وأكّد وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، اليوم الثلاثاء، أن "أوكرانيا وافقت على تسديد كلفة الغاز الروسي مسبقاً"، حسبما أعلن الإعلام الروسي.
وأضاف أن "روسيا قد تستأنف توريد الغاز إلى أوكرانيا، تزامناً مع تسديد أول قسط من الدين الأوكراني لقاء الغاز الروسي". وأشار إلى أن "جدولة توريدات الغاز الروسي إلى أوكرانيا، في حال توصل الطرفان إلى اتفاق، ما زالت غير واضحة، وأن تحديدها يتطلب توقيع اتفاقية إضافية خاصة بين غازبروم الروسية، ونفط وغاز الأوكرانية".
وكانت مباحثات الغاز الثلاثية الأخيرة، بين روسيا وأوكرانيا والمفوضية الأوروبية في برلين، قد انتهت الأسبوع الماضي بالتوصل إلى اتفاق مؤقت يشكل تقدماً ملحوظاً في اتجاه حل أزمة الغاز، ويتضمن التزام كييف حتى نهاية العام بسداد 3.1 مليار دولار، كجزء من الديون المتراكمة عليها لصالح "غازبروم" والبالغة 5.3 مليار دولار.
وتزامنت أعمال العنف في معقلي الانفصاليين، شرق أوكرانيا، مع انطلاقة الحملة الانتخابية للأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية في 26 أكتوبر/تشرين الأول، مع انتهاء مهلة تسجيل الترشيحات ليل الثلاثاء.
وقد هيمن عرض الرئيس الأوكراني، بترو بوروشنكو، منح مناطق الانفصالين حكماً ذاتياً مقابل تخليهم عن المطالبة بالاستقلال، على النقاش السياسي الدائر قبل الانتخابات البرلمانية.
لكن المتمردين، الموالين لروسيا، رفضوا المشاركة في انتخابات، وأعلنوا عن تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في مناطق نفوذهم في 2 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وكان الرئيس الأوكراني قد أبلغ الاثنين المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، بأن روسيا تتجاهل بنود اتفاق السلام، الذي تم التوصل اليه في 5 سبتمبر/أيلول في مينسك.
وشدّد بوروشنكو على أنّه "يتوقع أن تلتزم روسيا ببروتوكول مينسك، وأن تسحب قواتها وتضمن إغلاق الحدود وتقيم منطقة عازلة"، كما أعلنت الرئاسة في بيان.
وتم تعزيز الهدنة باتفاق أُبرم في 20 سبتمبر/أيلول، وينص على انسحاب كل من الطرفين مسافة 15 كيلومتراً عن خط الجبهة، والسماح لمراقبين أوروبيين بالإبلاغ عن أي استئناف لأعمال العنف، التي أسفرت منذ بدء النزاع عن مقتل 3200 شخص.
لكن محاولة وفد من الجيش الروسي في نهاية الأسبوع، إقناع المتمردين بالانصياع لبنود الخطة انتهت، كما يبدو، بالفشل. وكانت هذه الزيارة إلى منطقة حرب قد شكّلت إقراراً غير مباشر من موسكو بالنفوذ الذي تمارسه على المتمردين.
من جهته، أعلن الجيش الأوكراني، أن "ميليشيات شنت هجوماً قرب منطقة مطار دونيتسك وأصابت قذيفةٌ آليةً تنقل قوات حكومية، مما أسفر عن مقتل تسعة جنود". وقال مسؤولون محليون ورسميون أوكرانيون إن "أربعة مدنيين قُتلوا أيضاً في هجمات صاروخية وبقذائف الهاون، في معقلي المتمردين في دونيتسك ولوغانسك".
وقال المتحدث باسم الجيش الأوكراني، فلاديسلاف سيليزنيوف، اليوم، لمحطة التلفزيون الأوكرانية "الخامسة"، إن المتمردين يستخدمون مجدداً صواريخ "غراد"، التي أدت في السابق إلى تدمير عشرات منازل المدنيين.
وقُتل 12 شخصاً على الأقلّ، بينهم 9 جنود أوكرانيين وجرح 25 آخرين، في المعارك التي اندلعت مع الانفصاليين خلال الساعات الـ24 الأخيرة، مما يشكل حصيلة القتلى الأعلى في المنطقة منذ إبرام اتفاق وقف النار.
وعلى الرغم من أن الحصيلة الأعلى من القتلى أوكرانيون، إلاّ أن الانفصاليين الموالين لروسيا اتهموا الحكومة في كييف بعدم الالتزام باتفاقية وقف إطلاق النار.
ونقلت وكالة أنباء "إنترفاكس" الروسية عن زعيم الانفصاليين في دونيتسك، ألكسندر زاخارتشينكو، قوله إن "أوكرانيا لم تبدأ حتى الآن في سحب قواتها".
واتهم زاخارتشينكو كييف بأنها لم تسحب قواتها من مناطق الحشد ومن الجبهة الأمامية، كما تم الاتفاق عليه في منسك، في وقت سابق من الشهر الجاري.
وفي سياق متصل، أعلن المتحدث باسم "الحلف الأطلسي"، جاي جانزن، لوكالة "فرانس برس"، أن مئات الجنود الروس، وبينهم عناصر من القوات الخاصة، لا يزالون موجودين داخل الأراضي الاوكرانية في شرق البلاد، إذ سجلت خروقات واسعة لوقف إطلاق النار.
وأضاف جانزن أنه "منذ بدء العمل بوقف إطلاق النار حصل انسحاب كبير للقوات الروسية من أوكرانيا، إلاّ أن مئات الجنود الروس وبينهم عناصر من القوات الخاصة لا يزالون في أوكرانيا".
بدوره، أكّد الاتحاد الاوروبي أن "خطة السلام في البلد المضطرب لم تطبق بشكل كامل"، وفقاً لما أعلنه الاتحاد في بيان له.
وأضاف الاتحاد أنه على الرغم من وجود "تطورات مشجعة" في أوكرانيا، في ظل اتفاق السلام، الذي وافقت عليه كييف والانفصاليون الموالون لموسكو هذا الشهر، إلاّ أن "أجزاء مهمة من البروتوكول ينبغي تطبيقها بالشكل اللازم".
إلى ذلك، ذكر مسؤولون في الاتحاد، لـ"فرانس برس"، أن "سفراء دول الاتحاد أبقوا اليوم على العقوبات المفروضة على روسيا"، بسبب دعمها المتمردين الانفصاليين في شرق أوكرانيا.
ولفت مسؤول، رفض الكشف عن اسمه، إلى أن الاتحاد "يُبقي على الوضع الراهن من دون تغيير". وقال مسؤول ثان: "لم يتحدث أحد عن احتمال (رفع العقوبات) في ضوء الوضع على الأرض".
من جهتها، أعلنت المتحدثة باسم الاتحاد الأوروبي، مايا كوسيانسيتش، أن "الاتحاد لاحظ بعض التطورات المشجعة في أوكرانيا، لكّنه يريد تنفيذاً أفضل لاتفاق وقف إطلاق النار". وأضافت أن "الاتحاد سينظر في تخفيف، أو رفع، العقوبات المفروضة على روسيا، إذا كان الوضع على الأرض يبرر ذلك".