ونوّه التحقيق الذي بثته قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، الذي عُرض الخميس الماضي، إلى أنّ ما ساعد على جعل أوغندا محطة رئيسة لنقل السلاح الإسرائيلي للمليشيات والعصابات المتناحرة في أفريقيا، أنها ترتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، إلى جانب استقرارها النسبي، الذي مكّن تجار السلاح من العمل بحرية، ودون الخوف من التقلبات السياسية التي يمكن أن تفضي إلى المس بمصالح التجار.
وأشار التحقيق إلى أن تجار السلاح الإسرائيليين استفادوا من موقع أوغندا الذي يتاخم دولاً تشهد نزاعات قبلية وتعاني من حالة انعدام سياسي وسلطوي طويل؛ مما زاد الحاجة إلى توريد السلاح. وأوضح أن تجار السلاح الإسرائيليين ينقلون السلاح إلى ميليشيات تعمل في جمهورية الكونغو التي تقع للغرب من أوغندا وتتصارع فيها عصابات قبلية، وإلى جنوب السودان، التي تحتدم فيها حرب أهلية طاحنة.
وأضاف أن تجار السلاح الإسرائيليين ينقلون السلاح إلى رواندا التي تقع جنوب أوغندا، والتي تنشط فيها الكثير من العصابات القبلية. وأوضح أن جميع العصابات التي تتلقى السلاح الإسرائيلي متهمة بارتكاب جرائم حرب ضدّ الإنسانية بسبب الفظائع التي ترتكبها ضد خصومها.
وبحسب التحقيق، فإن تجار السلاح، ومعظمهم ضباط كبار في الاحتياط، يعملون بحرّية كبيرة داخل أوغندا، مشيراً إلى أن السلطات الأوغندية لا ترى أية مشكلة في عملهم. وقد أجرت القناة مقابلة مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفي، الذي لم يبد أي امتعاض حيال عمل تجار السلاح وحقيقة أن السلاح الإسرائيلي يصل إلى مليشيات ترتكب جرائم وحشية. ولفت التحقيق إلى أن جميع العاملين في مجال تجارة السلاح يحصلون على أذونات من وزارة الحرب الإسرائيلية. وكشف أنه إلى جانب جلب السلاح، فإن بعض تجار السلاح يديرون شركات أمنية لتدريب عناصر المليشيات على استخدام السلاح والفنون القتالية.
وأشار التحقيق نفسه إلى أنّ هذه الشركات تعتمد على ضباط إسرائيليين خدموا في وحدات خاصة، مثل وحدة "مكافحة الإرهاب" التابعة للشرطة الإسرائيلية، والتي يطلق عليها "يمام" وحدة "إيغوز" وحدة النخبة التابعة للواء الصفوة "جولاني"، وغيرها من الوحدات الخاصة. ولا يكتفي تجار السلاح الإسرائيليون بتوريد السلاح من إسرائيل، بل يقومون بدور في توريد السلاح لدول أفريقيا من دول أخرى.
وفي الإطار نفسه، ذكرت صحيفة "هآرتس" أخيراً أن السلطات في جنوب أفريقيا ألقت القبض على رجل الأعمال الإسرائيلي إيال مسيكا، بعدما أرسل من قبل الاستخبارات النيجيرية لجنوب أفريقيا لعقد صفقات سلاح بشكل غير قانوني. ونوهت إلى أن السلطات في جنوب أفريقيا صادرت مبلغا كان في حوزة مسيكا يقدر بـ 9.3 ملايين دولار، إلى جانب مصادرة الطائرة الخاصة التي وفرتها له الاستخبارات النيجيرية. وأوضحت الصحيفة أن موسيكا الذي أطلق سراحه بعد أسبوع من اعتقاله يدير الكثير من الأعمال داخل نيجيريا، منها شركات حراسة وتأمين منشآت.
اقرأ أيضاً: جنرالات إسرائيل... تجّار سلاحٍ يغذّي حروب العالم
ونقلت الصحيفة عن المحامي ميكي إيتي، الذي يعمل في مجال حقوق الإنسان، قوله إن حكومات الاحتلال الإسرائيلية تخفي حقيقة دعمها الكبير لأنظمة مستبدة في جميع أرجاء العالم. ونوه إيتي إلى أن إسرائيل قررت استغلال قرار الولايات المتحدة وأوروبا بالتوقف عن تزويد الكثير من الأنظمة "المظلمة" وقامت بملء الفراغ من خلال تزويد هذه الأنظمة بالسلاح بدون تردد.
وأوضح المحامي نفسه أن إسرائيل تعي أن الأنظمة التي تحصل على السلاح الإسرائيلي تقوم بعمليات قمع وحشية ضد مواطنيها. وكانت تمار زندبيرغ النائبة الإسرائيلية عن حركة "ميريتس"، قد طالبت أخيراً وزير الحرب موشيه يعلون بوقف تصدير السلاح لجنوب السودان، منوهة إلى أن عمليات الاغتصاب التي تتعرض لها النساء في جنوب السودان تتم تحت تهديد البنادق التي تزود بها إسرائيل الجيش الرسمي الذي يعود لحكومة الرئيس سيلفا كير.
ولمّحت زندبيرغ إلى أن أحد أهم أسباب حرص تل أبيب على الحفاظ على العلاقات مع جنوب أفريقيا، حقيقة أن هذه الدولة تساعد إسرائيل في مراقبة المسارات التي تسلكها إرساليات السلاح الذي يتم تهريبه عبر البحر الأحمر، ويأخذ طريقه عبر السودان حتى يصل في النهاية إلى قطاع غزة.
اقرأ أيضاً: إسرائيليان يبيعان الأسلحة لإيران منذ 20 عاماً