أُحرق الكساسبة حيث قُتل 30 امرأة من "كتيبة الخنساء"

05 فبراير 2015
غارات النظام السوري لا ترحم مدنيي الرقة (يوسف البستاني/الأناضول)
+ الخط -
لم يأتِ اختيار تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لمكان حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، في مدينة الرقة، معقل التنظيم في سورية من فراغ، إذ تعرّض المبنى إلى غارة من قبل طائرات التحالف الدولي، أسفرت عن مقتل نحو 30 من عناصر "كتيبة الخنساء".

وأفاد الناشط الإعلامي أبو إبراهيم الرقاوي، في حديث لـ "العربي الجديد"، بأن "المكان الذي أُعدم فيه الكساسبة، يقع قرب مبنى الأمن العسكري قرب الجسر القديم في مدينة الرقة، الذي كانت تتخذه القوات النظامية السورية عند سيطرتها على المدينة، مركزاً لها للرقابة والتفتيش".

وأضاف المسؤول الإعلامي الذي ينشط في شبكة "الرقة تُذبح بصمت"، والتي تُعنى بمحافظة الرقة وأخبار الجماعات الجهادية فيها، بأن "داعش اتخذ من المبنى مقراً عسكرياً له غداة السيطرة على المدينة، وشكّل كتيبة من النساء التابعة للتنظيم، وتُدعى الخنساء، وأضحت الاجتماعات تتمركز فيه".

ولفت الرقاوي إلى أن "طائرات التحالف الدولي استهدفت الموقع في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بغارة أدّت إلى مقتل 30 امرأة من كتيبة الخنساء حرقاً، لذا قام التنظيم رداً على ذلك بإحراق الطيار الأردني في نفس المكان". وأشار إلى أن "عناصر داعش عرضوا مقطع الفيديو الذي حرق فيه الكساسبة، عبر شاشات كبيرة في جميع النقاط الإعلامية في شوارع مدينة الرقة".

وتأسست "كتيبة الخنساء" النسائية مطلع عام 2014، وتأتي معظم عناصرها من الشيشان وتونس، وتولّت الكتيبة فور تشكيلها مهمة ملاحقة النساء اللواتي يخالفن تعليمات وقوانين "داعش" في المنطقة، قبل أن تتسّع مهامها إلى تدريب مجموعات نسائية على حمل السلاح ضمن معسكرات خاصة، محاطة بالكثير من السريّة والغموض.

وتقتصر مهام تلك الكتيبة ظاهرياً، على شؤون بعض المكاتب دون غيرها، لكنّ كثيرات من "المهاجرات" الأوروبيات والعربيات الوافدات من مختلف أصقاع العالم، يخضعن لتدريبات عسكريّة داخل الكتيبة، إضافة إلى تلقينهنّ أصول الفكر الدعوي الشرعي، ضمن مخيّمات خاصة تتوزع بين العراق وسورية.

وأشار الناشط الإعلامي إلى أن "هناك حالة من الاشمئزاز في صفوف الأهالي في المدينة، بعد حرق الطيار الأردني"، مؤكداً أنه "عندما جاءت إليه أخبار حرق الطيار معاذ لم أستوعب الأمر، وكتب أنه خبر غير مؤكد، لعلمي أنه لا يوجد في الإسلام شيء اسمه حرق".

وكان الرقاوي قد نشر تغريدة عبر موقع "تويتر" في 8 يناير/كانون الثاني الماضي، قبل شهر من عرض التنظيم لمقطع فديو حرق الكساسبة، نقلاً عن مصادر لم يتم تأكيدها، بأن "مجموعة من عناصر داعش في الرقة تتحدث بفرح في المدينة، عن تنفيذ حكم الإعدام على الطيار الأردني معاذ الكساسبة عن طريق الحرق".

من جهته، يقول الصحافي محمد سوبري من مدينة الرقة لـ "العربي الجديد"، إن "المدنيين في الغالب يخافون من قول رأيهم بأفعال التنظيم في وجهه وهم ينكرونها". ولفت إلى أن "معظم الأهالي في الرقة تفاجؤوا بحرق الطيار الأردني، وهم غير مؤيدين لقتله".

ويشير الصحافي الذي خرج من الرقة أخيراً، إلى أن "المدنيين في المدينة لا يخافون من طائرات التحالف، لأنها في الغالب تستهدف مقرات تنظيم الدولة الإسلامية، على عكس غارات طيران النظام، والذي يقصف أهدافا مدنية بحتة".

من جهة أخرى، نشرت مواقع إعلامية تابعة لـ "داعش"، شريطاً مصوراً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لما وصفوه بـ "فرحة المسلمين بحرق الطيران الأردني، ويستطلع فيه إعلاميو التنظيم رأي أشخاص قالوا إنهم مدنيون، بحرق الكساسبة، ويؤيد من يظهر في الشريط حرق الطيار الأردني، مذكرين بما جاء في القرآن الكريم: فمن اعتدى عليكم، فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم". وأشاروا إلى أن "مصير معاذ الكساسبة سيكون مصير جميع طياري التحالف الدولي".

ويعرض الشريط كذلك رأي طفل، يبدو أنه لم يتجاوز سنّ الثالثة عشرة، وهو يقول إنه "فرح بحرق معاذ الكساسبة، ويتمنى لو أنه أحرقه بيديه، لأنه حرق المسلمين"، في حين تكفّل آخرون "بشتم الملك الأردني عبد الله الثاني".

يذكر أن مقاتلي التنظيم قد أسقطوا في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي، طائرة تابعة للتحالف الدولي في الرقة، إثر استهدافها بصاروخ حراري، وتمكنوا من أسر طيارها بعد تحطم الطائرة، وأوضحت المصادر فيما بعد أن الطائرة تابعة لسلاح الجو الأردني، ومن طراز "إف 16"، وسقطت أثناء مشاركتها بغارة ضد "داعش" في الرقة.

المساهمون