أعلنت الحكومة التركية، أمس الثلاثاء، أنها ستقوم بالتقدم للبرلمان بمشروع لتمديد وتوسيع التفويض الممنوح للقوات المسلحة التركية للقيام بعمليات خارج حدود الجمهورية في كل من سورية والعراق. وذلك في ظل التهديدات التي يشكلها تنامي نفوذ المجموعات الجهادية، متمثلة بتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)،على الامن القومي التركي في كل من البلدين.
جاء هذا في التصريحات التي أدلى بها رئيس مجلس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، أمس الثلاثاء، أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده، إثر قيامه بزيارة مقتضبة لوزارة الصحة التركية.
وبحسب داود أوغلو، فإن "تغيير التهديدات الناشئة عن التطورات التي حصلت في كل من سورية والعراق يدفع الحكومة إلى تجديد وتغيير محتويات التفويض الممنوح للقوات المسلحة". الأمر الذي سيتم طرحه ومناقشته في الثاني من أكتوبر/ تشرين الاول المقبل، أي بعد يوم من انتهاء العطلة البرلمانية.
وكان البرلمان التركي قد منح القوات المسلحة التركية تفويضين للقيام بعمليات عسكرية خارج حدود البلاد، أولهما في منطقة شمال العراق حيث تتمركز معسكرات حزب "العمال" الكردستاني، والثاني في الأراضي السورية وقد تم منحه في ضوء الخطر المتنامي من احتمال قيام النظام السوري بأي عمليات عدائية ضد الجمهورية التركية. لكن الآن بعد التنامي غير المتوقع لنفوذ "داعش" في كل من العراق وسورية بدأت خريطة التهديدات المحتملة للأمن القومي التركي بالتغير، وذلك بحسب داود أوغلو.
وأكد داود أوغلو، أنه "يأمل بأن لا يكون هناك أي حاجة لتفعيل التفويض، لكن إن كان هناك أي ضرورة فإن تركيا لن تتردد بالقيام بما يتطلبه الحفاظ على أمنها القومي".
ورداً على سؤال حول عمليات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة ضد أهداف تابعة لـ"داعش" في سورية، فضل رئيس الوزراء عدم إعطاء إجابة مباشرة عما إذا كانت تركيا تؤيد هذه العمليات، قائلاً إن "العمليات التي لا تتوخى تحقيق سلام واستقرار دائمين في المنطقة لن تجلب سوى المزيد من المشاكل الجديدة".
وفيما يخص تعليقات وزير الخارجية الاميركية جون كيري، بشأن استعداد أنقرة للانضمام للقتال ضد الجهاديين في كل من سورية والعراق، والتي أكد فيها بأن الدور التركي (في التحالف) سيتم تأكيده عبر التجربة، أكد داود أوغلو، أنه لا ينبغي لأحد اختبار تركيا، قائلاً إنه "لا يمكن لأحد أن يختبر تركيا، وكأنها لم تقم بما هو ضروري. إننا نتخذ قراراتنا وسنقوم بعمل ما هو ضروري لتفعيل هذه القرارات إن كانت ضرورية لحماية مصالحنا القومية".
وكان كيري، قد أكد في وقت سابق بأنه يتوقع من تركيا أن تقوم بخطوات أكبر للتقرب من الجهود المبذولة ضد "داعش" بعد أن نجحت في تحرير رهائنها الـ49 من قبضة التنظيم في الموصل، ليؤكد داود أوغلو، أن موضوع الرهائن الأتراك لم يكن مصدر القلق التركي الوحيد، لكن هناك تحفظات أخرى يجب مناقشتها، وأيضا يجب الاتفاق على استراتيجية شاملة لتحقيق السلام والأمن في المنطقة. وأشار إلى أن "الأمر ليس محاربة جماعة إرهابية فحسب، فمن حيث المبدأ الموضوع لا يقبل النقاش، لكن علينا أن نتوافق على رؤية ما بعد الصراع وما هي المعايير التي يجب أن نلتزم بها لتحقيق هذه الرؤية". وأضاف أنه "لو تم القضاء على (داعش) بالطريقة التي تعزز نفوذ وبقاء النظام السوري فإن جماعات أخرى مشابهة ستنشأ تحت دعاوى مختلفة".
وعبّر داود أوغلو، عن انزعاجه من تقارير بعض المؤسسات الإعلامية الأجنبية التي حاولت أن تعطي الانطباع بأن تركيا تحت الاختبار وعليها أن تثبت نفسها، قائلاً إن "على الجميع أن يعلم بأنه ليس على تركيا أن تثبت أي شيء. الأمر الذي كنت قد أبلغته فيما مضى لكيري عندما كنت وزيراً للخارجية. لطالما أظهرت تركيا بانها قادرة على اتخاذ مواقف حاسمة وفقاً للحقائق التي تؤمن به. لقد شهدوا كيف كانت تركيا حاضرة حتى في الوقت الذي لم يظهِر به حلفاؤنا أي اهتمام كافٍ لتحفظاتنا". وأضاف أنه "لا أحد يستطيع ربط دورنا في التحالف بموضوع الرهائن الأتراك، قائلاً: "دعونا نرى ما ستفعله تركيا. نحن من يقوم باتخاذ القرار حول ما سنفعله وليس علينا أن نتخذ هذا القرار الآن".
وأردف داود أوغلو، أنه "كان القصد وضع استراتيجية مشتركة، فإن تركيا ليست الدولة التي يمكن امتحانها لكنها الدولة التي يجب أن تتم مناقشتها بشكل ندّي، لدينا تحفظاتنا ومصالحنا وأولوياتنا القومية". وأكد أن "أنقرة ما زالت في حالة حوار مستمر مع المسؤولين الأميركيين"، مؤكداً أنه في ضوء ما ذكره، لا يجد تصريحات كيري، "جيدة للعلاقات المشتركة بين الطرفين".