إدراكنا يزعجهم

18 ديسمبر 2014
من يقبل المساس بمصالحه أو من يقبل الخسارة والألم؟(أ.ف.ب)
+ الخط -

ليس هناك أخطر على الحكام والساسة من مجتمع يتمتع بالمعرفة والعلم بما يدور في مؤسسات الدول، ولا يخاف المتربع على عرش السلطة من شيء مقدار خوفه وهلعه من معرفة شعبه بما يحدث من خبايا الخزي والعار وخيانة الأمة في أروقة هذه السلطة ومؤسساتها، إذا ما كانت هذه السلطة لديها ما تخشاه تجاه مصالح شعبها وعدم الالتزام بها.

المعادلة ليست بالصعبة ولا المعقدة، فإذا طلب منك مسؤولك في العمل أن تؤدي مهمة معينة، وأنت تعرف أن هذه المهمة ستتسبب في طردك من العمل، أو سيتم خصم راتبك أو إنذارك أو غير ذلك من أنواع العقوبات فمنطقيّاً لن تقوم بطاعته، لأنك تدرك أن هذه الطاعة ستؤدي بك إلى أمر لا يقبله عاقل، فمن يقبل المساس بمصالحه أو من يقبل الخسارة والألم؟

إذن، المعركة اليوم بكل بساطة هي معركة ضد المعرفة الحقيقية، والفهم الذي يحاربه العالم اليوم هو الفهم الصحيح للإسلام، الفهم الذي أقلق الغرب لقرون مضت وما زال، الفهم الشامل الذي يدعو الأمة للعلم والعمل، الفهم الذي يقود إلى النهضة وسيسترد مكانة هذه الأمة بين الأمم.

وبعد أن وجد المتآمرون صعوبة الحرب المباشرة على "الإسلام"، سلكوا طرقاً أخرى أكثر فاعلية بالنسبة لهم، اختاروا محاربة العقول والأفكار، وهي معركة طويلة ولكن نتائجها إن تحققت تستحق الصبر والعناء.

باتت الحرب واضحة المعالم والدوافع، لم تعد الحرب كما يدعي الغرب والشرق على الإرهاب والجماعات المتطرفة، المعركة اليوم ضد الفهم الصحيح للإسلام، فإسلام التعبد لا مانع من ممارسته إطلاقاً، وإسلام المظاهر لا يسبب أي مشاكل ولايستدعي العمل ضده، ولكن الخطورة في الإسلام الشامل، وفي من يحمل الفكرة الإسلامية الحقيقية.

وفي السنوات الأخيرة تسارعت الخطوات بشكل فاق توقعات الكثيرين في العالم، التسارع في كل شيء، في التكنولوجيا والصناعة والتجارة وحتى في العادات والتقاليد وأنماط الحياة والمعيشة.

رغم كل هذا التطور والتقدم وانسيابية المعلومات وتوافرها بشكل غير مسبوق في العالم أجمع، إلا أن هناك ثلة ما زالت بعقلياتها القديمة تمتطي هذه الوسائل لترويج أفكارها ونظرياتها التي أكل عليها الدهر وشرب، وأعني بهذه الأفكار تحديداً العبودية والذل والطاعة العمياء لولي النعمة الذي يسمونه ولي الأمر لإعطائه تلك الصبغة الدينية التي تبرر قبح أفعالهم، وليظلوا تحت أحذية المجرمين بضمير مرتاح.

نعم كل هذا واقع، ولكن المهم هو الدور المطلوب من الشباب حيال هذا الواقع المؤلم؟

سابقاً كانت تقاس مدة الأجيال بمقدار ثلاثين سنة، وكل جيل بطبيعة الحال له خصائص وصفات مشتركة، و اليوم أصبحت الأجيال لا تتعدى السنوات الخمس في أقصى تقدير، ذابت الحواجز الخاصة بالأعمار بشكل لافت، فلم يعد للسن تلك الأهمية القديمة، فشاب في العشرين من عمره ينجز وينتج ويشارك ويصنع القرار، في الوقت الذي يقعد فيه الرجل الأربعيني والخمسيني مكتوف الأيدي، ولا أريد التعميم فالتعميم آفة التقييم، ولكن الأرقام والإحصائيات تثبت أن الأعمار لم تعد لها أهمية في العطاء والإنجاز.

الحل لمواجهة هذه المؤامرة، هو رجوع الأمة لفهمها الصحيح لتواجه هذا التيار مثلما واجهت التتار في عهد سابق…


*البحرين

المساهمون