استطاعت المغنية الأوكرانية "جمالا"، ليلة أمس، تحقيق الفوز والوصول إلى المركز الأول في مسابقة "يوروفيجن" للأغنية الأوروبية في مدينة ستوكهولم، بأغنية أثارت الجدل بسبب تناولها الحرب في بلادها.
وغنت جمالا، وهي من أصل تتاري، على المسرح "تعتقدون أنكم آلهة" ووراءها خلفية بلون الدم.
حيث حملت الأغنية عنوان "1944"، وتناولت عمليات الترحيل التي قام بها الاتحاد السوفييتي وقت الحرب لسكان القرم من التتار.
واختارت لجان التحكيم المحترفة الأسترالية دامي أيم، إلا أن المشاهدين أحدثوا منافسة مثيرة بعد ذلك من خلال منحهم عدد العلامات الأقصى إلى بلدين خصمين، فقد رفعت أوكرانيا أولاً رصيدها إلى 543 نقطة، أي أكثر من أستراليا التي جمعت 511 نقطة.
ولم يبق إلا روسيا في المنافسة قادرة على تجاوزها في النهاية، لكن منافسها سيرغي لاتزاريف لم يتمكن من جمع إلا 491 نقطة.
فيما غنت جمالا، البالغة من العمر 32 عاماً، بنبرة حزينة أغنيتها التي تحدثت عن غرباء يأتون "ليقتلوكم"، في إشارة إلى الترحيل القسري الذي قام به جوزيف ستالين في الحرب العالمية الثانية للسكان المنحدرين من أصل تتاري، وعند حصولها على درع المسابقة دعت إلى "السلام والحب لكل شخص".
وقالت إن جدتها الكبرى كانت من بين الضحايا المنحدرين من أصل تتاري الذين رحّلهم ستالين بشكل جماعي إلى آسيا الوسطى بعد اتهامهم بالتعاطف مع ألمانيا النازية، وتوفي الكثير منهم في الطريق أو المنفى، وكان عددهم 200 ألف شخص.
وحلّت استراليا في المركز الثاني، وروسيا في المركز الثالث، وعلى الرغم من كونها بعيدة عن أوروبا فقد حضرت أستراليا المنافسة للمرة الثانية بناء على دعوة من المنظمين.
ورغم أن التصويت في المسابقة الأوروبية تشوبه التحالفات السياسية بين الدول المتنافسة، إلا أن الأغاني السياسية ممنوعة، لكن اشتراك جمالا بدا أنه كسر هذه القاعدة.
وقال اتحاد الإذاعات الأوروبية الذي نظم الحدث، إن العرض الأوكراني لم يحتو على كلام سياسي، ومن ثم فهو لم يكسر قواعد المسابقة.
فيما أشارت إنجريد ديلتنر، المديرة العامة للاتحاد بعد العرض، إلى أن الأغنية تشير إلى حقيقة تاريخية، وقالت "جمالا أشارت إلى قصة حدثت لعائلتها".
وكانت المغنية تغالب دموعها في مؤتمر صحافي عندما تحدثت عن إحدى قريباتها التي تتحدث عنها الأغنية.
وقالت "كنت أفضّل ألا تحدث هذه الأشياء الفظيعة لجدتي الكبرى، وكنت أفضل أيضاً ألا تكون هذه الأغنية موجودة".
قصة الأغنية التي أوصلت جمالا إلى الفوز أزعجت النقاد الروس، لكون الأغنية تشير في تلميحاتها إلى أبرز الرموز المقدسة في روسيا، وهو ستالين، وسياساته التي خلّفت مآسي لآلاف السكان المنحدرين من أصل تتاري.
ونشر موقع روسيا اليوم الخبر تحت عنوان "السياسة تفوز بالقاضية على الفن"، وقال "أثارت هذه النتيجة امتعاض المشاهدين والمشجعين في روسيا الذين قالوا إن إكليل الغار يجب أن يكون من نصيب لازريف، لأنه حصل على أكبر قدر من أصوات الجمهور في كل أوروبا".
وفي تصريحات نقلتها في وقت سابق وكالة "الأناضول" عن جمالا، قالت إنها أرادت أن تشرح وتحكي للعالم التراجيديا التي عاشتها "أمها الكبرى" القرم.
ويرجع تتار القرم المسلمون إلى أصول تركية أقاموا في المنطقة منذ قرون قديمة جداً، ويتكلمون لغةً قريبةً جداً من اللغة التركية الحديثة، فيما يعيشون اليوم في دول عديدة مثل أوكرانيا وبولندا وبلغاريا وأوزبكستان ودول أخرى، فيما دخل الإسلام المنطقة في القرن الثامن الهجري على يد قبائل التتار المغولية.
(العربي الجديد)