إسرائيل تستغل "خطر الإسلاميين" للحصول على دعم أميركي إضافي

27 نوفمبر 2014
الدعم الأميركي لإسرائيل لم يتوقف (براندون سميالوفسكي/فرانس برس)
+ الخط -

ترى دوائر الحكم في تل أبيب والنخب اليمينية المرتبطة بها أن التحوّلات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، لا سيما صعود الحركات الإسلامية، تُحتّم على الولايات المتحدة إعادة رسم سياساتها تجاه إسرائيل كي لا تتأثر بالخلاف من سبل التعاطي مع القضية الفلسطينية.

ويرفض رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست زئيف إلكين، بشدة الحجة القائلة بأن إسرائيل كانت معنية بفوز الجمهوريين في انتخابات الكونغرس الأخيرة لضمان الحفاظ على مكانتها لدى الإدارة الأميركية.

وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية، يزعم إلكين أن الولايات المتحدة تستفيد من تحالفها مع إسرائيل بما لا يقل عن استفادة إسرائيل منه، قائلاً إن إسرائيل تلعب دوراً في التصدي للحركات الإسلامية، التي تهدد المصالح الغربية، لا سيما الأميركية في المنطقة.

ويشير إلى قيام إسرائيل بتقديم "أشكال مختلفة من المساعدات" للولايات المتحدة في حربها على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).

ووفق إلكين، فإن حرص قادة وأعضاء الكونغرس على الأخذ بعين الاعتبار المصالح الإسرائيلية يأتي لإدراكهم حجم الدور الذي تقوم به إسرائيل في الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة.

وكانت إسرائيل قد شنّت حملة دعائية في الولايات المتحدة لإبراز الدور الذي تقوم به في الدفاع عن المصالح الأميركية. وبلغت هذه الحملة ذروتها في سلسلة المقابلات التلفزيونية التي أجراها وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون أخيراً، والتي أكد فيها عمق التعاون الأمني والاستخباري بين إسرائيل ودول التحالف في الحرب على تنظيم "داعش". وقد كشف يعلون في حينه النقاب عن أن مهمة التخطيط لتصفية زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي قد بدأت بالفعل.

من جهته، يذهب يورام إيتنغير، مدير "مركز التفكير الاستراتيجي"، ومقره تل أبيب، إلى حد التذكير بأن إسرائيل تمثّل في الواقع "موقعاً متقدماً للولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب الإسلامي".

وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، يشير إيتنغير إلى أن مكانة إسرائيل يجب أن تتعاظم لدى الغرب عموماً والولايات المتحدة على وجه الخصوص، لا سيما في أعقاب الانسحاب الأميركي من أفغانستان والعراق، وقرار الكونغرس خفض النفقات الأمنية الأميركية بشكل كبير، إلى جانب تهاوي قوة الردع الأميركية، وتفجّر "التسونامي العربي وتعاظم روح الكراهية للولايات المتحدة في العالم العربي".

ويزعم إيتنغير أن إسرائيل خدمت المصالح القومية للولايات المتحدة عندما شنّت حربها على حركة "حماس" أخيراً، مدّعياً أن هذه الحركة تمثّل جماعة "الإخوان المسلمين التي تمارس الإرهاب ضد أنظمة متحالفة مع الولايات المتحدة".

ويذكّر الأميركيين بشعار "الإخوان المسلمين": "الله غايتنا والقرآن دستورنا ومحمد قدوتنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا".

ويؤكد أن الأنظمة العربية تبدي تفهماً للدور الذي تقوم به إسرائيل أكثر من الإدارة الأميركية، مشيراً إلى أن هذه الأنظمة تؤمن بأن القضية الفلسطينية ليست أساس المشكلة، لذا لم تتردد في دعم إسرائيل في حربها على "حماس"، على اعتبار أن هذه الحرب حربها أيضاً.

كما يشير إيتنغير إلى ما ورد في تقرير لـ"CNN"، وجاء فيه أن معظم الدول العربية أيّدت إسرائيل في حربها الأخيرة على غزة. واعتبر إيتنغير أن الأنظمة العربية "رأت في تدمير غزة إسهاماً في تعزيز أمنها الداخلي وضمانة لاستقرار الإقليم".

لكن الكاتب الإسرائيلي ديمتري شومسكي يرى أنه لا حاجة لتوجيه انتقادات للولايات المتحدة، مشيراً إلى أن الموقف من الصراع مع الشعب الفلسطيني لم يؤثر على مكانة إسرائيل لدى الإدارة الأميركية.

وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، يعتبر شومسكي أنه "لم يكن لإسرائيل أن تتمكن من مواصلة التشبث بنظام القمع ضد الفلسطينيين، ومواصلة الاستيطان والتهويد في أرجاء القدس والضفة الغربية، من دون الدعم والغطاء اللامحدود الذي توفره الولايات المتحدة".

ويشير إلى أن الولايات المتحدة تتحفظ على قرارات بناء مزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، لأنها ترى أن هذه القرارات تمسّ بمصالح إسرائيل وتهدد طابعها اليهودي، وليس لأنها تمثل تعدياً على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية تحرص على عدم وصف الاستيطان اليهودي في القدس والضفة بأنه "غير شرعي".

وبخلاف الانطباع السائد، فإن شومسكي يدحض الرأي القائل بأن الدعم الذي تقدمه إسرائيل لـ"نظام القمع" الممارس ضد الفلسطينيين يرجع إلى سطوة اللوبي اليهودي، أو بفعل تأثير المصالح المشتركة بين الجانبين.

ويقول: "لا تتناقض الكولونيالية الإسرائيلية القائمة على أفكار دينية خلاصية والمعايير المزدوجة في كل ما يتعلق بالموقف من حق اليهود والفلسطينيين في تقرير المصير مع منظومة القيم الأميركية".

وتأتي المطالبة بتعزيز مكانة إسرائيل لدى الولايات المتحدة من باب ترف التطرف، الذي أصبح يوجّه أوساط الحكم اليمينية والنخب المرتبطة بها، على الرغم من أنه لا يوجد في سلوك الولايات المتحدة ما يدل على تراجع في هذه المكانة.