروض غير الربوية، إلى إصدار صكوك إسلامية، بدأها "الكويت بنك" عام 2010، ثم تبعته الخزانة التركية عام 2012 بإصدار صكوك بقيمة 1.5 مليار دولار، كما أصدر بنك "البركة ترك" صكوكا بقيمة 350 مليون دولار عام 2014، لتصل قيمة الصكوك في السوق التركية إلى أكثر من 8 مليارات دولار.
ويرى خبراء اقتصاديون أن المصارف الإسلامية بتركيا، إنْ لجهة موجوداتها التي لا تزيد عن 35 مليار دولار أو حصتها بالأرباح أو النشاط المصرفي، لا تتوازى مع مكانة تركيا الاقتصادية، لذا يتم التركيز اليوم على تنمية هذا القطاع وتنشيط أدائه.
وتسعى الحكومة التركية، بحسب الخبراء، لزيادة الصيرفة الإسلامية في أسواقها المالية وتطمح إلى أبعد من ذلك، إذ ترجو أن تتصدر التمويل الإسلامي في الشرق الأوسط، وجعل إسطنبول عاصمة الصيرفة الإسلامية، لأنها مهيأة أكثر من لندن.
كما تسعى الحكومة التركية لزيادة حصة التمويل الإسلامي من إجمالي السوق المصرفية بتركيا، والذي لا يزيد عن 6% اليوم، لكن القوانين التركية والتشجيع يسعيان إلى إيصاله لنحو 20% بذكرى مئوية تأسيس الدولة عام 2023.
في السياق، أعلن "البنك الإسلامي للتنمية"، اليوم، أنه يستهدف تقديم الدعم المالي للعديد من القطاعات التي من شأنها زيادة النمو الاقتصادي لتركيا، مثل البنى التحتية والطاقة والمواصلات والتعليم.
وقال وليد عبد الوهاب، المدير العام لعلاقات وخدمات الدول بالبنك، إن البنك منذ تأسيسه وحتى اليوم وفّر تمويلا بقيمة 11.2 مليار دولار لمشاريع في تركيا، واعداً بزيادة دعمه لتركيا في خطوة تستهدف مزيدا من التمويلات بعدما وصل إجمالي المشروعات التي أمّن تمويلها إلى 483 مشروعا حتى اليوم.