في قرار يعكس غضب نظام عبد الفتاح السيسي جراء فشله في إدارة انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة، وتدني مستوى المشاركة فيها وعجز الأجهزة عن زيادة نسب المشاركة المسجلة عن 14%، أصدر مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات، برئاسة المستشار لاشين إبراهيم، نائب رئيس محكمة النقض، اليوم، قرارا بإحالة جميع الناخبين الذين تخلفوا عن التصويت في الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ إلى النيابة العامة.
وذكر مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات، في بيان، أنه عقد اجتماعا اليوم لبحث آليات تطبيق أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية على كل ناخب تخلف عن أداء الواجب الوطني والإدلاء بصوته في انتخابات مجلس الشيوخ 2020، وانتهى المجلس إلى إعداد كشوف بأسماء كل ناخب يحق له الإدلاء بصوته وتخلف عن هذا الحق.
وأكدت الهيئة أن "الدولة المصرية وفرت كافة الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لنزول الناخبين من أجل ممارسة حقهم السياسي فى التصويت بالجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ"، وأضافت أن "الهيئة الوطنية للانتخابات اتخذت جميع الإجراءات الاحترازية التي من شأنها حماية أطراف العملية الانتخابية والناخبين من جائحة كورونا، واستعدت اللجان لاستقبالهم، ونبهت مرارا وتكرارا لضرورة النزول، إلا أن البعض تقاعس عن أداء دوره وواجبه الوطني في المشاركة، وهو ما انتهى إليه مجلس إدارة الهيئة بإحالة جميع من تخلفوا عن الاقتراع إلى النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم في هذا الشأن".
وبتطبيق مقتضى المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية 45 لسنه 2014 وتعديلاته، اتخذت الهيئة إجراءاتها لمعاقبة الناخبين المتخلفين عن الإدلاء بأصواتهم، ونسبتهم 86% من الناخبين المصريين، بغرامة لا تجاوز 500 جنيه.
ومنذ صعود عبدالفتاح السيسي للسلطة، ثمة اهتمام كبير بمسألة نسبة المشاركة بغية كسر نسب المشاركة القياسية وغير المسبوقة التي تم تسجيلها في الاستحقاقات الخمسة التي أجريت في أعقاب ثورة يناير/كانون الثاني 2011، وهي استفتاء التعديلات الدستورية، وانتخابات مجلسي الشعب والشورى التي فاز بها حزب الحرية والعدالة، والرئاسة التي فاز بها محمد مرسي، واستفتاء دستور 2012.
وأثمرت هذه الرغبة في كسر نسب المشاركة المسجلة مفارقات مثيرة للسخرية، فعلى سبيل المثال، أعلنت هيئة الانتخابات أن المشاركة في استفتاء التعديلات الدستورية الذي أجري في إبريل/نيسان 2019 بلغت 44.3 في المائة، لتصبح بذلك في الأوراق الرسمية ثاني أكبر استحقاق لجهة نسبة المشاركة بعد انتخابات مجلس الشعب عام 2011، متفوّقة على استحقاقات سجلت ذاكرة المشاركين فيها قبل عدسات المصورين طوابير حاشدة وإقبالاً غفيراً على اللجان، وهو ما اعتُبر من قبل كثيرين محاولة مفضوحة لخداع العالم والرأي العام المحلي، خاصة أنه تم توزيع الناخبين على اللجان بطريقة كانت كفيلة بتكدّسهم مما تسبّب بتعطيل مروري أمام المجمّعات الانتخابية على مدار أيام التصويت الثلاثة داخل مصر، فقد تراوح عدد الناخبين في كل لجنة بين 4 آلاف و10 آلاف ناخب، علماً بأن كل الاستحقاقات السابقة كانت اللجان فيها تضم على الأكثر 2500 ناخب.
وكانت الهيئة قد لجأت إلى تلك الطريقة في محاولة للتصدي لدعوات مقاطعة القضاة للإشراف على الاستفتاء، مع زيادة المبلغ المالي الممنوح للقاضي في كل لجنة خلال الأيام الثلاثة للاستفتاء إلى 14 ألفاً و15 ألف جنيه (نحو 874 دولاراً)، علماً بأن أكبر بدل تقاضاه القضاة في السابق كان 7 آلاف جنيه في انتخابات الرئاسة 2018، مما أدى إلى اختصار عدد اللجان إلى 14 ألفاً تقريباً.
ورغم محاولات الحشد باستخدام وسائل الترغيب تارة والتخويف المتكرر دائما من تغريم المتخلفين عن التصويت، فإن انتخاب السيسي نفسه للولاية الثانية عام 2018 كان بعد المد والتحسين 41.05 في المائة، ليمثل نسبة المشاركة الأقل -رسميا حتى انتخابات الشيوخ الأخيرة- منذ رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك عن السلطة.