أعلن جهاز الأمن في أوكرانيا، اليوم الأربعاء، أنه أخلي سبيل 56 رهينة، كانوا محتجزين لدى انفصاليين مسلحين داخل المقرّ المحلي للقوات الأمنية في مدينة لوهانسك الواقعة شرقي البلاد، فيما بقي أربعة آخرون قيد الاحتجاز.
وأقام المحتجون في لوهانسك، صباح اليوم، حواجز عالية على طول الطريق المؤدي الى مقر القوات الأمنية. وقالوا إنهم يسعون الى إقامة حكم ذاتي في منطقتهم، في خطوة مشابهة لما جرى في شبه جزيرة القرم، التي انفصلت وانضمت الى روسيا.
وعلى الرغم من إخلاء سبيل الرهائن، لم يستبعد وزير الداخلية الأوكراني، أرسين أفاكوف، استخدام القوة لحل الأزمة في شرقي البلاد خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة، إذا أخفقت المفاوضات في تهدئة الاحتجاجات.
وقال، أفاكوف، للصحافيين، على هامش اجتماع حكومي، "هناك خياران: السياسة والمفاوضات (من جهة)، والقوة من جهة أخرى". وأضاف: بالنسبة إلى من يريدون الحوار نقترح حلاً سياسياً. وبالنسبة إلى الأقلية الذين يريدون الصراع، فسيصلهم ردّ مبني على القوة من جانب السلطات الأوكرانية.
وفي إشارة الى جدّية حراك سلطات كييف، أعلن المسلّحون المتحصنون داخل المقرّ، أنهم "الأمل الأخير لأوكرانيا"، وناشد زعيمهم مؤيديه الاحتشاد أمام المبنى بأعداد كبيرة لينجح الأمر بالنسبة إليهم.
وقال فيتالي، الذي يصف نفسه بأنه قائد المجموعة، "أتفهم أن علينا حلّ كل ذلك بأنفسنا، لكننا قد نفشل". ثم خاطب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، طالباً منه المساعدة قائلا :السيد بوتين ارحم مقاتلي. إذا فقدتنا ستخسر آخر أمل في توفير جار جيد.
وأضاف فيتالي "هذه آخر فرصة، مدينة خاركوف ضاعت. دونيتسك ضاعت. ميكولاييف ضاعت منذ زمن. أوديسا ضاعت تقريباً. هذا هو الحال، نحن آخر أمل لأوكرانيا كلها".
من جهته، هدّد بوتين أوكرانيا، بأنها ستضطر الى "دفع ثمن الغاز مقدماً"، حسب وكالات الأنباء الروسية الرسمية.
وقال بوتين، في الاجتماع الحكومي، اليوم الأربعاء، إن "طلب الدفع مقدماً يتماشى مع العقد بين أوكرانيا وروسيا"، ولكنه طلب من شركة "غازبروم" العملاقة للطاقة التابعة للدولة أن تنأى بنفسها عن "هذه الإجراءات الكارثية، الى حين إجراء مشاورات إضافية بين الجانبين".
ودعا الرئيس الروسي، كييف، الى "عدم القيام بأي شيء لا يُمكن إصلاحه في أوكرانيا"، وأمل أن "تكون مبادرة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من أجل اصلاح الوضع في كييف، فعّالة وذات نتيجة إيجابية".
وسعت موسكو، اليوم، على الرغم من بوادر القلق والتصعيد، إلى تهدئة مخاوف كييف والغرب في شأن وجود قوات روسية قرب الحدود مع أوكرانيا، ونفت كونها تفكر في غزو شرق البلاد.
وقالت وزارة الخارجية الروسية في بيان: لا أسباب لدى الولايات المتحدة والغرب للقلق. روسيا قالت مرات عدة إنها لن تشن أي نشاط غير عادي وغير مخطط له سابقاً على أراضيها قرب الحدود مع أوكرانيا وله أهمية عسكرية".
في غضون ذلك، بحث نائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، الأزمة في أوكرانيا مع قادة كل من جمهورية الجبل الأسود وسلوفاكيا، والتقى في البيت الأبيض، مساء أمس، رئيس وزراء جمهورية الجبل الأسود، ميلو ديوكانوفيتش. وقال البيت الأبيض: إن بايدن وديوكانوفيتش، بحثا الوضع في البلقان فضلاً عن الضغوط الروسية على أوكرانيا.
وأثنى بايدن، بدوره، على الجبل الأسود لتحقيقها تقدماً نحو الانضمام الى حلف شمال الأطلسي. وقال: إن الولايات المتحدة تدعم طموحات الجبل الأسود لإقامة علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة إلى رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، كانت المحادثات بينه وبين بايدن هاتفية، وذكر البيت الأبيض أنها تناولت "المخاوف بشأن انتهاك روسيا سيادة أوكرانيا والانتخابات المقبلة في كييف". وشكر بايدن، سلوفاكيا على مساعدتها أوكرانيا في تنويع مصادر الطاقة، وهي خطوة يراها الغرب أكثر من ضرورية لمساعدة أوكرانيا على خفض الاعتماد على الغاز الروسي.
الى ذلك، أكدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أن "روسيا لا تتخذ الخطوات اللازمة لتخفيف الأزمة". واعتبرت في كلمة ألقتها أمام البرلمان، أن "ليس واضحاً أن روسيا تسهم في تخفيف تصعيد الموقف في كثير من المناطق".
وتابعت "لذا سنواصل فعل ما كنا نفعله. نواصل الحوار من ناحية، ومن ناحية أخرى نوضح أن أوكرانيا لها الحق في اختيار طريقها... ويتعين أن تقرر أوكرانيا مستقبلها".
وذكر مبعوث منظمة "الأمن والتعاون في أوروبا" وسفير سويسرا لدى ألمانيا، تيم غولديمان، أن "وجود مراقبي المنظمة على الأرض في أوكرانيا، من عوامل الاستقرار".
وأضاف: بالطبع سمعنا عن الأحداث الجارية في الشرق، لكننا نعتقد أن حقيقة، لدينا بالفعل أول مراقبين دوليين في بعثة المراقبة الخاصة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا على الأرض ،وفتح مكاتب في هذه المدن الشرقية بالتحديد يعتبر من عوامل الاستقرار".
وجاءت تصريحات، غولديمان، عقب
جولة في البلاد في إطار زيارته الرابعة لأوكرانيا منذ فبراير/شباط الماضي.
وتوجد بعثات المنظمة في أوكرانيا منذ بداية أزمة القرم، وتفتح مكاتب في مختلف أرجاء البلاد، لمراقبة الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 25 مايو/أيار.
الأطلسي
الى ذلك، أعلن القائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي في أوروبا، والمعني بوضع خطوات مضادة للتهديد العسكري الروسي لأوكرانيا، إن هذه الخطوات ستشمل إرسال قوات أميركية إلى دول الحلف في أوروبا الشرقية التي تستشعر الخطر.
وأكد الجنرال، فيليب بريدلاف، في تصريحات نقلتها "أسوشيتد برس"، اليوم الأربعاء، أنه لن يستثني أي دولة من التدخل.
وأمهل وزراء خارجية الحلف، 28 دولة، بريدلاف، حتى الثلاثاء المقبل، كي يقترح خطوات من شأنها طمأنة أعضاء الناتو الأقرب من روسيا. وذكر بريدلاف، "نبحث في الأساس عن حزمة من الإجراءات البرية والجوية والبحرية، لطمأنة حلفائنا في أقصى الشرق".
وبسؤاله حول امكانية إرسال قوات أميركية إلى دول الحلف الأقرب إلى روسيا، قال "لن استبعد أي مساهمات من أي دولة". وفي كلمة في نهاية مؤتمر الأطلسي في باريس، أشار الى أن "الوجود العسكري الروسي قرب الحدود الأوكرانية، مستمر بلا هوادة".
وأضاف "ما رأيناه هناك، هو قوة قوامها نحو 40 ألف جندي، سأصفها بأنها جيش مسلح. بعبارات أخرى، هذا جيش لديه كل القدرات التي يحتاجها لإنجاز أهداف عسكرية إذا ما أتيحت له الفرصة".
وأشار القائد العسكري للأطلسي إلى أن "أهداف روسيا لا تزال غير واضحة"، مضيفاً "أن القوة يمكن أن تقف متأهبة، وأن تتحرك جنوباً لخلق جسر بري مع القرم، ومن ثم تندفع بطول ساحل البحر الأسود إلى مدينة أوديسا الساحلية الأوكرانية، وجيب ترانس-دنيستر الروسي في مولدوفا، أو غزو المناطق الواقعة في شرق أوكرانيا، حيث يطالب المواطنون من أصل روسي أيضا بالوحدة مع روسيا".
ومع ذلك، فإن القوة الروسية ربما تستخدم في نهاية المطاف، وقال بريدلاف "إنها على استعداد للتحرك فور صدور الأوامر. نحن نتحدث عن تحرك في غضون اثنتي عشرة ساعة".