اعتاد جميل المصري من سكان مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، تزيين منزله ومحيطه وشوارع الحي الذي يسكنه، مع حلول ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل عام، في محاولة منه للحفاظ على تراثٍ ورثه من أجداده في إحياء تلك الذكرى، وإيجاد أجواء تليق بها، ضمن عادات نابلسية قديمة، اعتاد أهالي المدينة على إحيائها سنويًا.
ويحاول المصري، والذي يتقن فن النشيد الإسلامي والمدائح النبوية، ضمن فرقة للنشيد تدعى أحباب المصطفى، إيجاد جو للفرحة والبهجة لذكرى المولد النبوي في منزله، وتشجيع جيرانه وتجار مدينته، من خلال إقناعهم بتزيين منازلهم وأمام محالهم التجارية وشوارع المدينة.
ويحرص المصري، والذي يتبع الطريقة النقشبندية الصوفية، على إحياء أي حفل إنشادي يتعلق بهذه المناسبة، سواء بالمقاهي الشعبية أو المساجد وحتى ساحات البلدة القديمة وخصوصًا أمام منارة نابلس، وهي ساعة توقيت كبيرة بنيت في عهد العثمانيين في بلدة نابلس القديمة.
وبرغم تلك الأجواء الموجودة من الاحتفالات والاستعدادات، فإن المصري يرى في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الاهتمام بتلك المناسبة قلّ عمّا كان عليه قبل نحو 40 عامًا في نابلس كما في بقية بلاد الشام، إذ كانت الأجواء أفضل بكثير ممّا هي عليه هذه الأيام.
وما زالت نابلس تتزين بالزينة الورقية الملونة أو الإضاءات التي تحرص بلدية نابلس بمساندة بعض الشركات على توفيرها في أغلب الأعوام، فيما تخرج الفرق الإنشادية الصوفية بمسيرات شعبية توزع فيها الحلوى النابلسية، سواء الكنافة أو البقلاوة أو قد توزع بعض الحلويات "الملبس" من خلال أوعية مزينة، فيما ترش أيضًا على المحتفلين وسط جوقة إنشادية جماعية ومدائح نبوية.
وبرغم أن هذه العادة كانت متبعة في معظم المدن والبلدات الفلسطينية، فإن أهالي نابلس يحاولون إيجاد جوٍّ خاص بتلك الذكرى في مدينتهم، فيما تحاول وزارة الأوقاف الفلسطينية أن ترعى احتفالات سنوية في الكثير من المساجد تلقى فيها الكلمات الدعوية والفقرات الإنشادية، وهو ما أكده مدير وزارة الأوقاف بنابلس سليم الأشقر لـ"العربي الجديد".
ويرى الأشقر أن إحياء ذكرى المولد النبوي في نابلس يكتسب صفة العادة والتقليد المجتمعي، أكثر من كونه أمراً رسمياً ترعاه وزارة الأوقاف، لكن تلك العادة تضاءلت عما كانت عليه في السابق من خلال الاحتفال الشعبي بها أو الاستعداد لها، وأصبحت تتفاوت من عائلة نابلسية إلى أخرى.
ويعزو مدير أوقاف نابلس أسباب قلة الاهتمام بهذه المناسبة، عما كان عليه في السابق، لاختلاف المشارب الفكرية الدينية في إحياء هذه الذكرى والاختلاف حول كونها بدعة أم لا، إضافة لقلة الوازع الديني، وقلة التأثير الصوفي على الناس، حيث يهتم الصوفيون بهذه المناسبة أكثر من غيرهم.
ورغم ذلك، فإن الكثير من أهالي مدينة نابلس ينتظرون هذه الذكرى ويحرصون على المشاركة فيها وإيجاد جوّ خاص بها، فيما تحاول مديرية أوقاف نابلس إعادة هذه الأجواء والحث عليها من خلال اجتماعات لها مع دواوين العائلات النابلسية.