إبراهيم سليماني... "نزوح قسري" بعيداً عن دمشق

17 فبراير 2020
كان تأليف الموسيقى الملجأ الوحيد (فيسبوك)
+ الخط -
قبل لجوئه إلى فرنسا عام 2015، عمل إبراهيم سليماني في تلفزيون "سبيستون" منذ عام 1999 وحتى 2015، وابتكر هويات موسيقية وإعلانات لعدة إذاعات بشكل مستقل، كما أسس فرقة "إطار شمع" مع زوجته السابقة رشا رزق، وأصدرا سوية ألبوم "بيتنا"، وألبوم "اللعبة" الذي لم يرَ النور.

في مدينة تروا أبصر ألبومه الجديد "نزوح قسري" الضوء، وقد حاول في بعض مقطوعاته تسليط الضوء على معاناته من الغربة والوحدة في مكان لا يعرف فيه أحداً، جراء ما وصفه بـ "صدمة النقلة النوعية التي حدثت في حياته". 

وقال سليماني في لقاء مع "العربي الجديد": "كان تأليف الموسيقى الملجأ الوحيد بالنسبة لي، وهو ما شكّل هذا الألبوم الذي أُصدر حالياً، واستوحيت من آلام الغربة والذكريات والحنين للماضي، ومن تساؤلات عن أسباب كل ما حدث معنا نحن السوريين، ولماذا انقلبت حياتنا رأسا على عقب، وكان لهذه الموسيقى بعد إنساني أكثر مما هو سياسي، أما البعد السياسي فكلنا نعرفه".

وتضمن الألبوم عدة مقطوعات، حملت إحداها اسم "آهٍ"، والتي قال سليماني إنها توحي بالتناقضات بين الفرح والحزن والإيقاع الراقص، ولكنّ الألم هو ما يطغى عليها كما يشير عنوانها، في حين أكد أنّ مقطوعة "ليه"، حملت الأسئلة التي كانت تدور في رأسه ولم يعثر لها على أجوبة، أما القطعة الرئيسية التي يحمل الألبوم عنوانها فهي "نزوح قسري"، التي قال إنه ألفها نتيجة الصدمة التي شعر بها، وأضاف: "كنتُ في بيتي ولديّ حياتي وعملي، ثم انتقلتُ فجأة إلى مكان لا أعرف لغته ولا أعرف أحداً فيه، ولا يعرفني أحد... بعيدا عن دمشق".

كما أشار إلى أنّ مقطوعة "أصوات"، حملت أصوات الماضي الجميل، وأصوات السوريين الذين يمكث كل واحد منهم في مكان، في البيوت والمخيمات والغرف، يندهون ولا أحد يسمعهم، الأصوات التي تبعثرت في المهجر، في حين قال عن مقطوعة "يا ريت لو كان فيني": "تحمل هذه المقطوعة ندما على قلة الحيلة، على ما لا أستطيع فعله لأغير، ليتني أستطيع إيقاف الحرب وإيقاف كل هذا الجنون الذي حدث في حياتنا، ولكن للأسف ما باليد حيلة، لم أستطع سوى تأليف هذه المقطوعة".

في البداية... كان سليماني بالنسبة للآخرين شخصاً قادماً من سورية التي فيها حرب: "وجدت نفسي فجأة عدتُ إلى نقطة الصفر، بعد 25 سنة من العمل في مجال الموسيقى والإنتاج، وكان هذا أمرا صعبا للغاية، إضافة إلى معاناة النزوح والغربة والصدمة... كان عليّ أن أقدم نفسي من جديد وأثبت وجودي وهويتي، وأننا لسنا السوريين الذين نُعرضُ على شاشات الأخبار، ونحمل أكياسا على ظهورنا ونركض من بلد لآخر ونقطع البحر للوصول لأوروبا، بل نحن بشر منتجون ومثقفون ولدينا آلاف الميزات".

وأكد سليماني أنه واجه صعوبة في البداية في التعرف على موسيقيين في فرنسا، إلا أنه أصر على إكمال عمله في الموسيقى، مدفوعا برغبته في تقديم نفسه من جديد، وبتسليط الضوء على الجانب المشرق الذي يحمله السوريون، لينجح بالفعل بالتعاون مع عدة موسيقيين، وتأسيس فرقته الجديدة من خمسة عازفين، قدموا حفلات كثيرة في المنطقة، وعزفوا مقطوعتين قبل عدة سنوات، في مقابلة مع القناة 32 للمقاطعة الفرنسية التي يعيش فيها.


وتتألف الفرقة التي أصبحت معروفة في المنطقة من سليماني، عازف الكونترباص تيدي مواه، عازف الإيقاع إيريك فاراش، الذي يدرّس الموسيقى في الكونسرفاتوار، طبيب الأسنان وعازف العود السوري الفرنسي باسل قيسية، المقيم في فرنسا منذ 18 عاما، بالإضافة إلى عازف الساكسفون دانيال هينيكر.

وعن بدايات الفرقة، أوضح سليماني أنه تعرف إلى مواه أثناء بحثه عن موسيقيين، وأنهما كانا يتواصلان بالموسيقى بشكل أساسي نظرا لأنه لم يكن قد أتقن الفرنسية بعد، وأشار إلى أنه تعرف من خلاله على فاراش، قبل أن ينضم لهم قيسية وهينيكر، وقال: "كنتُ بحاجة لآلة العود في الفرقة، لتقدم جزءا من هويتنا الشرقية السورية، ثقافتي في الموسيقى مزدوجة، غربية وشرقية، شرقية لأنني عشت في دمشق وكنت أستمع منذ طفولتي لأديب الدايخ وعبد الوهاب وأم كلثوم وفريد الأطرش، وفي الوقت نفسه استمعت للموسيقى الغربية وطورت نفسي بها، ولهذا تمكنت من ابتكار مزيج من الموسيقى الغربية والشرقية، وكان العود هو العنصر الأساسي في الفرقة لتقديم الجزء الشرقي من هويتنا".

يُذكر أن سليماني حصل على شهادة دبلوم عن بعد في غيتار الجاز، من جامعة "بركلي كوليج أوف ميوزيك" الأميركية ببوسطن، وعلى شهادة دبلوم بموسيقى الجاز على آلة الغيتار من "كونسرفاتوار دي ميوزيك دوتغوا" في فرنسا، وهو يعيش اليوم موسيقياً محترفاً يدرّس الموسيقى ويحيي الحفلات في فرنسا.


دلالات
المساهمون