قبل شهور، سقط جزء من السور التاريخي في مدينة تزنيت، جنوب المغرب، بسبب قوة الفيضانات المهولة التي ضربت المنطقة، ما دعا الكثير من المهتمين بالتراث المغربي إلى المناداة بضرورة التعجيل بصيانة الذاكرة التاريخية للبلاد، من خلال ترميم وحفظ المآثر والبنايات التاريخية للمملكة.
سقوط السور التاريخي بتزنيت، والذي شُيّد في عهد السلطان الحسن الأول في 1882، وقبله انهيار أجزاء من القصر الخليفي بالمدينة ذاتها، وأيضاً سقوط عدد من المباني التاريخية في مناطق أخرى، حوادث دفعت المملكة لإعلان مخطط استعجالي لترميم المباني التاريخية في البلاد.
غياب الإحصاء الدقيق
في المغرب، مئات المواقع والبنايات التاريخية والمناطق الأثرية، من بينها العديد من المباني الآيلة للاندثار أو التي يهددها السقوط في أية لحظة، إما لأسباب طبيعية خارجة عن إرادة الإنسان، أو لعوامل بشرية ذاتية، تتعلّق خاصة بمدى استيعاب المجتمع والدولة لأهمية البناء التاريخي. ووفق وزارة الثقافة المغربية، فإن المباني التاريخية والمواقع الأثرية المعترف بها في البلاد، يبلغ عددها أكثر من 225 بناية وموقعاً، تضم بدورها أسواراً وآثاراً تاريخية، وتتوزع على زهاء 31 مدينة ومنطقة في المملكة، أولها مدينة فاس بـ39 بناية تاريخية، تليها مراكش بـ24، والرباط بـ18، ثم مكناس بـ17 بناية وموقعاً أثرياً.
وإن هذا العدد من المباني والمواقع التاريخية بالمغرب لا ينحصر تحديداً في هذا الرقم، بالنظر إلى أن الموقع الواحد قد يضم عدة بنايات أو أسوار تاريخية، وبالتالي يمكن الحديث عن مئات المباني التاريخية في مختلف مناطق المملكة، ومن ضمنها مبانٍ تحتاج للاعتناء حتى لا تنهار.
يوضح مصدر في وزارة الثقافة ـ رفض ذكر اسمه، لأنه غير مخوّل بالحديث ـ أنه لا يمكن تحديد عدد معيّن للمباني التاريخية المغربية، بسبب غياب إحصاء أو جرد رسمي لتلك البنايات في سائر ربوع المملكة، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الثابت أن عدداً من تلك المباني وصل إلى درجة من السوء والإهمال، حتى باتت صيانتها مطلباً أكيداً، ولم يتم الأمر حتى الآن".
مخاطر طبيعية وبشرية
يقول المؤرخ والأكاديمي المغربي، إبراهيم القادري بوتشيش، إن "رصد المباني التاريخية في المغرب يكشف عن تنصّل واضح من المسؤولية الملقاة على الدولة والمجتمع المدني في صيانة هذه الذاكرة الجماعية، وحمايتها من الاندثار والسقوط الحضاري".
وذهب بوتشيش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن بعض المباني التاريخية "انتقلت من التعبير عن هوية وطنية، إلى أمكنة مهجورة طالها النسيان والإهمال، حتى أصبحت على شفا هاوية السقوط والاندثار"، عازياً ذلك إلى عدة عوامل، في مقدمتها غياب استراتيجية مدروسة للنهوض بالموروث الثقافي، ورأسماله الرمزي، وإمكانية ربطه بعجلة التنمية.
وبالنسبة للأكاديمي المغربي، فإن أهم الأخطار المحدقة بهذه المباني التاريخية تكمن في تلك التي تشكّلها الطبيعة، من قبيل التعرية الجوية، والرطوبة، وانجرافات مواد البناء، بسبب التساقطات المطرية الغزيرة والسيول، وما يخلّفه تعاقب الحرارة والبرودة من آثار سلبية.
وتابع موضحاً: "هناك أخطار بشرية تحدق بالمباني التاريخية، بسبب عقلية قاصرة وعاجزة عن إدراك الخلفيات الحضارية لهذه المباني، ما يجعل تلك المعالم الأثرية تفقد بهذه العقلية المتخلّفة حرمتها وقداستها الحضارية، فتتحول إلى أوكار للصوص، وفضاءات مهجورة للتسكع أو رمي القمامة، أو مجالاً للحفر والتخريب تحت وهم وجود كنز دفين، ما يشكل سقوطاً حضارياً مريعاً ستحاسبنا عليه الأجيال القادمة".
ومن الأخطار البشرية المحدقة أيضاً، يضيف بوتشيش، عدم تجديد قانون المحافظة على التراث، وعدم ملاءمته مع الواقع الحالي، إذ يعود القانون إلى الحقبة الاستعمارية، بالإضافة إلى تقاسم مسؤولية الإشراف على المباني التاريخية بين عدة جهات، كوزارة الثقافة، ووزارة الأوقاف، والمجالس المنتخبة، والقيام بترميم يفتقد إلى الحرفية والخبرة الدقيقة، كلها معطيات تزيد من حدة الأخطار المحدقة بسلامة المباني التاريخية وأصالتها.
المشكلة في الترميم
عامل ترميم المباني التاريخية بشكل يفتقد إلى المهنية، الذي ذكره بوتشيش، أكده بدوره فؤاد المالكي، وهو مهندس معماري متقاعد، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إن "أحد أكبر المشاكل التي تؤدي إلى تدهور بعض المباني التاريخية، وتهددها بالسقوط، هو أن طريقة ترميمها تتسم بكثير من الهواية حيناً، والغش أحياناً أخرى".
ويشرح المهندس أن ترميم بعض المباني التاريخية التي تكون بعيدة عن المركز، أي في المدن الصغيرة أو المتوسطة والمهمشة، لا يتم بالمواد والأدوات المناسبة لبناية هي في الأصل هشة بسبب عوامل التعرية والزمن، فيتم التعامل مع البناية التاريخية مثل أية بناية أخرى، وهذا خطأ تقني كبير".
وأردف المتحدث شارحاً بأن ترميم المباني التاريخية يتعيّن أن يقوم به متخصصون في المجال، وليس البناؤون أو المرممون، كما أن مواد البناء والترميم يجب أن تكون بجودة عالية، تتيح إطالة عمر البناية التاريخية لأطول وقت ممكن، وتستطيع التصدي لعوامل الطقس المختلفة.
ويتابع المهندس أن ما يحدث في عدد من الحالات أن المبنى التاريخي يحتاج إلى صيانة وترميم، "فتلجأ البلدية مثلاً، التي توجد البناية التاريخية المعنية في نطاقها الترابي، إلى تخصيص ميزانية ضعيفة لعملية الترميم، لا تتناسب مع أهمية البناية، فيتم ترميمها بشكل غير لائق يتسم أحياناً باستعمال مفرط للإسمنت المسلح، وهو أمر غير مقبول".
اتهامات المهندس لبعض الجهات المختصة بالتقصير في ترميم البنايات التاريخية، ما يعرّضها لخطر السقوط والاندثار بشكل أسرع ممّا لو تم ترميمها بمواد ذات جودة، وبميزانية أكثر سخاء، يفنّده عضو بمجلس مدينة فاس، أكد لـ"العربي الجديد"، أن ترميم البنايات التاريخية يخضع لمكاتب دراسات متخصصة، نافياً اللجوء إلى الإسمنت في ترميم المباني، بل إلى مواد تتلاءم مع طبيعتها وشكلها الخارجي، على حد قوله.
وتابع العضو المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن ترميم البناية التاريخية صعب تقنياً، إذ يحمل المُرمم الذي يعمل على إعادة الحياة لها على عاتقه تاريخاً بأكمله يرمز إلى حضارات سابقة.
جهود الحل
يعود المؤرخ بوتشيش ليرصد عدداً من المباني التاريخية التي تتعرّض لخطر الاندثار في المغرب، ومن بينها المعالم الأثرية بجهة تادلا أزيلال، خاصة سور مدينة القصيبة، الذي لم يبق منه سوى بضعة أمتار مهددة بالسقوط، فضلاً عن مباني جماعة أولاد يحيى بإقليم درعة التي زادت بها التشققات والتصدعات، والأسوار التاريخية في "تالوين" التي صارت بمثابة أطلال مهجورة.
وبخصوص مدينة مكناس، العاصمة الإسماعيلية للمغرب، فأشار بوتشيش إلى مسألة هدم أجزاء من السور الإسماعيلي لفتح أبواب تحت ذريعة تأمين التواصل بين مناطق المدينة، دون إيلاء أي اهتمام لأصالة السور، ورمزيته التاريخية، وتعبيراته عن وحدة المدينة وتكتلها بالتحصين والمغالبة.
ولفت المؤرخ ذاته، وهو ابن مدينة مكناس، إلى أن جزءاً من السور الإسماعيلي القريب من كلية الآداب بالمدينة، مهدد بدوره بالانهيار بسبب التصدعات، دون أن يجد العناية اللازمة، ما يستدعي التدخل العاجل لحفظ ذاكرة هذه المآثر التاريخية، وصيانة حمولتها الرمزية.
وبعيداً عن هذه المدن، تعيش بنايات تاريخية في مناطق تنتمي إلى ما يسمى "المغرب العميق"، والذي يعني المناطق المهمشة البعيدة عن جاذبية المركز، الكثير من المعاناة، ويتهددها في كل حين خطر السقوط والاندثار، ومنها ما يقع في مدينة تزنيت، جنوب المملكة.
وخربت السيول الجارفة التي عرفتها المنطقة الجنوبية، قبل أسابيع خلت، أجزاء من الواجهة الأمامية للقصر الخلفي التاريخي وسط ساحة المشور، والذي تم تشييده في نهاية القرن التاسع عشر، كما طال الخراب سور المدينة التاريخي، الذي يضم 56 برجاً، وخمسة أبواب تاريخية تتسم بالهندسة المعمارية التقليدية.
مدينة فاس، العاصمة التاريخية والعلمية للمملكة، يعاني عدد من بناياتها التاريخية أيضاً من الإهمال، كما أن معالمها الحضارية التي اشتهرت بها المدينة باتت عرضة للتآكل، ومنها باب بوجلود، وباب الدكاكن، ومدرسة الصهريج، ومدرسة العطارين، ومدرسة الصفارين، ومدرسة الشراطين.
وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس، سبق لها أن أكدت عقب انتقادات لبطء أعمال الصيانة، أن الأشغال في جل المعالم التاريخية بالمدينة تسير وفق وتيرة متسارعة في كل المواقع التاريخية التي تستوجب ذلك، مبرزة أن عمليات إصلاح وترميم هذه المعالم ستنتهي مع نهاية السنة الحالية.
أما وزارة الثقافة المغربية فمن جانبها تؤكد إشرافها، إلى جانب قطاعات حكومية متداخلة، على عدة مشاريع لترميم العشرات من المباني التاريخية في عدد من المدن، مثل الرباط وفاس ومراكش ومكناس، خصصت من أجلها ميزانية بملايين الدراهم، مؤكدة أن عمليات الترميم تستجيب للشروط المعمول بها دولياً، ومنها أخذ المعطيات التاريخية والأثرية بالاعتبار في مشاريع الترميم.
--------
اقرأ أيضا :
بالفيديو.. أسرار الابتزاز الإلكتروني في وادي زم بالمغرب
بالفيديو.. تمرد مغربي على حكم "الأمغار" في الأطلس المتوسط
سقوط السور التاريخي بتزنيت، والذي شُيّد في عهد السلطان الحسن الأول في 1882، وقبله انهيار أجزاء من القصر الخليفي بالمدينة ذاتها، وأيضاً سقوط عدد من المباني التاريخية في مناطق أخرى، حوادث دفعت المملكة لإعلان مخطط استعجالي لترميم المباني التاريخية في البلاد.
غياب الإحصاء الدقيق
في المغرب، مئات المواقع والبنايات التاريخية والمناطق الأثرية، من بينها العديد من المباني الآيلة للاندثار أو التي يهددها السقوط في أية لحظة، إما لأسباب طبيعية خارجة عن إرادة الإنسان، أو لعوامل بشرية ذاتية، تتعلّق خاصة بمدى استيعاب المجتمع والدولة لأهمية البناء التاريخي. ووفق وزارة الثقافة المغربية، فإن المباني التاريخية والمواقع الأثرية المعترف بها في البلاد، يبلغ عددها أكثر من 225 بناية وموقعاً، تضم بدورها أسواراً وآثاراً تاريخية، وتتوزع على زهاء 31 مدينة ومنطقة في المملكة، أولها مدينة فاس بـ39 بناية تاريخية، تليها مراكش بـ24، والرباط بـ18، ثم مكناس بـ17 بناية وموقعاً أثرياً.
وإن هذا العدد من المباني والمواقع التاريخية بالمغرب لا ينحصر تحديداً في هذا الرقم، بالنظر إلى أن الموقع الواحد قد يضم عدة بنايات أو أسوار تاريخية، وبالتالي يمكن الحديث عن مئات المباني التاريخية في مختلف مناطق المملكة، ومن ضمنها مبانٍ تحتاج للاعتناء حتى لا تنهار.
يوضح مصدر في وزارة الثقافة ـ رفض ذكر اسمه، لأنه غير مخوّل بالحديث ـ أنه لا يمكن تحديد عدد معيّن للمباني التاريخية المغربية، بسبب غياب إحصاء أو جرد رسمي لتلك البنايات في سائر ربوع المملكة، قائلاً لـ"العربي الجديد": "الثابت أن عدداً من تلك المباني وصل إلى درجة من السوء والإهمال، حتى باتت صيانتها مطلباً أكيداً، ولم يتم الأمر حتى الآن".
مخاطر طبيعية وبشرية
يقول المؤرخ والأكاديمي المغربي، إبراهيم القادري بوتشيش، إن "رصد المباني التاريخية في المغرب يكشف عن تنصّل واضح من المسؤولية الملقاة على الدولة والمجتمع المدني في صيانة هذه الذاكرة الجماعية، وحمايتها من الاندثار والسقوط الحضاري".
وذهب بوتشيش، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن بعض المباني التاريخية "انتقلت من التعبير عن هوية وطنية، إلى أمكنة مهجورة طالها النسيان والإهمال، حتى أصبحت على شفا هاوية السقوط والاندثار"، عازياً ذلك إلى عدة عوامل، في مقدمتها غياب استراتيجية مدروسة للنهوض بالموروث الثقافي، ورأسماله الرمزي، وإمكانية ربطه بعجلة التنمية.
وتابع موضحاً: "هناك أخطار بشرية تحدق بالمباني التاريخية، بسبب عقلية قاصرة وعاجزة عن إدراك الخلفيات الحضارية لهذه المباني، ما يجعل تلك المعالم الأثرية تفقد بهذه العقلية المتخلّفة حرمتها وقداستها الحضارية، فتتحول إلى أوكار للصوص، وفضاءات مهجورة للتسكع أو رمي القمامة، أو مجالاً للحفر والتخريب تحت وهم وجود كنز دفين، ما يشكل سقوطاً حضارياً مريعاً ستحاسبنا عليه الأجيال القادمة".
ومن الأخطار البشرية المحدقة أيضاً، يضيف بوتشيش، عدم تجديد قانون المحافظة على التراث، وعدم ملاءمته مع الواقع الحالي، إذ يعود القانون إلى الحقبة الاستعمارية، بالإضافة إلى تقاسم مسؤولية الإشراف على المباني التاريخية بين عدة جهات، كوزارة الثقافة، ووزارة الأوقاف، والمجالس المنتخبة، والقيام بترميم يفتقد إلى الحرفية والخبرة الدقيقة، كلها معطيات تزيد من حدة الأخطار المحدقة بسلامة المباني التاريخية وأصالتها.
المشكلة في الترميم
عامل ترميم المباني التاريخية بشكل يفتقد إلى المهنية، الذي ذكره بوتشيش، أكده بدوره فؤاد المالكي، وهو مهندس معماري متقاعد، قائلاً لـ"العربي الجديد"، إن "أحد أكبر المشاكل التي تؤدي إلى تدهور بعض المباني التاريخية، وتهددها بالسقوط، هو أن طريقة ترميمها تتسم بكثير من الهواية حيناً، والغش أحياناً أخرى".
ويشرح المهندس أن ترميم بعض المباني التاريخية التي تكون بعيدة عن المركز، أي في المدن الصغيرة أو المتوسطة والمهمشة، لا يتم بالمواد والأدوات المناسبة لبناية هي في الأصل هشة بسبب عوامل التعرية والزمن، فيتم التعامل مع البناية التاريخية مثل أية بناية أخرى، وهذا خطأ تقني كبير".
وأردف المتحدث شارحاً بأن ترميم المباني التاريخية يتعيّن أن يقوم به متخصصون في المجال، وليس البناؤون أو المرممون، كما أن مواد البناء والترميم يجب أن تكون بجودة عالية، تتيح إطالة عمر البناية التاريخية لأطول وقت ممكن، وتستطيع التصدي لعوامل الطقس المختلفة.
ويتابع المهندس أن ما يحدث في عدد من الحالات أن المبنى التاريخي يحتاج إلى صيانة وترميم، "فتلجأ البلدية مثلاً، التي توجد البناية التاريخية المعنية في نطاقها الترابي، إلى تخصيص ميزانية ضعيفة لعملية الترميم، لا تتناسب مع أهمية البناية، فيتم ترميمها بشكل غير لائق يتسم أحياناً باستعمال مفرط للإسمنت المسلح، وهو أمر غير مقبول".
اتهامات المهندس لبعض الجهات المختصة بالتقصير في ترميم البنايات التاريخية، ما يعرّضها لخطر السقوط والاندثار بشكل أسرع ممّا لو تم ترميمها بمواد ذات جودة، وبميزانية أكثر سخاء، يفنّده عضو بمجلس مدينة فاس، أكد لـ"العربي الجديد"، أن ترميم البنايات التاريخية يخضع لمكاتب دراسات متخصصة، نافياً اللجوء إلى الإسمنت في ترميم المباني، بل إلى مواد تتلاءم مع طبيعتها وشكلها الخارجي، على حد قوله.
وتابع العضو المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن ترميم البناية التاريخية صعب تقنياً، إذ يحمل المُرمم الذي يعمل على إعادة الحياة لها على عاتقه تاريخاً بأكمله يرمز إلى حضارات سابقة.
جهود الحل
يعود المؤرخ بوتشيش ليرصد عدداً من المباني التاريخية التي تتعرّض لخطر الاندثار في المغرب، ومن بينها المعالم الأثرية بجهة تادلا أزيلال، خاصة سور مدينة القصيبة، الذي لم يبق منه سوى بضعة أمتار مهددة بالسقوط، فضلاً عن مباني جماعة أولاد يحيى بإقليم درعة التي زادت بها التشققات والتصدعات، والأسوار التاريخية في "تالوين" التي صارت بمثابة أطلال مهجورة.
وبخصوص مدينة مكناس، العاصمة الإسماعيلية للمغرب، فأشار بوتشيش إلى مسألة هدم أجزاء من السور الإسماعيلي لفتح أبواب تحت ذريعة تأمين التواصل بين مناطق المدينة، دون إيلاء أي اهتمام لأصالة السور، ورمزيته التاريخية، وتعبيراته عن وحدة المدينة وتكتلها بالتحصين والمغالبة.
وبعيداً عن هذه المدن، تعيش بنايات تاريخية في مناطق تنتمي إلى ما يسمى "المغرب العميق"، والذي يعني المناطق المهمشة البعيدة عن جاذبية المركز، الكثير من المعاناة، ويتهددها في كل حين خطر السقوط والاندثار، ومنها ما يقع في مدينة تزنيت، جنوب المملكة.
وخربت السيول الجارفة التي عرفتها المنطقة الجنوبية، قبل أسابيع خلت، أجزاء من الواجهة الأمامية للقصر الخلفي التاريخي وسط ساحة المشور، والذي تم تشييده في نهاية القرن التاسع عشر، كما طال الخراب سور المدينة التاريخي، الذي يضم 56 برجاً، وخمسة أبواب تاريخية تتسم بالهندسة المعمارية التقليدية.
مدينة فاس، العاصمة التاريخية والعلمية للمملكة، يعاني عدد من بناياتها التاريخية أيضاً من الإهمال، كما أن معالمها الحضارية التي اشتهرت بها المدينة باتت عرضة للتآكل، ومنها باب بوجلود، وباب الدكاكن، ومدرسة الصهريج، ومدرسة العطارين، ومدرسة الصفارين، ومدرسة الشراطين.
وكالة التنمية ورد الاعتبار لفاس، سبق لها أن أكدت عقب انتقادات لبطء أعمال الصيانة، أن الأشغال في جل المعالم التاريخية بالمدينة تسير وفق وتيرة متسارعة في كل المواقع التاريخية التي تستوجب ذلك، مبرزة أن عمليات إصلاح وترميم هذه المعالم ستنتهي مع نهاية السنة الحالية.
أما وزارة الثقافة المغربية فمن جانبها تؤكد إشرافها، إلى جانب قطاعات حكومية متداخلة، على عدة مشاريع لترميم العشرات من المباني التاريخية في عدد من المدن، مثل الرباط وفاس ومراكش ومكناس، خصصت من أجلها ميزانية بملايين الدراهم، مؤكدة أن عمليات الترميم تستجيب للشروط المعمول بها دولياً، ومنها أخذ المعطيات التاريخية والأثرية بالاعتبار في مشاريع الترميم.
--------
اقرأ أيضا :
بالفيديو.. أسرار الابتزاز الإلكتروني في وادي زم بالمغرب
بالفيديو.. تمرد مغربي على حكم "الأمغار" في الأطلس المتوسط