أحداث مؤلمة تحملها ذاكرة عراقيين عاشوا قصصاً مرعبة، فالموت كان يحيط بهم من كل جانب... هي حال إبراهيم علي صالح
كانت فترة سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق يختلف سكانها عنه عقيدياً من أسوأ الفترات على الإطلاق على هؤلاء السكان، إذ تتحول حياة العائلات إلى جحيم، فيما مصير الرجال من بينهم القتل، إلا من هرب بجلده.
إبراهيم علي صالح، واحد من الذين كتبت لهم حياة جديدة بطريقة يصفها بأنّها "رحمة إلهية" إذ لا يصدق حتى اليوم أنّه نجا من الموت على يد تنظيم "داعش" أكثر من مرة.
هو كان من بين المتهمين بالعمالة والتجسس لصالح القوات العراقية، فضلاً عن تهمة أخرى، وهي أنّه معروف في قريته بكونه من أتباع طريقة صوفية، وسواء عوقب على التجسس أو التصوف فأيّ من التهمتين مصير صاحبها الإعدام.
لكنّ صالح بعد اعتقال "داعش" له طوال 24 يوماً، وتعذيبه، أفرج عنه بعدما تبين للقاضي الشرعي المسؤول عن المنطقة التي يسكنها أن لا أدلة مؤكدة تثبت الاتهامات عليه.
اقــرأ أيضاً
يسكن إبراهيم علي صالح، المولود عام 1967، في قرية اسمها تويلة، تقع في ناحية الرياض، غربي محافظة كركوك (شمال) ويعمل في الزراعة وتربية الحيوانات.
صالح الذي يوثق الأحداث المهمة التي يعيشها، يقول إنّ تنظيم "داعش" دخل إلى ناحية الرياض في 10 يونيو/ حزيران 2014، وبدأ يجمع معلومات عن السكان، للسيطرة على المنطقة، فعمد إلى اعتقال من يعملون في الجيش والشرطة، وكان على المعتقلين أن يعلنوا توبتهم من وظائفهم وإلا فمصيرهم القتل، فهذه الوظائف تتبع حكومة كافرة بعين "داعش".
في حديثه إلى "العربي الجديد" يقول صالح إنّ السكان في قريته يغلب عليهم طابع التصوف، وكثير من رجالها يلتزمون بطرق صوفية، ويعيشون بسلام منذ وجدوا في القرية التي يسكنها أجدادهم منذ أكثر من مائة عام. كان على هؤلاء أن يعلنوا توبتهم من التصوف، ففعلوا، وإلا كان مصيرهم الإعدام بحجة الكفر.
يوضح صالح أنّ "الحياة في ظل حكم داعش كانت قاسية ومهينة. لم نعهد من قبل هذه القسوة. كنا قرية مسالمة تعيش بأمان وهدوء وبساطة. لقد حولوا حياتنا إلى خوف ورعب". يضيف: "في يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 داهم عناصر داعش قريتنا واعتقلوني بتهمة العمالة والتجسس والتهمة الكبرى أنّي صوفي. تلقيت أشد وأقسى أشكال التعذيب من ضرب وإهانة وصعق بالكهرباء. وتبين لي أنّهم فعلوا هذا فقط للتخويف وبث الرعب في نفوس أهالي القرية، كونهم يعلمون أنّ السكان في القرية يرفضون وجودهم".
صالح تأكد أنّه إن نجا في المرة الأولى فلن ينجو في الثانية، لذلك صنع مخبأ تحت الأرض، في مكان مجاور لبيته، يكون الدخول والخروج منه عبر فتحة قريبة من مكان مخصص لحيواناته من أغنام وأبقار، وضع عليها حشائش من نوع تأكل منه الماشية، فلا يمكن لأحد كشف الفتحة. يقول: "في 4 يناير/ كانون الثاني 2015 جرت مداهمتنا بنفس الدعوى على إثر وشاية بأنّ أهالي القرية يرمون أقراصاً حرارية في أماكن تجمعات داعش بمنطقتنا، ومن خلال هذه الأقراص تستدل عليهم الطائرات فتقصفهم. تمكنت من الاختباء في الملجأ الذي أعددته سابقاً، ونجوت من الاعتقال، بينما اعتقلوا عدداً كبيراً من رجال وشباب القرية". يتابع: "في أثناء المداهمة سرقوا ما أملك من مال كنت أدخره في البيت، وحلي ومصوغات ذهبية، وأحجار كريمة نادرة كنت أقتنيها، فضلاً عن سيارتين، ولم يبقوا لي شيئاً. ونفس عملية السرقة شملت منازل وممتلكات أبناء أعمامي وسكاناً في القرية". صالح يشير إلى أنّ "المداهمات كانت تستمر، بحجج مختلفة لكنّ الغاية كانت للسرقة. أحياناً يستولون بالغصب على ماشية السكان فتجدهم يداهمون القرية ويأخذون معهم عدداً من الأبقار والأغنام يجمعونها من البيوت".
بسبب وجود "داعش" توقف أربعة من أبناء صالح عن الدراسة، بينما يرفض العودة إلى قريته وبيته، على الرغم من تحريرها. ويقول: "أنقذنا الجيش من داعش بعد تحرير قريتنا. خرجنا إلى مخيم النزوح. ولا أستطيع العودة. أفضل البقاء في المخيم". سبب تفضيله المخيم أنّ "القرية ليست آمنة. فهي لم تطهر بعد من الألغام التي زرعها داعش في الأراضي الزراعية وحول القرية. جميع سكان القرية ما زالوا يعيشون كابوس داعش. كنا نرى عمليات ذبح لبشر تترك جثثهم لتبث الخوف والرعب بين الناس، ونجح داعش في ذلك. كذلك، فإنّ قريتنا طاولها الخراب بفعل المعارك. بيوتنا تهدمت، ولم يعد بإمكاننا إعادة بنائها بعدما جردنا داعش من ممتلكاتنا".
صور القرية يتناقلها صالح وأقاربه عبر الهواتف النقالة، ويقول: "لا أحتمل مشاهدة الخراب بعيني. تصلني صور من هناك ودموعي تترجم أوجاعي. هنا في المخيم وجدت رعاية وتنفست الحرية... لقد عدت للتدخين بحرية حتى، بعدما كنا ندخن السجائر بالخفاء خوفاً من بطش داعش".
اقــرأ أيضاً
ليس فقط الخراب والألغام ما يمنع صالح وسكان قريته من العودة، بل خوفهم من عودة تنظيم "داعش" مرة أخرى: "ما زال هناك عناصر في مناطقنا، ويشنون هجمات في مناطق صحراوية يستهدفون القوات الأمنية. النصر الكامل لم يتحقق إلا إعلامياً. وهذا أمر خطير آخر يمنعنا من العودة".
كانت فترة سيطرة تنظيم "داعش" على مناطق يختلف سكانها عنه عقيدياً من أسوأ الفترات على الإطلاق على هؤلاء السكان، إذ تتحول حياة العائلات إلى جحيم، فيما مصير الرجال من بينهم القتل، إلا من هرب بجلده.
إبراهيم علي صالح، واحد من الذين كتبت لهم حياة جديدة بطريقة يصفها بأنّها "رحمة إلهية" إذ لا يصدق حتى اليوم أنّه نجا من الموت على يد تنظيم "داعش" أكثر من مرة.
هو كان من بين المتهمين بالعمالة والتجسس لصالح القوات العراقية، فضلاً عن تهمة أخرى، وهي أنّه معروف في قريته بكونه من أتباع طريقة صوفية، وسواء عوقب على التجسس أو التصوف فأيّ من التهمتين مصير صاحبها الإعدام.
لكنّ صالح بعد اعتقال "داعش" له طوال 24 يوماً، وتعذيبه، أفرج عنه بعدما تبين للقاضي الشرعي المسؤول عن المنطقة التي يسكنها أن لا أدلة مؤكدة تثبت الاتهامات عليه.
يسكن إبراهيم علي صالح، المولود عام 1967، في قرية اسمها تويلة، تقع في ناحية الرياض، غربي محافظة كركوك (شمال) ويعمل في الزراعة وتربية الحيوانات.
صالح الذي يوثق الأحداث المهمة التي يعيشها، يقول إنّ تنظيم "داعش" دخل إلى ناحية الرياض في 10 يونيو/ حزيران 2014، وبدأ يجمع معلومات عن السكان، للسيطرة على المنطقة، فعمد إلى اعتقال من يعملون في الجيش والشرطة، وكان على المعتقلين أن يعلنوا توبتهم من وظائفهم وإلا فمصيرهم القتل، فهذه الوظائف تتبع حكومة كافرة بعين "داعش".
في حديثه إلى "العربي الجديد" يقول صالح إنّ السكان في قريته يغلب عليهم طابع التصوف، وكثير من رجالها يلتزمون بطرق صوفية، ويعيشون بسلام منذ وجدوا في القرية التي يسكنها أجدادهم منذ أكثر من مائة عام. كان على هؤلاء أن يعلنوا توبتهم من التصوف، ففعلوا، وإلا كان مصيرهم الإعدام بحجة الكفر.
يوضح صالح أنّ "الحياة في ظل حكم داعش كانت قاسية ومهينة. لم نعهد من قبل هذه القسوة. كنا قرية مسالمة تعيش بأمان وهدوء وبساطة. لقد حولوا حياتنا إلى خوف ورعب". يضيف: "في يوم 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 داهم عناصر داعش قريتنا واعتقلوني بتهمة العمالة والتجسس والتهمة الكبرى أنّي صوفي. تلقيت أشد وأقسى أشكال التعذيب من ضرب وإهانة وصعق بالكهرباء. وتبين لي أنّهم فعلوا هذا فقط للتخويف وبث الرعب في نفوس أهالي القرية، كونهم يعلمون أنّ السكان في القرية يرفضون وجودهم".
صالح تأكد أنّه إن نجا في المرة الأولى فلن ينجو في الثانية، لذلك صنع مخبأ تحت الأرض، في مكان مجاور لبيته، يكون الدخول والخروج منه عبر فتحة قريبة من مكان مخصص لحيواناته من أغنام وأبقار، وضع عليها حشائش من نوع تأكل منه الماشية، فلا يمكن لأحد كشف الفتحة. يقول: "في 4 يناير/ كانون الثاني 2015 جرت مداهمتنا بنفس الدعوى على إثر وشاية بأنّ أهالي القرية يرمون أقراصاً حرارية في أماكن تجمعات داعش بمنطقتنا، ومن خلال هذه الأقراص تستدل عليهم الطائرات فتقصفهم. تمكنت من الاختباء في الملجأ الذي أعددته سابقاً، ونجوت من الاعتقال، بينما اعتقلوا عدداً كبيراً من رجال وشباب القرية". يتابع: "في أثناء المداهمة سرقوا ما أملك من مال كنت أدخره في البيت، وحلي ومصوغات ذهبية، وأحجار كريمة نادرة كنت أقتنيها، فضلاً عن سيارتين، ولم يبقوا لي شيئاً. ونفس عملية السرقة شملت منازل وممتلكات أبناء أعمامي وسكاناً في القرية". صالح يشير إلى أنّ "المداهمات كانت تستمر، بحجج مختلفة لكنّ الغاية كانت للسرقة. أحياناً يستولون بالغصب على ماشية السكان فتجدهم يداهمون القرية ويأخذون معهم عدداً من الأبقار والأغنام يجمعونها من البيوت".
بسبب وجود "داعش" توقف أربعة من أبناء صالح عن الدراسة، بينما يرفض العودة إلى قريته وبيته، على الرغم من تحريرها. ويقول: "أنقذنا الجيش من داعش بعد تحرير قريتنا. خرجنا إلى مخيم النزوح. ولا أستطيع العودة. أفضل البقاء في المخيم". سبب تفضيله المخيم أنّ "القرية ليست آمنة. فهي لم تطهر بعد من الألغام التي زرعها داعش في الأراضي الزراعية وحول القرية. جميع سكان القرية ما زالوا يعيشون كابوس داعش. كنا نرى عمليات ذبح لبشر تترك جثثهم لتبث الخوف والرعب بين الناس، ونجح داعش في ذلك. كذلك، فإنّ قريتنا طاولها الخراب بفعل المعارك. بيوتنا تهدمت، ولم يعد بإمكاننا إعادة بنائها بعدما جردنا داعش من ممتلكاتنا".
صور القرية يتناقلها صالح وأقاربه عبر الهواتف النقالة، ويقول: "لا أحتمل مشاهدة الخراب بعيني. تصلني صور من هناك ودموعي تترجم أوجاعي. هنا في المخيم وجدت رعاية وتنفست الحرية... لقد عدت للتدخين بحرية حتى، بعدما كنا ندخن السجائر بالخفاء خوفاً من بطش داعش".
ليس فقط الخراب والألغام ما يمنع صالح وسكان قريته من العودة، بل خوفهم من عودة تنظيم "داعش" مرة أخرى: "ما زال هناك عناصر في مناطقنا، ويشنون هجمات في مناطق صحراوية يستهدفون القوات الأمنية. النصر الكامل لم يتحقق إلا إعلامياً. وهذا أمر خطير آخر يمنعنا من العودة".