إسرائيل تهوّل خطر "داعش" داخل فلسطين

11 سبتمبر 2014
الاحتلال يهوّل بـ"داعش" لضرب الفلسطينيين (موسى الشاعر/فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

لا تقبل إسرائيل بمرور أي استراتيجية عالمية قبل استغلالها بكل صورها، وهو ما تحاول فعله منذ فترة في ظل القلق العالمي من تنظيم "الدولة الإسلامية" والتكاتف من أجل محاربته؛ خطر استغلته للتهويل بأنها تواجهه لضرب المقاومة الفلسطينية؛ وبعد المحاولة الفاشلة للتشبيه بين حركة "حماس" و"داعش"، لجأت إلى مزاعم تقول بأن مؤيدي التنظيم تسللوا إلى صفوف الفلسطينيين والأراضي المحتلة.

وذكرت صحيفة "هآرتس"، في عددها الصادر صباح اليوم الخميس، أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عقد مساء أمس، بحضور كبار الوزراء، باستثناء وزير الأمن موشيه ياعلون، الذي يزور أذربيجان حالياً، جلسة طارئة للبحث "في سبل مواجهة (داعش) وعدم تسلل التنظيم أو عناصر تابعة له إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسبل منع تشكيل خلايا مؤيدة للتنظيم".

ونقلت الصحيفة عن موظف مسؤول لم تكشف عن هويته، قوله إنّ الجلسة عُقدت بمشاركة كل من وزير الأمن الداخلي، يتسحاق أهرنوفيتش، ووزيرة العدل تسيبي ليفني، ورئيس "الشاباك" يورام كوهين، والمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية.

وعلى الرغم من محاولات التهويل، فإنّ الصحيفة أشارت إلى أنّ أجهزة الأمن الاسرائيلية لا تملك حالياً أية معلومات عن وجود تنظيمات وخلايا تابعة لتنظيم (داعش)، ولا أية بنية تحتية، وأن أقصى ما يمكن الإشارة إليه في هذا السياق هو "مظاهر لتأييد تنظيم" الدولة الإسلامية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

في المقابل، أعلنت وزيرة العدل الإسرائيلية، أمس، عزمها على تقديم مشروع قانون يحظر التعاطف مع (داعش) أو إقامة خلايا تابعة له، ويتيح هذا القانون لسلطات الاحتلال وسائل قانونية لمحاكمة أي مواطن إسرائيلي أو فلسطيني ينضم للتنظيم. وبحسب ليفني، فإن "القانون سيتيح للدولة محاكمة كل مواطن إسرائيلي ينضم لمنظمة إرهابية مسلحة لها أيديولوجية إسلامية متطرفة، لأن هذا ما يجب القيام كأداة دفاعية لمواجهة الإرهاب، وهذا ما تقوم به كل دولة غربية اليوم، الإرهاب لن يأتي إلينا".

وأضافت ليفني أن التشريع في هذا السياق مهم ويساعد في مواجهة (داعش) على المستوى الداخلي، ولكن يجب على كل من يتحدث عن أخطار (داعش) أن يقدّم الحلول، على حدّ تعبيرها.

وإذا كان نتنياهو يستعمل "داعش" للترويج لمحاولات التهرّب من استحقاقات المفاوضات مع الفلسطينيين من جهة، والعمل من أجل تجنيد دعم ضدّ حركة "حماس"، من جهة ثانية، فإنّ ليفني تستغل هي الأخرى "خطر داعش" لتروّج، تماماً كما فعلت في سياق العدوان على غزّة، لطروحاتها السياسية بالسعي إلى إطلاق مبادرة تسوية سياسية مع السلطة الفلسطينية لبناء محور قوي "مع الدول العربية التي يهدّدها إرهاب تنظيم الدولة الإسلامية".

وقالت ليفني في هذا السياق إنه "بدون عملية سياسية لن نتمكن من بناء مثل هذا الحلف، العملية السياسية ستساعدنا على محاربة الإرهاب الذي يحذر الجميع من أخطاره، والذي لا يريد حل النزاع هو الذي سيقودنا في نهاية المطاف إلى صراع مع قاطعي الرؤوس".

غير أنّ المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أبدى عدم اقتناعه بهذا التهويل الذي بدا له مصطنعاً، مشيراً إلى أنه إذا كان نتنياهو قد سعى من وراء عقد جلسة الأمس إلى لفت الأنظار عن المشاكل الداخلية، ولاسيما في مجال الاقتصاد، والفوز بعنوان صحافي، أو إلى تحديد أجندة إعلامية مغايرة للواقع، فقد أفلح في ذلك.

لكن واقع الحال، تابع هرئيل، يفيد بأن خطر "داعش" لا يزال بعيداً عن إسرائيل، ولا توجد في هذه المرحلة أية بوادر أو علامات لامتداد التنظيم لا بين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية ولا في صفوف العرب في إسرائيل. واعتبر أنّه "بالرغم من بعض مظاهر التطرف لدى الحركات الإسلامية في الداخل الفلسطيني، على خطورتها، فإن التنظيم لم يصل هنا بعد، وهو غير موجود لا في أم الفحم ولا في المسجد الأقصى ولا في غزة".

ورأى هرئيل أن "السيرك "العالمي والإعلامي حول "داعش" لا مبرر له في نهاية المطاف وهو يخدم أصلاً أهداف التنظيم، وبالتالي فليس هناك ما يدفع إسرائيل إلى الانضمام لهذا السيرك، خصوصاً أن التنظيم لا يضع إسرائيل في حساباته في المرحلة الحالية على الأقل، وقد سبق للمجتمع الدولي أن واجه تنظيماً ومنظمات مشابهة".

واعتبر أنه لا تنقص إسرائيل أخطار تهدد أمنها، في المنطقة، فقد اجتازت صيفاً في ظلال حرب ليس مؤكداً ألا تندلع مجدداً مع "حماس" عند نهاية الشهر الجاري، كما أن الخطر الإيراني لا يزال ماثلاً ولم تتم إزالته من جدول الأعمال، على حدّ قول المحلل الإسرائيلي.

المساهمون