إسبانيا: انتخابات للخروج من نفق الفراغ الحكومي

باريس

عبد الإله الصالحي

avata
عبد الإله الصالحي
26 يونيو 2016
F601CEC2-3402-4289-ACFB-A1EEA6B015BF
+ الخط -
في سياق أوروبي متأزم بعد التصويت البريطاني لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، يتوجه 36 مليون ناخب إسباني، اليوم الأحد، إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية.

وتقرر هذا الاقتراع بعد أن تخبطت إسبانيا في أزمة تاريخية لا سابق لها، تمثلت في عجز مختلف الأطراف السياسية عن تكوين غالبية تمهد لإنشاء حكومة جديدة، بعد مرور ستة أشهر على الانتخابات التشريعية الأخيرة.

وتعد انتخابات 20 ديسمبر/كانون الأول، جدّ مهمة لأنها شهدت انهيار الثنائية الحزبية التقليدية التي كانت تحكم المشهد السياسي الإسباني منذ سقوط نظام الجنرال فرانكو، وبروز حزبين جديدين وُلدا من رحم الحركات الاحتجاجية الشعبية ضد الأزمة الاقتصادية، وهما حركة بوديموس اليسارية الراديكالية بقيادة بابلو ايغليسياس، التي حصلت على 69 مقعدا، وحركة "ثيودادانوس" الوسطي الليبرالي التي فازت بـ20 مقعدا.

ولم تسفر المفاوضات الشاقة بين مختلف هذه الأطراف السياسية عن تشكيل ائتلاف حكومي، بسبب الشروط التي طرحتها الحركتان الوليدتان، ما خلق شغورا سياسيا خطيرا، رغم محاولات الملك فيليب السادس التدخل لتقريب وجهات النظر.

وكانت أربعة شهور من المفاوضات الشاقة تمخضت عن اتفاق بين الاشتراكي وثيو دادانوس سانده 131 نائبا من بين 350 في البرلمان الجديد، إلا أنه كان بحاجة إلى دعم نواب بوديموس لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

غير أن بوديموس قلب الطاولة على الجميع وقرر عدم المشاركة في هذه الحكومة، رغم أنه يتحالف مع الاشتراكي في قيادة عدد من البلديات والمجالس الإقليمية. وهنا مكمن المفارقة فبوديموس يتحالف مع الاشتراكي محليا وإقليميا، لكنه يرفض التحالف معه وطنيا.

وأمام استفحال الأزمة وتوافقاً مع مبادئ الدستور الإسباني، تمت الدعوة إلى انتخابات جديدة، اليوم الأحد، أملا في أن تسفر عن إفراز غالبية مريحة لأحد الأطراف السياسية تمكنه من قيادة البلاد في هذا الظرف السياسي الدقيق التي تمر منه إسبانيا والاتحاد الأوربي.

وتحوّل التصويت البريطاني لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلى برهان انتخابي في اليومين الأخيرين، ذلك أن حركة بوديموس معروفة بعدائها الشديد لمؤسسات الاتحاد الأوروبي في حين لوّح الحزب الشعبي المحافظ بمخاطر خروج محتمل لإسبانيا من الاتحاد الأوروبي في حال فوز اليسار الراديكالي بالغالبية.

كما أن الاشتراكي حذّر من تفكك الدولة الإسبانية في حال فوز بوديموس، لأن هذا الأخير يعد بتنظيم استفتاء حول استقلال إقليم كاتالونيا في حال فوزه بالغالبية.

ويتخوف المراقبون من عزوف الناخبين الإسبان بعد مللهم من مسلسل الخلافات المستفحل بين الأطراف السياسية، خاصة أن هذه الانتخابات تتزامن مع بداية العطلة الصيفية وانشغال الإسبان بمنافسات البطولة الأوروبية لكرة القدم التي تجري أطوارها حاليا في فرنسا بمشاركة المنتخب القومي الإسباني.