إبادة الفلامينغو في أهوار العراق

04 فبراير 2018
البيع رائج في النجف (حيدر حمداني/ فرانس برس)
+ الخط -
عام 2016 انضمت منطقة الأهوار في جنوب العراق إلى قائمة التراث العالمي التي تضعها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" كونها موطناً للطيور المهاجرة. لكنّ هجرة الطيور هذه قد تنتهي فتغادر أهوار العراق الى غير رجعة بسبب الصيد الجائر.

الأهوار، التي عُرفت بكونها موطناً للطيور المهاجرة من سيبيريا وسواحل شمال أوروبا والمناطق الباردة الأخرى، شهدت انتهاكاً صريحاً بحق الطيور المهاجرة، إذ يصطادها كثيرون. وكان اصطياد طائر النحام الوردي (الفلامينغو)، أبرز الطيور المهاجرة، هو الذي يتميز بلونه الوردي الجميل وطول ساقيه ورقبته ومنقاره، قد أثار ردود فعل واسعة لمواطنين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بوقفه.

في الأيام الأخيرة، أعاد مسؤولون في وزارة الصحة العراقية تسجيل حالات إنفلونزا الطيور بين المواطنين إلى الطيور المهاجرة من دول الاتحاد السوفييتي السابق، إذ اصطادها مواطنون وأكلوا منها أو باعوها للغرض نفسه.

يقول الناشط عمار الكعبي إنّ حملات إعلامية عدة تبنتها منظمات المجتمع المدني لكي تعود الحياة إلى الأهوار من خلال الرحلات السياحية. يضيف لـ"العربي الجديد": "ساهمت مع هذه المنظمات المدنية في تسيير رحلات عديدة إلى الأهوار، وصورنا أفلاماً مختلفة داخل هذا المكان الساحر الجميل، وأرسلنا أفلاماً وثائقية لعدد كبير من وسائل الإعلام في العالم، فضلاً عن عدد كبير من الشخصيات والجهات الناشطة في المجال البيئي، وكان هدفنا التعريف بالأهوار والتشجيع على زيارتها". يتابع: "من ميزات الأهوار ثروتها من الطيور، منها المهاجرة التي تقيم في هذه المنطقة فترة من الزمن لتعود أدراجها قبل حلول الصيف إلى مواطنها الأصلية". لكنّ الكعبي يعرب عن قلقه من احتمال أن "تُحرم الأهوار من هذه الطيور الجميلة بسبب تعرضها للصيد" مؤكداً أنّ "طيور الفلامينغو تلقى اهتماماً في مواطنها، وتتواجد في البحيرات وعلى شواطئ البحار وتختلط بالناس وهي مطمئنة، لكنّها حين تستشعر الخطر في منطقة ما ستهجرها، وهذا ما نخشاه".



يعتبر البعض أنّ صيد الطيور مهنة يكسبون منها قوت عائلاتهم، معتبرين أنّ واقع الحال يجبرهم على العمل في هذه المهنة في ظلّ البطالة. يقول صادق عبد الحسن، إنّه يصطاد مختلف أنواع الطيور، ويضطر إلى التنقل بين المحافظات في سبيل ذلك. يوضح لـ"العربي الجديد" أنّ هناك إقبالاً متزايداً منذ عامين على الفلامينغو بالذات، ويفضل كثيرون شراءه حياً خصوصاً مربّي الطيور بهدف التكاثر والتجارة به. يتابع: "لا أدري لمَ هذه الضجة بسبب صيد الطيور المهاجرة. ليس الأمر جديداً، فمنذ سنين طويلة يحصل ذلك، والأسواق والمحلات الخاصة ببيع الطيور تضم عدة أنواع". يضيف: "لا علاقة للصيد بحرمان البلاد من مرور الطيور المهاجرة، فالطيور بطبيعتها تغيّر باستمرار طرقات هجرتها بحسب الظروف المناخية، وقد شاهدت بنفسي، كوني أهتم بالطيور، أنواعاً مختلفة من الطيور المهاجرة، بعضها جاء في مواسم قليلة واختفى، وغيرها يعود موسماً ويختفي موسمين أو ثلاثة، ومنها ما هو مستمر". يشير عبد الحسن إلى أنّ بعض طرق الصيد المستخدمة "لا تخيف الطيور من هذه المنطقة كي تغير مسارها. أنا مثلاً أستخدم الشباك التي لا تفزع الطيور على العكس من البنادق".

يختلف معه سالم حميد، المتخصص في تربية الطيور: "الفلامينغو لن تنجح تربيته في العراق إلاّ بتوفر ظروف خاصة، فهو يحتاج إلى بيئة مائية، ومناطق الأهوار أفضل مكان له". يضيف لـ"العربي الجديد": "الفلامينغو كان في سنين مضت من ضمن الطيور المستوطنة في الأهوار وليس مهاجراً، لكن بسبب جفاف مساحات كبيرة منها وارتفاع درجات الحرارة ترك الأهوار، وبات يعود إليها مهاجراً". يتابع: "الفلامينغو يحتاج إلى تغذية خاصة، فمن طبيعته أن يتغذى على الأسماك التي يصطادها، لذلك كانت الأهوار قبل عدة سنوات موطناً أصلياً له، إذ توفر أفضل بيئة، فإلى جانب المسطحات المائية العذبة هناك غذاء وفير من الأسماك، وحين بدأت هذه الطيور في العودة نشهد على قتلها، فكيف لها أن تطمئن لتستوطن الأهوار مجدداً"؟


في محافظات البصرة وميسان وذي قار والنجف، جنوبي البلاد، انتشرت مواقع لبيع طائر الفلامينغو، في الأسواق وعلى أرصفة الشوارع، وهو ما بدا غريباً إذ يعرض هذا الطائر المهاجر الجميل للبيع لأكله. يقول حمزة عريبي إنّه يبيع الدواجن كالدجاج والبط عادة، وهي المرة الأولى التي يبيع فيها الفلامينغو. يتابع لـ"العربي الجديد" أنّ "هناك طلباً متزايداً عليه، بالرغم من الحملة لمنع اصطياده وبيعه، بل إنّ حملة المنع كانت سبباً في زيادة الطلب عليه، خصوصاً أنّ مذاقه شهي".

2500 كيلومتر مربع
تعتبر منطقة الأهوار، وهي مسطحات مائية واسعة تتغذى بشكل رئيسي من نهري دجلة والفرات، واحدة من أقدم الموائل الطبيعية للعديد من الطيور. بلغ إجمالي مساحتها أواخر عام 2003 نحو 1900 كيلومتر مربع، ثم زادت عام 2005 إلى نحو خمسة آلاف كيلومتر مربع، لتعود وتتقلص إلى أقل من 2500 كيلومتر مربع.
دلالات
المساهمون