أوراقه الثبوتية حرمته فلسطين

08 مايو 2017
يعيش اليوم في لبنان (العربي الجديد)
+ الخط -
عدد كبير من الفلسطينيّين الذين هجّروا من بلادهم خلال النكبة في عام 1948، لم يلجأوا إلى لبنان أو سورية أو الأردن، بل نزحوا إلى قطاع غزّة. وإبان عدوان 1967، هاجر بعضهم إلى دول عربية. وما زال عدد من الذين توجهوا إلى لبنان لا يحملون بطاقة هوية فلسطينيّة خاصة باللاجئين، ما يزيد من معاناتهم. ولا يحقّ لهؤلاء الدراسة أو العلاج في المدارس والمراكز الصحية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

رفض عزمي صالح مغادرة فلسطين في عام 1948، على غرار بقية أفراد أسرته. كان يعيش في أراضي 67، فيما كان أهله خارج فلسطين، وقد اختار كلّ واحد منهم الاستقرار في بلد. أراد الذهاب إلى الأردن لزيارة شقيقته، على أن يعود إلى فلسطين مجدداً. لكن حصل ما لم يكن متوقعاً، وما غيّر مسار حياته بشكل كامل. في الأردن، عمدت شقيقته إلى تمزيق أوراقه الثبوتية حتى لا يعود إلى فلسطين، وطلبت منه البقاء عندها. هكذا، لم يعد في إمكانه العودة إلى فلسطين، وبات لاجئاً.

يتحدّر صالح من كفرعكر قرب رام الله في فلسطين. لكن في الوقت الحالي، يعيش في مخيم عين الحلوة للّاجئين الفلسطينيين في منطقة صيدا (جنوب لبنان)، وقد تجاوز السبعين من العمر. في ما مضى، كان طاهياً، وعمل في مطاعم عدة في الغربة، لكن كان له مطعمه الخاص في فلسطين. وحين قدم إلى لبنان، التحق بصفوف الثوار، وتحديداً الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.


يقول صالح: "كنت أعيش وحيداً في فلسطين، بعدما هاجر أهلي إلى الخارج. كنت أملك مطعماً صغيراً أطهو فيه مختلف أنواع الأطعمة. في أحد الأيام، فكّرت في ضرورة زيارة أشقائي والاطمئنان عليهم. وكان الأردن وجهتي الأولى، وقد حصلت على إذن بالسفر والعودة. لكنّ شقيقتي عمدت إلى تمزيق أوراقي حتى لا أتركها وأعود إلى فلسطين. بقيت في الأردن حتى عام 1972، وكنت أعمل في مطعم. لاحقاً، وبعدما حصلت على جواز سفر فلسطيني ــ أردني، جئت إلى لبنان وصرت أعمل في تجارة الزيت، إلى أن انتهت مدة صلاحية جواز سفري. توجهت إلى السفارة الأردنية لتجديد جواز السفر فرفضوا بسبب مشاكل داخلية. لاحقاً، تقدّمت بطلب للالتحاق بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وطُلب مني فتح مطعم مركزي. وهذا ما حصل بالفعل. قدمت لهم تصوراً كاملاً، والتحقت بالجبهة وما زلت حتى اليوم".

ويوضح أنّه خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، "انتقلنا من مكتبنا في بيروت إلى الكليّة العسكرية في منطقة برج البراجنة (ضاحية بيروت الجنوبية)، لندافع عن مواقعنا في حال تعرّضنا لأي اعتداء. من هناك، توجهنا إلى منطقة البقاع (شمال لبنان). في ذلك الوقت، لم تكن منطقة البقاع مستهدفة من قبل العدو الصهيوني، بل كان الجنوب اللبناني وبيروت. لكنني لم أرغب في البقاء في البقاع، وأردت العودة إلى مخيم عين الحلوة حيث بيتي وزوجتي". يذكر أن القيادة منعته، لكنّه صمّم على المجيء إلى المخيم. وبالفعل، حصل ما كان متوقعاً. بمجرّد وصوله إلى مخيم عين الحلوة، اعتقلته قوات العدو الصهيوني، وبقي في معتقل أنصار في جنوب لبنان، إلى حين تبادل الأسرى.

بعدها، "سعى شقيقي الذي يعيش في أميركا إلى سحبي وعائلتي إلى هناك، إلا أنه لم يتمكن من ذلك. ثم سافرت إلى الجزائر، وبطلب من شقيقي، توجهت إلى السفارة الأميركية بمساعدة مترجم. ووافقت السفارة على ذهابي إلى أميركا، وأخبرتني الموظفة أن بإمكاني السفر وعائلتي خلال شهر. أجبتها: أنا مستعد للذهاب شرط أن أرى العلم الفلسطيني يرفرف فوق البيت الأبيض. حينها، صرخت في وجهي وطردتني من مكتب السفارة".

بعد الجزائر، ذهب إلى سورية، قبل أن يعود مجدداً إلى لبنان. وحتى اللحظة، ما زال يعيش في مخيم عين الحلوة، وما زال حاضراً في الجبهة الشعبية. يقول صالح: "في حال لم أحضر إلى مكتب الجبهة في المخيم، أشعر بأنّ شيئاً ما ينقصني".
المساهمون