على الرغم من تواجده في الأسر والعزل الانفرادي منذ أكثر من 6 أشهر، إلا أن الشيخ رائد صلاح، رئيس "الحركة الإسلامية"، يقضّ مضجع الإسرائيليين، على المستوى الشعبي والرسمي، فالنيابة تسعى لتمديد عزله الانفرادي، فيما وصل الحد ببعض ناشطي مواقع التواصل إلى المطالبة بإعدامه شنقا.
ومع اقتراب الجلسة التي ستعقد في المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة بئر السبع الخميس المقبل، بطلب من النيابة التي تريد تمديد العزل الانفرادي بحق الشيخ رائد صلاح لستة أشهر أخرى، أطلق ناشطون فلسطينيون، عبر صفحاتهم على مواقع التواصل، نداءات تطالب بإطلاق سراحه، فرد ناشطون إسرائيليون بحملة تحريض على الشيخ صلاح، ووصفوه بأنه "إرهابي"، ووصل بهم التحريض إلى نشر صورة له كتبوا عليها كلمة "اشنقوه".
وكان الشيخ صلاح قد اعتقل يوم 17 أغسطس/ آب 2017 على خلفية أحداث القدس والأقصى، وبعدها بنحو 10 أيام تم نقله إلى العزل الانفرادي.
وفي السياق، كشفت هيئة الدفاع عن الشيخ صلاح لـ"العربي الجديد" أن الجلسة التي ستعقد الخميس "ستشهد تقديم مواد وصفت بـ"السرية" من قبل المحكمة، ستكون متاحة للقاضي فقط"، وهو الأمر الذي يعتبره الدفاع مجرد "ادعاءات باطلة، تندرج في إطار ملاحقة الشيخ رائد صلاح".
في المقابل، تقدمت هيئة الدفاع بطلب استئناف لمحكمة الصلح في حيفا، للإفراج عن الشيخ صلاح، وإعادة النظر في قرارها بتمديد اعتقاله حتى انتهاء الإجراءات، وستعقد الجلسة يوم 20 فبراير/ شباط 2018.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، عقّب الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات في لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل، على قضيتيّ التحريض ومطالبة النيابة الإسرائيلية بتمديد العزل الانفرادي بحقه، فقال "واضح جدا أن الشيخ رائد صلاح يقلقهم خارج السجن، وداخل السجن يقض مضاجعهم، لأنه صاحب رسالة وحامل فكرة، لكن أن يصل الأمر بالبعض إلى حد المطالبة بإعدامه وشنقه، فهذا يشير إلى الجو العام المسموم الذي تعيشه الدولة، وهذا ما يهدد به الكبار قبل الصغار فيهم، وبالتالي أن نسمع من يطالب بهذا المطلب فهذا يشير إلى حالة عداء سافرة تسود المجتمع الإسرائيلي اليهودي".
وأضاف الشيخ خطيب "لا يخفى على أحد أننا نعيش في وضع يتم التعامل معنا فيه كفلسطينيين بشكل يختلف جذريا عن اليهود، سواء في حقوقنا اليومية أو حتى في التعامل القانوني معنا. يتم التعاطي معنا على أننا متهمون ويجب أن نثبت براءتنا، والإسرائيلي بريء دائما وأبدا، وبالتالي لا يمكن أن توجه له تهمة مع أن نفس الألفاظ والمصطلحات وأسوأ هي ما نسمعها من السكان اليهود تجاهنا، مثلما يحدث الآن من تحريض ضد الشيخ رائد، ومع ذلك لا نرى أي عنصر ردع لمثل هؤلاء، ولا شك هذا يجعلنا نقول إن القادم أسوأ".
محاكمة سياسية بامتياز
وحول اعتقال الشيخ رائد وتمديد العزل الانفرادي وخطوات لجنة الحريات، قال "الشيخ رائد اعتقل في أعقاب هبة باب الأسباط، وفي خضم دفاع شعبنا عن المسجد الأقصى المبارك لمنع تركيب البوابات الإلكترونية. قرار الاعتقال كان سياسيا بدعوى التحريض، لكن خلال هذه المحكمة نحن نلمس أمرين اثنين مهمين، الأول أن التهم الكبيرة التي توجه للشيخ رائد، تتمثل في الدعوة للعنف والتحريض والانتماء لتنظيم إرهابي، ويقصد الحركة الإسلامية رغم حظرها".
وأوضح أن "الأمر الثاني الذي نلمسه إطالة أمد المحاكمة، فالجلسات لا تجري إلا كل شهرين أو يزيد، ما يعني أن هناك رغبة وقرارا سياسيا في إطالة أمد تحييد الشيخ رائد عن المشهد وإبقائه خلف القضبان. يزيد على ذلك أن الشيخ رائد طيلة الفترة السابقة منذ اعتقاله وحتى اليوم يتواجد في سجن انفرادي، ولا يحق له التواصل مع أي شخص من السجن، والآن تطالب النيابة باستمرار هذا العزل الانفرادي، ما يعني أن هنالك قرارا إسرائيليا رسميا حكوميا بهذا الشأن، وأن جهاز المخابرات، التابع لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو من يدير الملف، وهذا يؤكد أن الأمر سياسي ولا علاقة له بالقضاء من قريب أو بعيد".
كما دعا الشيخ كمال خطيب، الجمهور العربي في الداخل الفلسطيني لحضور الجلسة التي ستعقد في محكمة بئر السبع الخميس، وذكر أن "لجنة الحريات دعت وتدعو للمشاركة الجماهيرية في هذه المحكمة، لتأكيد على وقوف شعبنا ضد القرار ولمساندة الشيخ رائد".
"لا توجد أية مسوغات قانونية"
أما المحامي خالد الزبارقة، أحد محامي الدفاع عن الشيخ رائد، فأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا توجد أية مسوغات قانونية تعتمد عليها النيابة في مطالبتها بتمديد العزل الانفرادي. هي تدّعي أنه باعتباره رئيسا للحركة الإسلامية (رغم حظرها) فهو شخصية مؤثرة، وتعتبر أن هذا التأثير يطاول أمن الدولة، ولذلك يريدون عزله لفترات أخرى. هذا مسوغ سياسي وليس قانونيا، ويريدون إعطاءه غطاء قانونيا. يلاحقون الشيخ على نشاطاته، خاصة المرتبطة بقضية المسجد الأقصى المبارك".
وشدد الزبارقة على أن "استمرار عزل الشيخ رائد صلاح الانفرادي يجعلنا نقلق على سلامته، خاصة أن السياسات الإسرائيلية هي انتقامية. على ما يبدو هناك سياسات أخرى يريدون تطبيقها على القدس والمسجد الأقصى في الفترة القريبة، ويريدون تغييب الشيخ رائد عن هذا المشهد".
وأضاف "سنقوم بالدفاع عن الشيخ رائد وسننكر كل هذه الادعاءات. سنتواجد في جلسة الخميس، علما أن النيابة صرّحت اليوم بأنها ستقدم مواد وصفتها بـ"السرية" لمعاينة القاضي وحده، وعلى ما يبدو الأمور تتجه إلى تقديم ادعاءات تعتبرها النيابة أدلة، ونعتبرها نحن باطلة".
وحول جلسة الاستئناف للمطالبة بالإفراج عن الشيخ، والتي ستعقب جلسة الخميس، قال زبارقة: "تقدمنا بطلب لمحكمة الصلح في حيفا لإعادة النظر بتمديد اعتقال الشيخ رائد صلاح، وستعقد الجلسة في 20 فبراير/ شباط 2018. أشرنا في طلبنا إلى المماطلة الممنهجة، والتأجيل الممنهج، وأيضا إلى غياب الشهود المركزيين في القضية لأكثر من جلسة، الأمر الذي نعتبره متعمدا، ليمتنعوا عن الإدلاء بالشهادة وبالتالي تأجيل الجلسات مرارا وتكرارا. وهناك محاولة دائمة لتعديل لائحة الاتهام وإبراز مواضيع جديدة، وهذا يؤدي بدوره إلى تأجيل الملف. نحن طلبنا من المحكمة أن تقوم بالإفراج عن الشيخ رائد صلاح حتى انتهاء الإجراءات".
وعلق المحامي ذاته على قضية التحريض ضد الشيخ والقيادات العربية بالتوضيح أن "الأمور تتجه إلى التصعيد"، مشيرا إلى أن "هذا الجو المشحون هو نتاج السياسات العنصرية التي تنتهجها الحكومة برئاسة بنيامين نتنياهو". كما أوضح أن "هذه الحكومة تشجع مشاعر الكراهية عند اليهود تجاه العرب، والتي من الممكن أن تؤدي إلى أعمال إرهابية ضد الفلسطينيين في الداخل".