إسرائيل وراء قرار بريطانيا وقف المساعدات للسلطة الفلسطينية

13 أكتوبر 2016
حكومة نتنياهو تقدم دعماً مالياً سخياً للمتشددين (جيلي ياري/Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام إسرائيلية أن كلا من حكومة بنيامين نتنياهو والإدارة الأميركية تسمحان بدعم منظمات يهودية، تجاهر بالتحريض على قتل الفلسطينيين وتعلن سعيها لتدمير المسجد الأقصى، أثار قرار بريطانيا تجميد المساعدات السنوية للسلطة الفلسطينية ارتياحاً كبيراً في تل أبيب. واعتبرت أوساط إسرائيلية أن تبرير وزيرة التنمية الدولية البريطانية، بريتي باتل تجميد المساعدات التي يبلغ حجمها 25 مليون جنيه استرليني بالخوف من أن تصل الأموال إلى أيدي "الإرهابيين أو عائلاتهم" يكتسب أهمية خاصة. وقد تبين أن الحكومة البريطانية قد اقتنعت بالحجة الإسرائيلية القائلة بأن السلطة الفلسطينية تدعم "الإرهاب"، من خلال التزامها بتقديم مساعدات لعائلات الفلسطينيين الذين استشهدوا على أيدي جنود الاحتلال ولعائلات أسرى في السجون الإسرائيلية.

وأشارت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية إلى أن البريطانيين اقتنعوا بأن الدافع لدى الشباب الفلسطيني على تنفيذ العمليات، سيتعاظم في حال أدركوا أن عوائلهم ستحصل على مساعدات مالية إذا اعتقلوا أو استشهدوا بعد تنفيذهم، أو خلال محاولتهم تنفيذ عمل ضد إسرائيل. وقال القيادي في حزب "الليكود" أرئيل بلوشطاين إن بريطانيا كانت أول دولة تستجيب لمطالبة إسرائيل دول العالم اشتراط مساعداتها للسلطة "بوقف دعم الإرهاب والتخلي عن تمويل الإرهاب". وفي مقال نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم"، أول من أمس، اعتبر بلوشطاين أن بريطانيا أقدمت على هذه الخطوة بعد أن اقتنعت بـ"الأدلة" التي قدمتها إسرائيل بأن هذه المساعدات توجه لدعم "الإرهاب والتحريض على قتل اليهود". ودعا الحكومات الغربية إلى تبني الموقف الذي اتخذته بريطانيا ووقف تقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية. وزعم بلوشطاين أن توجيه أموال الدعم الدولي لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين يعكس "طابع سلم الأولويات" الذي يحكم توجهات السلطة الفلسطينية، ويدل على أن هذا يمثل "إسهاماً مباشرا" في دعم الإرهاب. وادعى أن الرواتب الشهرية التي تصرفها وزارة شؤون الأسرى التابعة للسلطة لعائلات الأسرى الذين يمضون أحكاماً بالسجن 30 عاماً أو أكثر تفوق بكثير ما يحصل عليه طبيب أو مدرس في الضفة الغربية أو قطاع غزة. وطالب الحكومة الإسرائيلية بأن توضح للحكومات الغربية بأنه في حال لم تقم السلطة بوقف "التحريض"، فإن إسرائيل لن تسمح بإيصال أموال المساعدات الغربية للسلطة.


من ناحيته، اعتبر الصحافي إيتمار آيخنر أن وصول تريزا ماي للحكم مثل نقطة تحول فارقة في العلاقات البريطانية ــ الإسرائيلية، وأن ماي حرصت دوماً على الالتزام "بدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أشار آيخنر إلى أن ماي تحمست عندما كانت وزيرة للداخلية لتعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات الاستخبارية مع إسرائيل، لا سيما في كل ما يتعلق بمواجهة الإرهاب والحركات الإسلامية الراديكالية، مشيراً إلى أن ماي دعمت بلا تردد إسرائيل خلال حربها على غزة في صيف 2014، معتبرة أن خروج إسرائيل للحرب كان "ممارسة لحقها في الدفاع عن النفس". وأوضح أن وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون يعد من أهم الشخصيات الداعمة لإسرائيل في بريطانيا، مشيرا إلى "الحرب" التي شنها جونسون عندما كان عمدة لندن على حركة المقاطعة الدولية (BDS) واتهامه قادتها في بريطانيا بأنهم "مجرد يساريين هامشيين بدون أدنى تأثير".

المفارقة أن القرار البريطاني بتجميد المساعدات للسلطة والرهان الإسرائيلي على دوره في وقف "التحريض" في مناطق السلطة جاءا بعد أن قدمت وسائل إعلام إسرائيلية أدلة على أن حكومة بنيامين نتنياهو تقدم دعماً مالياً سخياً لمؤسسات تحرض على قتل الفلسطينيين وتدعو إلى تدمير المسجد الأقصى. وأظهر تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" قبل أيام أن وزارة التعليم والشؤون الاجتماعية الإسرائيليتين تقدمان مساعدات مالية بعشرات آلاف الدولارات لمدرسة "يوسيف حاي" في مستوطنة "تل براخا"، القريبة من نابلس، والتي يديرها الحاخام إسحاق شابيرا الذي أعد قبل أعوام "مصنفاً فقهيا" يتضمن "الأدلة الفقهية" التي تجيز قتل النساء والأطفال الرضع من الفلسطينيين. وفي تحقيق آخر، ذكرت "هآرتس" أن وزارة التعليم الإسرائيلية تلزم مئات الآلاف من الطلاب سنوياً بزيارة مقر منظمة "معهد الهيكل"، في القدس المحتلة، وهي منظمة تجاهر بدعوتها لتدمير المسجد الأقصى، ويؤدي مديرها الحاخام يسرائيل هارئيل دوراً رائداً في التحريض على تدنيس الحرم القدسي الشريف. وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد أشارت إلى أن سلطات الضرائب الأميركية تعفي جمعيات يهودية أميركية من دفع الضرائب على تبرعات تجمعها لمنظمة "معهد الهيكل" وحركة "إليعاد" التي تعمل على تهويد البلدة القديمة من القدس.