حركة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات BDS العالمية، التي تعمل على مقاطعة إسرائيل، تدخل عامها الحادي عشر، وقد حققت نجاحات عديدة، من بينها إقناع العديد من الشركات العالمية بسحب استثماراتها من إسرائيل.
لكن في مقابل هذه النجاحات، تواجه الحملة حالياً هجمة شرسة من قبل إسرائيل وجماعات الضغط التي تقودها في الولايات المتحدة مثل منظمة "إيباك"، وغيرها.
وبات، في الآونة الأخيرة، إصدار قوانين لمكافحة مقاطعة إسرائيل أو حمايتها من حملات المقاطعة، آخر الأمور المنتشرة في كل من أميركا وكندا وبريطانيا. ففي أميركا يتسابق حكام الولايات لإجازة مثل هذه القوانين. وأصبحت ولاية جورجيا الواقعة في الجنوب الغربي الأميركي، في مارس/ آذار الماضي، الولاية السادسة في أميركا التي تصدر قانوناً لمكافحة مقاطعة اسرائيل، أو مكافحة ما يطلق عليه بالإنجليزية حركة "بي دي إس".
وحملة BDS لمناهضة العدوان الإسرائيلي تأسست في عام 2005 من داخل فلسطين وبموافقة أكثر من مائة مؤسسة غير حكومية في فلسطين. وأصبحت حملة BDS خلال السنوات الأخيرة مؤثرة في الغرب، حيث انضم إليها الطلاب وأساتذة الجامعات وجماعات التحرر المدني، التي تناصر بطرق سلمية وعبر المقاطعة الاقتصادية، المطالب القانونية للشعب الفلسطيني.
وفيما يصف أنصار إسرائيل الحملة بأنها تمثل إرهاباً اقتصادياً، يقول مناصرون للحقوق الفلسطينية في الجامعات البريطانية إنها تنتهج أسلوب عمل مدنياً وسلمياً.
وحسب أعضاء تتلخص مطالب حملة "بي دي إس" لمقاطعة اسرائيل في ثلاث نقاط رئيسية وهي:
أولاً: إنهاء احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية والعربية.
ثانياُ: المساواة بين المواطنين بغض النظر عن العرق والدين.
ثالثاً: احترام وتفعيل حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.
ويقول الدكتور، كمال حواش، الأستاذ في جامعة بيرمنغهام الواقعة شمالي إنجلترا، لـ "العربي الجديد"، إن من المضحك أن جماعات اللوبي الإسرائيلي في أميركا تطلب من المشرعين في الولايات المتحدة التصويت ضد حملة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس"، دون أن تشرح لهم ماذا تعني حملة "بي دي إس"، لأن شرحها سيدخلهم في إشكالية أخلاقية، إذ إن كل واحد من مطالب "حملة مقاطعة إسرائيل" مطلب قانوني وأخلاقي، تدعمه قوانين الأمم المتحدة وحقوق الإنسان.
ويضيف حواش أن المناهضين لحملات المقاطعة هم من يرفعون شعارات لا أخلاقية وغير قانونية وتدعم الاحتلال والعنصرية، وتطالب بمنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة.
ويقول صناع القرار الإسرائيلي إن حملة "بي دي إس" التي تتلخص حروفها في معاني "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل"، غير ناجحة.
لكن يلاحظ خبراء في الشأن الفلسطيني أن حكومة بنيامين نتنياهو، خصصت ميزانية لمكافحة حملة "بي دي إس" وعينت وزيراً لمحاربتها.
ويقول الدكتور حواش، لـ" العربي الجديد"، في مكالمة هاتفية، إن هذه الميزانية والوزير دليل واضح على نجاح هذه الحملة، وأن اسرائيل متخوفة منها، خاصة وأنها أجبرت العديد من الشركات الغربية على التخلي عن العمل في اسرائيل أو سحب استثماراتها، بسبب الخسائر التي تعرضت لها.
وقد خصصت حكومة نتنياهو 100 مليون شيكل (حوالى 26 مليون دولار) لمكافحة حركة المقاطعة على العديد من الجبهات. وتستهدف الحملة المؤسسات الأكاديمية والهيئات التشريعية على الصعيدين الوطني والإقليمي والمحلي.
وحسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أنكتاد)، فقد انخفض حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الاقتصاد الإسرائيلي خلال عام 2014 بنسبة 46% مقارنة مع عام 2013.
وعزت إحدى معدات التقرير هذا الانخفاض الحاد إلى نشاط حركة المقاطعة (BDS) ومجزرة غزة، فيما توقعت مؤسسة (راند) الأميركية الهامة أن تلحق حركة المقاطعة خسارة بالناتج القومي الإسرائيلي، بنسبة تتراوح بين 1-2 %، أي بين 28 و56 مليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
كما أشار البنك الدولي إلى أن الصادرات الإسرائيلية إلى السوق الفلسطينية انخفضت في الربع الأول من 2015 بنسبة 24%.
كما بدأت شركات تصنيع السلاح الإسرائيلية تشكو من "أزمة" حقيقية في المبيعات، جرّاء تراجع سمعة إسرائيل في العالم، حيث أظهرت الأرقام مؤخراً انخفاض صادرات الأسلحة الإسرائيلية من 7.5 مليارات دولار عام 2012 إلى 5.5 مليارات دولار في عام 2014.
ومن بين الشركات، التي أجبرتها حملة مقاطعة اسرائيل على الانسحاب، شركة (فيوليا) الفرنسية للبنى التحتية والتي انسحبت من كل مشاريعها مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في 2015 بعد حملة مقاطعة ضدها انطلقت في عام 2008.
وفي بداية العام الجاري انسحبت شركات اتصالات عالمية كبرى من السوق الإسرائيلية بعد حملة مقاطعة قوية قادتها (BDS) ، كذلك في 2016، سحبت أكبر شركة أيرلندية لمواد البناء كل استثمارها في شركة الإسمنت الإسرائيلية (نيشر).
كما قرر صندوق الاستثمار التابع للكنيسة الميثودية الموحدة، وهي من أكبر الكنائس البروتستانتية في الولايات المتحدة، سحب جميع استثماراته من البنوك الإسرائيلية في بداية 2016، بينما قررت في 2015 كنيسة المسيح الموحدة سحب استثماراتها من الشركات المتورطة في الاحتلال.
وتلاحقت خسائر شركة (صودا ستريم) الإسرائيلية حتى اضطرت إلى إغلاق مصنعها في مستعمرة (معاليه أدوميم) في الضفة الغربية المحتلة، ونقله إلى مصنع جديد في النقب. كما سحبت صناديق التقاعد في النرويج استثماراتها من إسرائيل.