إرهاب مروري على طرقات الجزائر

26 فبراير 2015
تختلف أنواع الحوادث المرورية.. والضحية نفسها (فرانس برس)
+ الخط -

تحوّلت حوادث المرور في الجزائر إلى إرهاب حقيقي. ليؤكد كثيرون أنّ الطرقات يلفها جنون كثير من السائقين الذين يتسببون في مآس وضحايا بالآلاف. وكانت الحوادث المرورية في الجزائر قد تسببت في مقتل 35 ألف شخص في الأعوام العشرة الأخيرة بحسب الأرقام الرسمية. كما أدت العام الماضي فقط، إلى 3 آلاف و500 معوق. مع الإشارة إلى أنّ عام 2014 حمل معه كابوساً حقيقياً للأطفال بمقتل 133 طفلاً تقل أعمارهم عن 9 سنوات.

وتشير إحصائيات "المركز الوطني للأمن عبر الطرق"، التابع لوزارة النقل، إلى أنّ السفر عبر الطرقات بواسطة الحافلات يبقى الوسيلة الأكثر أماناً في الجزائر. وتضم "المؤسسة الوطنية للحافلات" أكثر من 70 ألف حافلة نقل عام، تنقل 50 مليون مسافر سنوياً. وتجوب مختلف الطرقات بمعدل يتراوح من 7 ساعات إلى 9 يومياً. فيما لا تتجاوز حوادث الحافلات 2.5 إلى 4 في المائة من مجموع الحوادث المرورية على مستوى البلاد. وهو ما تؤكده الأرقام الصادرة عن مصالح الأمن والحماية المدنية.
كما يشار إلى أنّ للحوادث المرورية آثاراً اقتصادية كبيرة. وقد تكون الخسائر غير ملاحظة في الظاهر، ويصعب احتسابها، لكنّ أثرها يمتد على المستويين الفردي والاجتماعي. كما تشكل نسبة المصابين في الحوادث على الطرقات ما بين 13 في المائة و31 في المائة من إجمالي الإصابات في المستشفيات. وتتسبب الحوادث عادة في إصابات خطيرة، وإعاقات تتراوح خطورتها ما بين بتر الأعضاء والشلل. وهو ما يؤدي بدوره إلى صعوبات اجتماعية لاحقة لدى الفرد، خصوصاً في الناحيتين الوظيفية والمعيشية.

نقص في التأهيل

من جهتهم، يعتبر الخبراء أنّ الإفراط في السرعة وارتكاب المخالفات المرورية من أهم الأسباب الرئيسية لـ"إرهاب الطرقات". فيما يرى "اتحاد العاملين في النقل" أنّ السبب الرئيسي للحوادث المميتة التي يسجلها سائقون، يعود إلى نقص التأهيل وضعف الاحترافية. ويشير إلى أنّ الدليل على ذلك، يتمثل في أنّ 80 في المائة من الحوادث ناجم عن أخطاء بشرية. ومنها 55 في المائة يتسبب فيها سائقون لم يمر عامان على منحهم رخص القيادة.
ويؤكد الاتحاد أنّ "القانون 55 لعام 2001 ينص على وجوب امتلاك سائق الحافلة الخاصة أو سائق حافلة النقل الجماعي العام لدبلوم، من طرف جهة رسمية. غير أنّ هذا الاختصاص لا تؤمنه أيّ جهة تعليمية حتى اليوم".

وعلى صعيد الفئات العمرية، تشير الإحصائيات الرسمية إلى أنّ أكثر من 80 في المائة من المتسببين بالحوادث هم شباب يقودون سياراتهم بشكل جنوني على الطرقات. ويعيد الخبراء ذلك إلى نقص التربية السليمة لديهم، وضعف الثقافة المرورية، والاستخدام المفرط للسرعة، الذي يترافق خصوصاً مع أبناء الأغنياء الذين يستهترون بالأمر، بما أنّهم يحصلون بسهولة على السيارات.

ويؤكد الخبراء أنّ هذه القضية، خصوصاً مع ما يرافقها أخيراً من ارتفاع في عدد الضحايا والمصابين، باتت تحتاج إلى حلول جذرية، تأتي في مقدمتها إعادة النظر في القوانين، والبحث عن آليات جديدة تكون أكثر صرامة بالنسبة للأشخاص المرشحين لقيادة حافلات النقل العام، وغيرهم من سائقي الشاحنات والحافلات والمركبات الكبرى التي أصبحت تسجل أرقاماً مخيفة في حوادث المرور.
من جهتها، تعد وزارة النقل بإعادة النظر في منظومة النقل الجماعي، واعتماد تدابير لتقليص عدد الحوادث. وفي هذا الإطار، أعلن وزير النقل، عمار غول، أنّ وزارته رفعت تقريراً مفصلاً إلى الحكومة، قدمت من خلاله مقترحات مكافحة إرهاب الطرقات، من خلال مجموعة قوانين ونصوص تنظيمية من شأنها تنظيم فوضى النقل. وشدد على أنّ العقوبات، ستكون رادعة للمتسببين في الحوادث المميتة.

كما أوضح وزير النقل، أنّ التقرير يعدّ نتيجة قراءة خرجت بها لجنة وطنية ضمت عدة قطاعات هي النقل، وزارة الداخلية، والأسلاك الأمنية. وقد ناقش أسباب الارتفاع الرهيب في حوادث المرور، ليقدم مقترحات لتنظيم النقل، مركزاً على السلامة المرورية.
وأكد غول بخصوص النقطة الأخيرة، أنه ستتم إعادة النظر في منح رخص السياقة، خصوصاً بالنسبة لسائقي الوزن الثقيل ونقل المسافرين. كما ذكر أنّ مقترحات اللجنة شددت على رفع سقف العقوبات بالنسبة للسائقين المتهورين والمتسببين في قتل الأبرياء، مذكراً بالعقوبة التي سلطت على سائق حافلة نقل المسافرين بآفلو في ولاية الأغواط في سبتمبر/أيلول الماضي، الذي تسبب في مقتل 17 شخصاً، والذي حكم بالسجن 10 أعوام، مع سحب رخصة القيادة منه مدى الحياة.
دلالات