وتسبب مقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بصدمة لدى كثير من التونسيين الذين استنكروا هذا السلوك غير المسؤول، قبل أن تتحرك النيابة العمومية ومندوب حماية الطفولة لتوقيف الأشخاص المسؤولين.
وقال الناطق باسم محاكم المنستير والمهدية، فريد بن جحا، لـ"العربي الجديد"، إن "مصلحة وقاية الأحداث بإدارة الشرطة بالقرجاني، تمكنت في ساعة متأخرة من ليل أمس، بالتنسيق مع وحدات الأمن بمنطقة جمال بالمنستير، من القبض على خمسة أشخاص، بينهم امرأتان، إحداهما أمّ الطفل الذي تم إرغامه على احتساء الخمر والتدخين".
وأوضح بن جحا أنّه "تمت إحالة جميع الأشخاص الذين ظهروا في الفيديو للتحقيق، وعددهم أربعة، بينما الموقوف الخامس يشتبه أن لديه علاقة مع أم الطفل التي تبين أنها في مرحلة الطلاق، ولكنها لا تزال على ذمة زوجها، وقد يتم فتح قضية ثانية بطلب من الزوج".
وأضاف أن التصريحات الأولى للموقوفين تؤكد أن المناسبة التي تم تصوير الفيديو فيها هي عيد ميلاد الطفل، لكنّ الأبحاث والإجراءات المتعلقة بوضع الطفل لا تزال متواصلة.
وأكدت وزارة المرأة التونسية، في بيان أمس، أنّ "مندوب حماية الطفولة بالمنستير، قام بإعلام الفرقة المختصة بجرائم العنف ضد المرأة والطفل في منطقة جمال، ليبدأ التحقيق في قضية الطفل الذي يقبع في وضع إهمال وتهديد".
وقال مندوب حماية الطفولة بالمنستير، كمال عبد اللاوي، لـ"العربي الجديد"، إنّه "بعد انتهاك حرمة الطفل المولود في 2017، وتعريضه إلى انتهاكات صارخة بإجباره على احتساء الكحول، تم التحرك وتأمين رعايته في جمعية مختصة بالمنستير، وسيتم عرض الطفل على الطب الشرعي لمعرفة إن كان تعرض لتهديدات أخرى".
وبين أن "الوضع النفسي للطفل حاليا مستقر، ولكن الأخصائية النفسية ستتابع حالته، وهناك العديد من الأطراف قد يتم التحقيق معهم في القضية، ومن بينهم والد الطفل الذي لم يظهر حتى الآن في الصورة".
وأوضح أن "الأم أنكرت وجودها ضمن المجموعة التي قامت بإجبار طفلها على احتساء الكحول، وأنها أودعته لدى إحدى صديقاتها، وفوجئت بما حصل بعد تداول الفيديو، كما طالبت بإبقاء الطفل لدى عائلتها، ولكن تقرر إيداعه حاليا لدى جمعية مختصة، واستكمال عرضه على أطباء، ومتابعته اجتماعيا ونفسيا حتى معرفة مدى أهلية العائلة لرعايته".
وأشار عبد اللاوي إلى أنها "ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها أطفال لتهديدات مماثلة، وكثيرا ما تظهر صور لأطفال بجانب أوليائهم الذين يحتسون الخمر، ويتم التحقيق مع الأولياء ومتابعة الأطفال. هذه الحادثة صادمة، وقد تكون الأولى التي يظهر فيها طفل في مثل هذه السن وهو يحتسي الخمر".
وأفاد بأن "قانون حماية الطفل يحدد التهديدات التي يتعرض لها الأطفال من إهمال واستغلال واعتداء، وعدم القدرة على العناية بهم، ولا توجد حالات متشابهة، فلكل قصة ملابساتها وظروفها، وفي حال وجود تهديد كبير على الطفل، وبعد الاستعانة بقاضي الأسرة، قد يتم انتزاع الطفل المهدد وإيداعه بمركز رعاية أو مؤسسة بديلة، وأحيانا لدى عائلة أخرى إلى حين اتخاذ ما هو مناسب له".
وقال المختص في علم النفس، وحيد قويعة، لـ"العربي الجديد"، إن "الطفل عادة يتعلم من الأكبر سنا، فهم القدوة والمثل، وإذا كانت الكحول والسجائر تحتسى أمام الطفل فإنه سينظر إليها باعتبارها مسائل عادية وقد يتعاطاها، وهذا الأمر يدل على استهتار الولي أو الكبار".
وبين أن "مثل هذه الحوادث تبقى في ذاكرة الطفل، ولكن بالعلاج يمكن أن ينساها أو يمكن الحد من تداعياتها، لأنه في عمر يمكّن من العمل على ترسيخ سلوكيات إيجابية، والإصلاح يجب أن يشمل الكبار".