وقالت منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين، سلوى حماد، لـ"العربي الجديد": "إن هذه القائمة تعني اعترافاً إسرائيلياً بوجود جثامين شهداء محتجزة لديهم"، مشيرة إلى أنه حتى العام الفائت لم يكن هناك اعتراف من الاحتلال أصلاً بوجود تلك الجثامين، وكذلك وضعت معلومات متضاربة حول المقابر التي تحتجز فيها الجثامين.
وأكدت حماد أن القائمة أوضحت وجود معظم الجثامين في مقبرة في بئر السبع لم تكن تعرف الحملة عنها من قبل، إضافة إلى مقابر معروفة للحملة كمقبرة آدم وعسقلان وعامي عاد الإسرائيلية.
وحول الخطوات القادمة، قالت حماد: "إن جلسة لمحكمة الاحتلال العليا ستقعد في 10 فبراير/شباط فبراير الجاري، كانت نيابة الاحتلال طلبت تأجيلها بحجة الانتخابات الإسرائيلية ورفضت الحملة ذلك، ما يعني محاولات الاحتلال استغلال أي ظرف سياسي للمماطلة في ملف الجثامين"، فيما أكدت حماد أن الجلسة ستبحث مطلباً قديماً للحملة وهو بنك الحمض النووي DNA للعائلات.
وأكدت حماد أنه سيكون متاحاً أمام الحملة التقدم بالتماسات فردية باسم عوائل الشهداء لزيارة مقابر أبنائهم طالما أصبح معروفاً مكان دفن تلك الجثامين التي يحتجزها الاحتلال.
ومن بين 123 شهيداً أوردت نيابة الاحتلال في قائمتها 12 شهيداً تقول إنها لا تملك معلومات عنهم، فيما يبقى 130 شهيداً موثقاً لدى حملة استرداد الجثامين لم يقدم الاحتلال معلومات عنهم حتى اللحظة.
مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان أكد، اليوم الأربعاء، في بيان له، أنه تلقى نسخة من رد النيابة الإسرائيلية للمحكمة العليا على الالتماس المقرر النظر فيه يوم العاشر من الشهر الجاري، والذي أرفق لأول مرة بقائمة تضم قائمة بالأسماء الرباعية لـ 123 شهيداً مشمولين بعدة التماسات أمام المحكمة لأخذ عينات من عائلاتهم كجزء من مطلب للحملة بإنشاء بنك للحمض النووي وتكثيف البحث عن الجثامين، مع المطالبة المتكررة بتسليمها لمخالفة الاحتجاز للقوانين والأعراف الدولية، خاصة بعدما أجازت المحكمة العليا الإسرائيلية مبدأ احتجاز الجثامين كأوراق للمساومات السياسية، وهو ما يعني الاتجار بجثامين البشر كسلوك غير مسبوق للدول.
وقال المحامي سليمان شاهين، ممثل عائلات الضحايا في الالتماسات المذكورة: "إن هذه خطوة مهمة واختراق مهم، بعد أن كانت النيابة الإسرائيلية قد أبلغت المحكمة في بداية الإجراءات عام 2016 أنها لم تستطع تحديد مكان أي من الجثامين المشار إليها، نظراً لعدم التوثيق ودفن الجثامين أحياناً بواسطة شركات خاصة دون إعداد أو حفظ وثائق الدفن، ما عدا جثمان الشهيد أنور أبو السكر والشهيدة هنادي جرادات، اللذين تعرفت إلى مكان دفنهما ولكنها رفضت تسليمهما".
وقدمت نيابة الاحتلال الإسرائيلية بلاغها الخطي قبيل الجلسة المحددة يوم العاشر من الشهر الجاري في الالتماسات المقدمة من قبل مركز القدس للمساعدة القانونية التي تمت المطالبة فيها بشكل جماعي ولأول مرة بإقامة قاعدة بيانات للحمض النووي DNA، وأخذ عينات من أسر الشهداء للمساعدة في التعرف إلى جثامينهم، استخلاصا للعبر من الحالات السابقة التي تابعها مركز القدس والحملة منذ سنة 2008، والتي تبين جلياً من خلالها، وباعترافات ومراسلات خطية موثقة، حجم الفوضى والإهمال في ما يتعلق بتوثيق مكان دفن الجثامين وطرق دفنهم، مما يحتم إجراء فحوصات DNA للتعرف إلى الجثامين، ومما يضع أيضاً علامات استفهامات كبرى حول استخدامات غير شرعية وغير إنسانية لبعض الجثامين.
وتم تقديم الالتماسات الثلاثة سنة 2016، بناء على تعهدات خطية من مكتب المستشار القضائي للقائد العسكري الإسرائيلي، بأخذ العينات من عائلات الشهداء، وتعهد النيابة الإسرائيلية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية ضمن ملفات المركز، بالبدء بإقامة مختبر جنائي متخصص للتعرف إلى الجثامين، إلا أن النيابة الإسرائيلية تماطل منذ سنتين بتقديم موقف نهائي بخصوص بنك الحمض النووي، بواسطة تقديم طلبات تمديد بحجة تغير وزير الأمن بعد تغيير الوزير السابق ليبرمان، وبعد ذلك بحجة الانتخابات وعدم وجود وزير أمن دائم.
وسمحت المحكمة العليا للاحتلال للنيابة بالمماطلة ووافقت على طلبات التمديد رغم اعتراض الملتمسين على تكرار المماطلات.
وأوضح المحامي شاهين أن نيابة الاحتلال طلبت بما يتعلق ببنك DNA ترك الموضوع لقرار وزير الأمن الذي سيتم تعيينه بعد الانتخابات الإسرائيلية القريبة، وذكرت أن وزير الأمن الحالي في الحكومة الانتقالية، نفتالي بينيت، يعارض فكرة إقامة بنك DNA. ويعتزم المركز المطالبة بإصدار أمر مشروط من قبل المحكمة بخصوص هذه المسألة نظراً للمماطلة غير المعقولة من قبل السلطات الإسرائيلية.
وأشار شاهين إلى حصول تقدم ملحوظ في ما يتعلق بتحديد المقابر (وليس القبور) التي دفن فيها الشهداء، وأرفقت النيابة الإسرائيلية قائمة تشير إلى المقبرة العينية التي دفن فيها غالبية الشهداء المشمولين في التماسات المركز، بينما لم تستطع إيجاد معلومات حول مكان دفن عدد قليل من الجثامين المشمولة بالالتماس، وأن غالبية الشهداء الذين لم يتم تحديد مكان دفنهم يعودون لسبعينات القرن الماضي، وبناء عليه أبلغت نيابة الاحتلال أن الضابط المكلف بالبحث عن الجثامين مستمر في جمع المعلومات استعداداً للمرحلة المقبلة بمحاولة تحديد القبر الذي دفن فيه الجثمان، وأن المعطيات أولية وقابلة للتغيير، ولا تشكل ضماناً للتعرف إلى مكان الدفن.
ووفق بلاغ نيابة الاحتلال، فإن الضابط المركز بالبحث صنف جثامين الشهداء وفقا للمعايير التي حددتها حكومة الاحتلال لاحتجاز الجثامين (الانتماء لحماس أو تنفيذ عملية نوعية)، ما يعني أن سلطات الاحتلال تنوي احتجاز جثامين مقابر الأرقام التي تسري عليها هذه المعايير حتى في حال إيجادها، كما هو الحال مع جثامين الشهداء المحتجزة في الثلاجات، وفق شاهين.
من جانبه، أكد مركز القدس أنه ينوي قريباً الشروع بتقديم التماسات فردية منفصلة للمطالبة باستعادة جثمانين الشهداء، بعد سحب حجة عدم معرفة مكان الدفن، ولتحدي قرار عدم التسليم بسبب تقادم تواريخ احتجاز الجثامين التي يعود آخرها لعام 2008، عدا ملف الشهداء المحتجزة جثامينهم في الثلاجات والذي يعود تاريخ أقدمها إلى عام 2016، بعد عودة سلطات الاحتلال لسياسة احتجاز الجثامين.