واحتلت قائمة السلطة، "في حب مصر"، المرتبة الأولى، من حيث دعم الحكومة لها مالياً وسياسياً، خصوصاً بعدما تمّ وقف قائمة كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق، الذي تم تكليفه من قبل الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، ثم تم التخلي عنه في ما بعد.
وتؤكّد مصادر سياسية مصرية لـ"العربي الجديد"، أنه "تم تجنيد كافة أجهزة الحكومة لقائمة في حب مصر، كما تمّ مطالبة مديري الأمن في المحافظات التي سوف تُجرى فيها الجولة الأولى من الانتخابات بدعمها"، ما يعني "بداية لتزوير الانتخابات وإرادة الناخبين"، وفقاً لتقارير مراقبين للانتخابات.
وتشمل قائمة "في حب مصر" التي يتزعمها جنرال سابق في المخابرات العامة، اللواء سامح سيف اليزل، عدداً كبيراً من الشخصيات العامة، والسياسية، والحزبية، ووزراء سابقين، وشخصيات عسكرية، ورجال أعمال، وفلولاً من "الحزب الوطني" المنحل.
ويلفت بعض المراقبين إلى أنّ عدم وجود دعم سياسي للنظام داخل البرلمان، دفع الحكومة بالكامل إلى الاعتماد على قائمة "في حب مصر"، مشيرين إلى أنّ السيسي هو من كلّف سيف اليزل بتشكيل قائمة "في حب مصر"، بهدف تعيين مؤيدين أقوياء للنظام داخل البرلمان المقبل.
ووفقاً لتقارير أمنية، هناك تعليمات أمنية وُجّهت إلى عدد من العمداء ومشايخ العائلات في عدد من محافظات الصعيد التي تجرى انتخابات الجولة الأولى فيها، بتأييد قائمة "في حب مصر" وعدد من المستقلين، الذين سمّتهم تلك الأجهزة بـ"الوطنيين". كما قامت أجهزة الأمن بفرض عدد من الشخصيات الأمنية والعسكرية مثل رئيس لجنة الشؤون العربية في برلمان الرئيس المخلوع حسني مبارك، اللواء سعد الجمّال، على رأس القائمة في الجيزة لضمان نجاحه. كما تدخل الأمن بطلب إلى "حزب النور"، للانسحاب من منافسة قائمة "في حب مصر" في دائرتي جنوب الصعيد وشرق الدلتا، لتضمن الفوز فيهما. كما تمّ إقناع المستقلين الذين يحظون بقاعدة شعبية للانضمام إلى القائمة، بعد النجاح تحت قبة البرلمان في مواجهة المعارضة، بحسب ما ذكرت التقارير الأمنية.
اقرأ أيضاً رشى الانتخابات المصرية: زيت وسكّر و"سوفالدي"
ويتوقع مراقبون، أن تعقد قائمة "في حب مصر" لقاءات انتخابية عدّة في عدد من المحافظات برعاية ودعم كبير من جانب الحكومة، وتقديم كافة الخدمات التي من المتوقع أن يطلبها المواطنون في دوائرهم الانتخابية. ويعيد المراقبون أنفسهم، اهتمام النظام بقائمة سيف اليزل، لتشكيل لوبي خاص به داخل البرلمان، إلى الخوف من سيطرة الفلول، أو نجاح "حزب النور" بمقاعد أكثر مما يسمح به النظام، ما يصعّب على السلطة الحالية، التدخل في تشكيل الحكومة وعدم الموافقة عليها من قبل البرلمان، وفقاً للدستور الجديد، فضلاً عن إلغاء كافة القرارات والقوانين التي أصدرها السيسي في غياب مجلس النواب.
وأثار الظهور المفاجئ واللافت لسيف اليزل كسياسي يقود قائمة انتخابية تسعى إلى السيطرة على البرلمان، الكثير من التساؤلات حول الدور الذي سيتولاه خلال الفترة المقبلة، بعد نجاحه ووصوله إلى قبة البرلمان لأول مرة، بعدما كان معروفاً في الأوساط السياسية والإعلامية، بأنه خبير أمني ومدير مركز دراسات جريدة "الجمهورية".
ويوضح الخبير السياسي ورئيس "حزب مصر" العربي الاشتراكي، عادل عباس القلا، أنّ النظام يراهن على نجاح العسكريين السابقين الذين سيخوضون الانتخابات المقبلة من خلال قائمة سيف اليزل أو المرشحين على مقاعد فردية، باعتبار أن تلك القائمة ستعمل إلى جانب الحكومة والنظام، مؤكداً أن "دعم الدولة لقائمة بعينها، يعدّ تدخلاً صارخاً من السلطة التنفيذية في السلطة التشريعية وعودة لنظام مبارك من خلال الدعم الحكومي الذي كان في الماضي للحزب الوطني الحاكم".
ويلفت الخبير السياسي، إلى أن هناك الكثير من المرشحين، سواء "قوائم أو من المستقلين"، يروّجون لأنفسهم، لأنّهم مدعومون من النظام، إضافة لتوجيه وسائل الإعلام الحكومية لدعمهم، على عكس ما يتردد من قبل الحكومة بوقوفها على الحياد مع كل المرشحين في كافة المحافظات. ويضيف القلا لـ"العربي الجديد"، أن "الدعم لقوائم معينة، أدى إلى إضعاف بقية الأحزاب، وقضى على التحالفات الانتخابية، وهو مؤشر عام على تراجع الحياة السياسية"، مرجّحاً، أن "يسمح البرلمان المقبل بصعود أصحاب المال السياسي والعسكريين السابقين، ويتوقف عن دعم وصول الشباب".
ويسلّط القلا الضوء على نقطة أساسية، مشيراً إلى أنّ "الكارثة تكمن في أن قائمة في حب مصر، لا تملك برنامجاً انتخابياً، ما جعل قوى سياسية تتهم الدولة بالمحاباة"، مشيراً إلى أن "القائمة ضمت عدداً من الشخصيات العامة والوزراء السابقين، بينهم وزير الإعلام الأسبق، أسامة هيكل، ومؤسس حركة تمرد، محمود بدر، والإعلامي مصطفى بكري، والنائبة السابقة مارغريت عازر، واللواء كمال عامر، ووزير الرياضة الأسبق، طاهر أبو زيد، والنائب السابق علاء عبد المنعم، ورئيس حزب المحافظين، المهندس أكمل قرطام"، لافتاً إلى أنّ "تلك القائمة ستمكّن السيسي من التصرّف كما يشاء، وقد تحصد أغلبية تمكّنها من تشكيل الحكومة، ما يعني أنّ كل زمام الأمور ستصبح بيد الرئيس.
اقرأ أيضاً: لوائح السيسي بدأت تفوز... قبل الانتخابات النيابية المصرية