بدأت السلطات الأمنية العراقية، اليوم الأربعاء، في اتخاذ إجراءات أمنية مشددة داخل العاصمة بغداد وضواحيها، بعد موجة اعتداءات إرهابية عنيفة استهدفت مناطق عدة فيها خلال اليومين الماضيين راح ضحيتها نحو 300 شخص بين قتيل وجريح غالبيتهم من المدنيين، في إجراءات وصفت بالاستباقية لمنع تكرارها.
وقال مسؤول بوزارة الداخلية العراقية لـ"العربي الجديد" إن "الإجراءات الجديدة تهدف إلى منع وقوع تفجيرات أخرى محتملة قد يقدم عليها التنظيم"، مبينا أنها تتضمن "عمليات تفتيش للمنازل والمباني السكنية والتجارية باستخدام الكلاب البوليسية، فضلا عن نصب نقاط تفتيش وتنفيذ عمليات دهم للقرى والأرياف القريبة من بغداد والمزارع الخاصة فيها والتدقيق بالسيارات وعائديتها (ملكيتها)".
وتسببت الإجراءات في اختناقات مرورية كبيرة في بغداد، حيث بدت أغلب طرق العاصمة الرئيسية مشلولة الحركة مع وجود حواجز التفتيش، التي تدقق في هوية الأشخاص وتفتش السيارات المارة من بينها سيارات المسؤولين وأعضاء الأحزاب السياسية بأمر من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، وفقا للمسؤول نفسه.
كما أصدرت قيادة عمليات بغداد المكلفة بالملف الأمني في العاصمة قرارات عدة، من بينها منع وقوف السيارات على جانبي الطرق في أكثر من 90 منطقة داخل بغداد، ومنع وضع "الزجاج المضلل" في السيارات، وإمكانية استخدام القوة ضد السيارات التي تمتنع عن الخضوع للتفتيش داخل الحواجز العسكرية والأمنية.
وتسعى الحكومة العراقية من خلال هذه الإجراءات إلى إيقاف موجة التفجيرات والاعتداءات ذات الطابع الإرهابي التي باتت ظاهرة متكررة في بغداد ومدن أخرى خاضعة لسيطرتها.
وتتزامن موجة التفجيرات مع استمرار العمليات العسكرية في مدينة الموصل، 450 كيلومتراً شمال بغداد، والتي دخلت شهرها الثالث في وقت تحاول فيه القوات العراقية استعادة السيطرة على مزيد من الأحياء السكنية في الجانب الأيسر من المدينة.
من جهته، اتهم رئيس اللجنة الأمنية في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، جهاتٍ وصفها بـ"المتنفذة" بالوقوف وراء تلك التفجيرات، موضحاً في تصريح متلفز، الأربعاء، أن "هناك جهات متنفذة وأيادي متورطة في التفجيرات الأخيرة ووقوف كتل سياسية وراءها لا تريد الاستقرار للعراق".
واعتبر خبراء في الأمن أن موجة التفجيرات، التي ضربت العاصمة ومدنا أخرى أخيرا، تعد انتكاسة أمنية خطيرة جداً يتحمل مسؤوليتها القادة الأمنيون وحكومة العبادي.
وقال الخبير الأمني منتظر الحسيني إن "البلاد منذ نحو ستة أشهر بلا وزيري دفاع وداخلية رغم الحرب المستمرة على تنظيم "داعش" والانتكاسات الأمنية المتتالية في بغداد ومدن أخرى، وهذا من أهم أسباب هذه الانهيارات الأمنية الخطيرة".
ورجح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن يكون "هناك تورط أو تواطؤ في تسهيل تلك الاعتداءات داخل بغداد لاستخدامها كورقة ضغط سياسية"، وفقا لقوله.
وتعاني العاصمة بغداد من اختناقات مرورية مستمرة نتيجة تشديد الإجراءات الأمنية في نقاط التفتيش عند مداخل ومخارج العاصمة، ما أثار تساؤلات كبيرة حول كيفية وصول السيارات المفخخة إلى داخل بغداد، بحسب المراقبين.
وتتذرع القوات الأمنية بعدم امتلاكها أجهزة حديثة كافية للكشف عن المتفجرات في نقاط التفتيش، الأمر الذي دفع عدداً من البرلمانيين إلى المطالبة باستيراد أجهزة حديثة لكشف المتفجرات ونشرها في مداخل ومخارج العاصمة ونقاط التفتيش.