أوكرانيا: تسلّح وتبادل غير مرضٍ للأسرى

موسكو

منذر بدر حلوم

avata
منذر بدر حلوم
17 سبتمبر 2014
87FCED61-2C9E-42E3-A748-D1307ECEAE2F
+ الخط -

ينذر الوضع في أوكرانيا بانفجار العمليات القتالية، على الرغم من الهدوء السائد اليوم، وابتسامات الدبلوماسيين واتصالات الزعماء، فالهدنة الراهنة عند الحدود لا تناسب كييف، لأنها قد تعني تحويلها إلى حدود دائمة، كما أن حلاً سياسياً نهائياً للأزمة لا يلوح في الأفق، الأمر الذي تريده "نوفوروسيا" (روسيا الجديدة) لمصلحتها.

وبينما تريد كييف عودة ابنها الضال، جنوب شرق البلاد، إلى حاضنتها، ترى الانفصاليين مصرين على الاستقلال عنها، وغير راضين عن اتفاق أبرمته موسكو مع كييف من دون اعتبار لرأيهم وتطلعاتهم، في حين تعتبر موسكو اتفاق مينسك إجراءً لتنفيس الاحتقان ضدها مؤقتاً، إذ أنها ليست في وارد التخلي عن "نوفوروسيا" أو روسيا الجديدة.

تبادل الأسرى يثير المخاوف

بدأ تبادل الأسرى بين كييف والانفصاليين حالاً بعد توقيع اتفاق مينسك، إلا أن أسئلة جدية سرعان ما طفت على السطح نتيجة عدم تطابق قوائم الأسرى مع الواقع، فثمة مفقودون كثر يُقال إنه تمت تصفيتهم على الرغم من أنهم كانوا مدرجين في قوائم الأسرى.

فقد نقلت وكالة "ريا نوفوستي"، عن رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، ألكسندر زاخارتشينكو، قوله "عدد أسرانا 600 وليس 100 كما يعلن الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو". وعبّر زاخارتشينكو عن إصرار دونيتسك على أن يتم من اليوم فصاعداً تبادل الأسرى في وضح النهار وليس في الليل. وأضاف "هذا شرطنا الصارم، أريد أن يحضر حشد من الصحافيين ليروا حالة أسرانا"، مؤكداً أن حالة الأسرى الذين سلّمتهم كييف سيئة، فقد تعرضوا للتجويع وإلى أضرار جسدية كبيرة.

وثمة معلومة لا تصب في مصلحة كييف، فعدد من أسرى الجيش الأوكراني لدى دونباس يرفضون مغادرتها، حسبما نقلت "ريا نوفوستي" عن رئيس لجنة الأسرى في جمهورية دونيتسك الشعبية، داريا موروزوفا. وقال موروزوفا "إنهم كثيرون جداً، فنصف الأسرى أو ثلثهم على الأقل لا يريدون العودة، فهم يدركون أنهم قبل وصولهم إلى منازلهم سيمضون ثلاثة أسابيع لدى إدارة الأمن الأوكرانية، وسيتم استجوابهم وسؤالهم عن كيفية وقوعهم في الأسر"، مؤكداً أنهم "يعاملون معاملة الأسرى، ويتم احتجازهم في ظروف جيدة، ويقدم لهم الطعام ثلاث مرات في اليوم".

في هذه الأثناء، تستمر موسكو في إرسال المساعدات للأقاليم الانفصالية، ففي الثالث عشر من سبتمبر/أيلول الجاري، تم تفريغ حمولة قافلة مؤلفة من حوالى 250 شاحنة "كاماز روسية" في مدينة لوغانسك.

وذكرت وسائل الإعلام الروسية أن الحمولة عبارة عن ألفي طن من المواد الغذائية والملابس والأغطية وأشياء أخرى من مستلزمات الشتاء، والبرد القارس على الأبواب، مع العلم أن حوالى مليون شخص فرّوا إلى روسيا من إقليم دونباس البالغ عدد سكانه حوالى 7 ملايين من بداية الحرب، وبقي هناك كثيرون، بانتظار المعونات الروسية.

سلاح إلى كييف وتذمّر في لوغانسك

فيما يبدو استعداداً لجولة مقبلة من القتال المنوط به، حسم مستقبل أوكرانيا قبل هدنة الشتاء التي ستفرضها قسوة الطبيعة، بدأت كييف تتلقى أسلحة نوعية جديدة من أصدقائها في حلف "شمال الأطلسي".

فقد أعلن وزير الدفاع الأوكراني فاليري غاليتيه، لـ"القناة الخامسة" الأوكرانية أن الدول الأعضاء في حلف شمال الأطسي بدأت تزوّد أوكرانيا بالسلاح، مضيفاً أن "هذه العملية انطلقت، وأشعر بأن هذا الطريق بالذات هو ما يجب السير فيه".

كما نقلت "ريا نوفوستي" عن مستشار الرئيس الأوكراني، يوري لوتسينكو، إعلانه في السابع من سبتمبر/أيلول الجاري، عن "اتفاق تم في قمة (الأطلسي) على تزويد كييف بأسلحة حديثة من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبولونيا والنروج".

وأثار ذلك كله، إضافة إلى اتفاقية وقف إطلاق النار، سخط الانفصاليين. ويمكن هنا تأمل ما نقله موقع "باتريوت روسي رو" عن القائد الميداني الانفصالي، إيغور ستريلكوف، يوم الحادي عشر من سبتمبر/أيلول الجاري، "يصعب اختراع ما هو مشين أكثر من الاتفاقات التي تتم مناقشتها الآن في مينسك".

من جهته، ورداً على سؤال عن إمكانية قبول حكم ذاتي في إطار أوكرانيا، قال نائب رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية، أندريه بورغين، للقناة الروسية الأولى "روسيا 1"، "لن يكون هناك اتحاد سياسي مع أوكرانيا على الإطلاق".

وفي خطوة تبدو تراجعاً عن اتفاقات مينسك، صرح رئيس برلمان جمهورية دونيتسك الشعبية، بوريس ليتفينوف، خلال مؤتمر صحافي، في 13 سبتمبر/أيلول الجاري، بأن جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين لم تشاركا في مباحثات مينسك وحضرتا بصفة مراقبَين، مضيفاً "يمكن على الأرجح التعامل مع هذه الوثيقة (اتفاق مينسك) كأساس لمفاوضات مقبلة، ومن جهتي، أقول إنها مجرد بروتوكول نوايا، ويمكن الجلوس والتفاوض حول كل نقطة من النقاط الواردة فيها".

بدوره، اعتبر الخبير العسكري، فلاديسلاف شوريغين، على موقع "إيبغازيتا رو" أنّ اتفاق وقف إطلاق النار الحالي يؤكد استحالة حل مشكلة دونباس عن طريق القوة، لكن نتائجه لا ترضي الطرفين، فكييف غير مستعدة للتسليم بهزيمتها العسكرية وتراها متعطشة لرد الاعتبار، كما أن (نوفوروسيا) لا يلائمها انسحاب مؤقت للقوات الأوكرانية من مناطق دونباس ولوغانسك.

ووفقاً لرأي شوريغين، فإن الهدنة المقبلة سترسم الحدود النهائية بين الطرفين المتنازعين، موضحاً أن لدى كييف شهرين كحد أقصى لشنّ عملية جديدة ضد الأقاليم الانفصالية، قبل أن يحلّ الشتاء، فالجيش الأوكراني لا يمتلك بنية تحتية تسمح له بخوض معارك شتوية، ولذلك فلا مفر أمام كييف من أن تخوض حرباً ناجحة توقّع بعدها اتفاق سلام مديد، يرسم بحكم الواقع حدودها مع "نوفوروسيا".

وثمة سؤال عما إذا كان بمقدور "نوفوروسيا" مواجهة جيش كييف بعد إعادة تعبئته وتعزيزه بأسلحة "الأطلسي" الحديثة، إذا لم تدعمها موسكو بكل جدية، وبالتالي، فهل يترك الكرملين أنصاره تحت رحمة سلاح أعدائه فيخسر مادياً ومعنوياً، خارجياً وداخلياً؟

في إطار الإجابة عن هكذا سؤال، أوضح رئيس تحرير "صوت سيفاستوبول"، بوريس روجين، أن موسكو لم تنقطع عن تقديم المساعدات وأن "الكرملين، حتى لو أراد ترك "نوفوروسيا" لمصيرها فلا يستطيع، لأن الروس لن يتفهموا ذلك".

وأكد أن موسكو وافقت على اتفاق مينسك لتجنب تصعيد الخلاف مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى حتمية عودة المعركة، مضيفاً "لا أستطيع تحديد موعد دقيق، لكن الجيش الأوكراني سيشن هجوماً بالتأكيد، وهناك فرصة جيدة لصد الهجوم".

ذات صلة

الصورة
بايدن وهاريس  يستقبلان السجناء بقاعدة أندرو العسكرية، 2 أغسطس 2024 (العربي الجديد)

سياسة

استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس في قاعدة أندروز الجوية، قرب واشنطن، 3 سجناء أفرجت عنهم روسيا بموجب صفقة تبادل سجناء مع الغرب.
الصورة

سياسة

قُتل 40 شخصاً على الأقل، وجُرح العشرات، في إطلاق نار أعقبه اندلاع حريق، مساء اليوم الجمعة، في صالة للحفلات الموسيقية في ضاحية موسكو.
الصورة
قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود فيكتور سوكولوف-ألكسي بافليشاك/رويترز

سياسة

ظهر قائد الأسطول الروسي في البحر الأسود فيكتور سوكولوف، الذي أعلن الجيش الأوكراني، أمس الاثنين، أنه قتله الأسبوع الماضي، وذلك في صور وزّعتها وزارة الدفاع الروسية، اليوم الثلاثاء.
الصورة

سياسة

نشرت وكالة "أسوشييتد برس" تقريراً اليوم الجمعة، كشفت فيه تفاصيل تعرّض معارضي الكرملين على مرّ السنوات السابقة لهجمات وعمليات قتل، كان آخرها مقتل زعيم مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة يفغيني بريغوجين الأربعاء.
المساهمون