إسرائيل: ردّ حزب الله سيكون بالمخدّرات

28 فبراير 2014
المعضلات الأمنية الإسرائيلية في الشمال لا تزال على حالها
+ الخط -

بعدما تخلت الصحف الإسرائيلية عن نظرية "هامش النفي"، وانتقلت للحديث عن الميزان الهش عند مقاربتها العلاقة بين اسرائيل وحزب الله، تحدّثت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الجمعة، عن حرب جديدة يخطط لها حزب الله انتقاماً من اسرائيل عبر إغراقها بالمخدرات.

ونقل موقع الصحيفة العبريّة، في خبره الرئيسي، عن مصادر استخباراتية شرق أوسطية، وصفها بأنها موثوقة، أن حزب الله بدأ أخيراً بناء شبكة خاصة به لتهريب وتوزيع المخدرات، وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل.

وبحسب المصادر الاستخبارية التي يعتمدها الموقع، فقد باشر الحزب بالعمل على طرفي الحدود بين لبنان وفلسطين لتوزيع المخدرات ونشرها، وفق أوامر قياداته العليا وبالاستعانة بجهازه التنفيذي من خلال وحدة خاصة أقيمت لهذه الغاية بالتحديد.

ويعتزم الحزب، بهذه الطريقة، شن حرب "هادئة"، بدأها قبل موجة التوتر الأخيرة مع إسرائيل، التي جاءت بعد القصف الإسرائيلي الأخير لشاحنات تنقل أسلحة على الحدود السورية ــ اللبنانية، لكن من شأن هذه الحرب أن تتحول إلى جزء من "الانتقام" الذي وعد به الحزب أخيراً.

ومع أن لجوء الحزب إلى سلاح المخدرات ونشرها وتهريبها إلى اسرائيل، ليس بالأمر الجديد، بحسب الصحيفة، إلا أن هدف "الحرب الهادئة" هذه المرة، هو إفساد المجتمع الإسرائيلي وإغراقه بالمخدرات من جهة، وتحقيق مكاسب مالية عالية عبر تهريب المخدرات، والاستعانة بشبكة التهريب اللوجستية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل، عندما يقرر الحزب ذلك، مع إبقائه بعيداً عن الواجهة ومن دون بصمات تشير إليه.

تكرار تجربة التسعينيات

ويهدف الحزب، عبر خطته هذه، إلى تكرار نجاحه الذي حققه في هذا المضمار، عندما جمع معلومات قيّمة عن مواقع وأهداف إسرائيل، من تجار مخدرات إسرائيليين تعاملوا معه في تسعينيات القرن الماضي، إذ عرض تجار المخدرات اللبنانيين، المرتبطين بالحزب، مكافآت مالية عالية مقابل معلومات وخرائط إسرائيلية وصور على التجار الإسرائيليين. وتبين الصحيفة أن جزءاً كبيراً من هذه الصفقات تمّ في قرية الغجر اللبنانية التي تحتل إسرائيل نصفها، وهي الطريقة التي تم عبرها استدراج الإسرائيلي، إلحنان تينيباوم، لأسره على يد الحزب.

وبحسب المعلومات الإسرائيلية، فإن حزب الله يعتزم هذه المرة، خلافاً للماضي، بناء شبكة ثابتة لحلقات اتصال في اسرائيل، والبحث عن قنوات ومسارات تهريب آمنة نسبياً، تخدم شبكته العسكرية، وهو عملياً مسار جديد يعتزم الحزب سلوكه في حربه المقبلة مع إسرائيل، من دون أن يتورط حالياً بمواجهة فعلية.

وتنسب الصحيفة الإسرائيلية المشروع الجديد إلى القائد الحالي لجهاز العمليات في حزب الله، مصطفى بدر الدين، والذي يعتبر خليفة عماد مغنية، والقائد العسكري الأعلى للحزب اليوم، وقد عُهد بهذه المهمة، حسب "يديعوت أحرونوت"، للوحدة 1800 التابعة لحزب الله، والمسؤولة عن تجنيد وتمويل العلميات ضد أهداف إسرائيلية خارج اسرائيل وفي بلدان عربية مجاورة، مثلما حدث عام 2002، عندما أرسل الحزب خلية فلسطينية عبر الحدود اللبنانية قرب "كيبوتس"، وقام أفراد الخلية بقتل 5 إسرائيليين يومها.

وتدّعي الصحيفة أن حزب الله يملك شبكة أخرى نشطت في سيناء. كما أن الفلسطيني قيس عبيد كان قد تجند لصالح حزب الله عبر الوحدة 1800 نفسها، التي تسعى أيضاً إلى تجنيد المزيد من الفلسطينيين من الداخل لإقامة الشبكة الجديدة، بعدما تمكنت من تجنيد عدد من "نجوم" تهريب الحشيش اللبنانيين، ومجموعة جديدة غير معروفة منهم.

حشيش سوري بجودة عالية

ولعل أكثر الأمور إثارة في تقرير "يديعوت" هو الإشارة إلى مصدر الحشيش، إذ تقول الصحيفة إنه سوري معروف بجودته العالية، وموجود اليوم تحت تصرف الحزب، بعدما تقطعت السبل بتجار الحشيش لتصديره إلى أوروبا بفعل الثورة السورية، لكن زراعته وإنتاجه يتواصلان بلا توقف، حيث تتراكم كميات الحشيش في المخازن، ويتمكن مقاتلو حزب الله، عبر علاقاتهم مع مزارعي الحشيش وتجاره في سوريا، من الحصول على كميات كبيرة منه. وتوفر الثوّرة، وتحركات مجموعات الحزب وجنوده من وإلى سوريا، فرصة لمقاتلي الحزب لنقل كميات الحشيش إلى لبنان، ما أدى إلى وجود فائض من الحشيش قرر الحزب تحويله من عبء إلى كنز استراتيجي واقتصادي عبر بيعه لتجار إسرائيليين، بأسعار مربحة للطرفين، في مقابل المال والتعاون مع الحزب، لا سيما بعدما قلّصت إيران في العام الماضي حجم الدعم المالي للحزب بفعل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من جهة، والحاجة لتمويل بقاء نظام الأسد من جهة ثانية.

الرد العسكري

في المقابل، اختار المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، التركيز على "الرد العسكري القادم"، معتبراً أن نصر الله، خلافاً للرئيس بشار الأسد، لن يسكت على الغارة الأخيرة. ويقول برئيل إنه طالما كانت الهجمات الإسرائيلية تطال الأراضي السورية، إذ كان بالإمكان دائماً الركون إلى أن الأسد سيغض الطرف، ولن يسارع إلى الرد عليها، ولكن "نصر الله مختلف عن الأسد".

ويرى برئيل أن حزب الله، وإن كان جزءاً من محور، إلا أن اعتباراته تختلف، لا سيما في ظل وجود صحافة حرة في لبنان تسارع دائماً إلى كشف ما تعرفه، خصوصاً تلك المعادية للحزب، إضافة إلى كون الغارة الأخيرة استهدفت أهدافاً لحزب الله داخل الأراضي اللبنانية، ما يجعل الهجوم الإسرائيلي مختلفاً كلياً عن الهجمات الست التي نفذتها إسرائيل في العام الماضي. وإذا كان الأسد قد سكت عن ثلاث هجمات نفذت على أراضيه، قبل الثورة السورية، وهي قصف المفاعل الذري في دير الزور، واغتيال عماد مغنية، واغتيال الجنرال السوري محمد سليمان، فقد أعلن حزب الله أن الحساب مع إسرائيل مفتوح، وقام الحزب بعمليات عدة، عدا التي تم إحباطها منذ فبراير/شباط 2008. مع ذلك، "لا يمكن القول إنه تمت تصفية الحساب نهائياً"، بحسب برئيل.

كما أن إسرائيل ضاعفت أخيراً الحراسة المفروضة على مسؤولين إسرائيليين كبار، في ضوء تقديرات بأن حزب الله لا يزال يتحين الفرصة لتنفيذ عملية اغتيال. ولا يزال للحزب جرح مفتوح سببه اغتيال القيادي في الحزب حسن اللقيس، بحسب المصدر نفسه.

وبحسب برئيل فإن المعضلات الأمنية التي تواجهها إسرائيل في الشمال، ظلت على ما هي عليه، ولم يتم حسمها هذا الأسبوع، فاحتمالات المواجهة لا تزال قائمة مع حزب الله في لبنان، ومع التنظيمات السلفية المتطرفة وأيضاً مع "حماس" في الجنوب.

وإذا كانت سياسة إسرائيل تقضي بعدم الدخول في مواجهة عسكرية واسعة ضد تعاظم قوة دول أو منظمات معادية، إلا أن استمرار تزوّد حزب الله بالسلاح النوعي يزيد من حدة معضلاتها الأمنية، إذ قدّر رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، أفيف كوخافي، الشهر الماضي، عدد الصواريخ بحوزة حزب الله بـ 100 ألف صاروخ، مشيراً إلى أن المشكلة ليست في الكم، وإنما بمدى هذه الصواريخ ونوعيتها. وأكثر ما يقلق إسرائيل، هو حيازة الحزب لصواريخ "ياخونط"، القادرة على تحقيق إصابات دقيقة من مسافة 300 كيلومتر تتجاوز ضرب السفن البحرية وتستطيع ضرب البنى القائمة على السواحل الإسرائيلية.

وكان قائد القاعدة البحرية في حيفا، العميد إيلي شربيط، قد كشف قبل حدوث الغارة الأخيرة بيوم واحد، في لقاء مع صحافيين أجانب، أن سلاح البحرية الإسرائيلي ينطلق في نشاطه من قاعدة أن كل سلاح متوافر لسوريا، متوافر أيضاً لحزب الله. ويرى الجيش الإسرائيلي خطورة كبيرة في امتلاك حزب الله لصواريخ "ياخونت" القادرة على تعطيل وشل حركة الموانئ الإسرائيلية وحركة الملاحة البحرية فيها، خصوصاً في ضوء تهديدات حزب الله في العام 2006 بفرض حصار بحري على اسرائيل في حال قيامها بفرض حصار بحري على بيروت.