إسرائيل "هدّت" دور العرب

15 مايو 2015
خلال الاحتفال بذكرى النكبة خارج المسجد الأقصى (الأناضول)
+ الخط -

يحفظُ أطفال الداخل الفلسطيني رواية النكبة عن ظهر قلب. كأنهم أخذوا عهداً على أنفسهم ألّا ينسوها أبداً. عرفُوها من خلال آبائهم وأجدادهم، الذين تحدوا جميع المحاولات الإسرائيلية لتغييبها. فذكرى النكبة تاريخٌ وواقعٌ في آن. منذ احتلال إسرائيل فلسطين عام 1948، يسعى الاحتلال إلى أسرلة فلسطينيّي الداخل، ولطالما دأب على ابتكار الوسائل لتحريف ذاكرتهم الجماعية عن قضية فلسطين، والتأثير على الأجيال الجديدة، وخصوصاً الأطفال، لا سيما في ما يتعلق بالنكبة التي هي أصل الحكاية.

بيدَ أن المحاولات الإسرائيلية لم تنجح، وحتى بعد سَن إسرائيل قانون النكبة قبل نحو خمس سنوات، الذي ينص على فرض غرامات مالية تستهدف المؤسسات التي تحصل على ميزانيات من الخزينة العامة، إذا ما ثبت إقدامها على إحياء ذكرى النكبة وتمويل النشاطات المتعلقة بها، من بينها المؤسسات والمدارس العربية في الداخل الفلسطيني، على اعتبار أنها تحصل على ميزانيتها من وزارة التربية والتعليم.

ولطالما كانت المدارس العربية في الداخل مستهدفة، بالإضافة إلى الأساتذة العرب في المدارس بحسب مواقفهم، وخصوصاً خلال مرحلة الحكم العسكري الإسرائيلي حتى عام 1966، علماً أنه فصل عدد من المدرسين العرب بسبب مواقف وطنية وسياسية، وأخرى تثقيفية للتلاميذ.
وفي ظلّ منع التثقيف حول القضية الفلسطينية في المدارس، وتشويه المناهج الدراسية، وتحريف التاريخ والجغرافيا، يبقى البيت المصدر الرئيسي والوحيد في التنشئة الوطنية، بالإضافة إلى المهرجانات والمناسبات الوطنية والمخيمات الصيفية، التي عادة ما يهتم الأهالي باصطحاب أطفالهم إليها.
في الذكرى السابعة والستين للنكبة، تسأل "العربي الجديد" عدداً من أطفال الداخل الفلسطيني عن النكبة. لدى هؤلاء ما يحكونه عنها. تقول سيلين عمار طه (خمس سنوات)، التي تقطن في قرية كفر كنا، لـ"العربي الجديد": "بعرف عن النكبة إنو الصهاينة أخذوا فلسطين. أخذوا دور (بيوت) العرب وطردوهن، والناس راحوا على كتير محلّات واليهود سكنوا محلهن". أما بسام إياد خلايلة (تسع سنوات) من سخنين، فيشير إلى أن النكبة وقعت عام 1948، حين أخذ الصهاينة أراضي العرب الذين هُجّروا إلى لبنان وسورية.
أما عمرو وسام اغبارية من أم الفحم (تسع سنوات)، فيقول لـ"العربي الجديد": "بعرف إنه النكبة صارت عام 1948، لما احتلت إسرائيل فلسطين. بعض الناس هجّروا من البلاد، فيما بقي آخرون. مثلاً، نحنُ بقينا على أرضنا. أيضاً، احتلّ الصهاينة بعض القرى التي كانت فلسطينية في الأصل، وصارت بعدها إسرائيلية. أما قرى الضفة العربية، فما زالت فلسطينية. ولقد زرت قرى مهجرة".
يضيف: "ظل أبوي يأخذني إلى ندوات ليشرحوا فيها عن النكبة. بحب أشارك بمهرجانات ونشاطات عن فلسطين والنكبة. وبذكرى النكبة، بتمنى إنو الذين تهجّروا يرجعوا وفلسطين تتحرر من إسرائيل، وغزة كمان تتحرر والحياة ترجع مثل ما كانت من قبل".

يرسمُ شادي وليد حكروش (تسع سنوات) من كفر كنا، علم فلسطين داخل قلب على خده الأيمن. نسأله: هل تحب فلسطين؟ يقول: "بموت عليها مش بس بحبها". ماذا تعرف عن النكبة؟ "هي اليوم الذي حدثت فيه نكبتنا، أي نكبة الشعب الفلسطيني، فيما جعلته إسرائيل يوم استقلالها. لكن استقلالها هو نكبتنا. لذلك، يجب متابعة النضال والتضحية وهيك شغلات".
وحول مصدر معلوماته، يقول إنه عادة ما يسأل والده ووالدته أو الأقارب. كما أنه لا يفوّت أي جلسة يتحدث فيها الكبار عن فلسطين. يوضح أن "عائلة أبوي من كفر كنا، ما يعني أنه من السكان الأصليين. أما عائلة أمي، فهي من قرية فراضية المهجرة. يعني سيد (جد) أمي وسيد ستي من فراضية، وبعدين راحوا على الرامة. فيما توجه بعضهن إلى المغار وكندا والسويد ولبنان. يعني تشردوا في محلات كتيرة. الناس الذين تهجروا عانوا كثيراً. بعرف إنه اليوم يصادف ذكرى النكبة، وبتمنى يتحرر الشعب الفلسطيني ويرجع المهجرين إلى بلادهن، ونضحي كلنا عشان فلسطين".

أما الطفل أحمد محمود حجازي (ثماني سنوات)، وهو من طمرة، فيقول: "في إحدى المرات، شاهدتُ فيلماً عن النكبة برفقة أبوي، وأخبرني حينها أن الناس كانوا يحملون أغراضهم ويسيرون في صف طويل. كانوا يخرجون من بلادهم عشان الصهاينة طردوهم منها ومكنوش عارفين وين بدهن يروحوا. في منهن راحوا على لبنان وسورية، وبعرف انو في ناس أجوا على طمرة. كما أن الإسرائيليين مش مناح لأنهم هدوا دور (بيوت) العرب، وفي ناس بطل عندهن دار".

اقرأ أيضاً: الاحتلال يواصل أسرلة التعليم في القدس