تفاقمت حدة الأزمة الإنسانية في دولة جنوب السودان بسبب الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عامين. مجدداً، يفرّ الجنوبيون من مناطقهم بسبب الجوع، في ظل تراجع إيرادات النفط وانخفاض أسعاره عالمياً، وضعف الإنتاج الزراعي، وأزمة الرواتب، بالإضافة إلى غلاء الأسعار.
الحرب التي اندلعت في هذه الدولة الوليدة، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2013، أدت إلى نزوح ما يزيد عن مليوني مواطن من مناطقهم، وقد لجأ البعض إلى دول الجوار، فيما قتل أكثر من عشرة آلاف شخص، بحسب تقديرات منظمات أممية. ويشكو مواطنون جنوبيون من نقص حاد في الغذاء. وفي بعض الأحيان، يعجزون عن تأمين وجبة طعام واحدة، ما يدفع البعض إلى أكل أوراق الأشجار والأسماك النافقة في المستنقعات.
وفي أحدث تقرير له، أعلن برنامج الأغذية العالمي أن ما يصل إلى 5.3 ملايين شخص في جنوب السودان ربما يواجهون خطر الافتقار الحاد للأمن الغذائي خلال موسم القحط. وبين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضي، قال البرنامج إن نحو 2.8 مليون شخص في أزمة، عدا عن معاناة 40 ألفاً من المجاعة.
أخيراً، اشتكت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في الجنوب من ضعف الدعم الدولي للخطة الإنسانية، إذ لم تحصل المنظمات إلا على 27 في المائة من احتياجاتها البالغة 1.29 مليار دولار.
وعلى الرغم من توصّل الأفرقاء الجنوبيّين إلى حكومة وحدة وطنية في إطار اتفاقية السلام التي أقرت في أغسطس/آب الماضي لإنهاء الحرب، إلا أن هذا الأمر لم ينسحب إيجاباً على الوضع الإنساني، خصوصاً أن عثرات رافقت عملية تنفيذ الاتفاقية.
ويصف الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية المعارضة (جناح نائب الرئيس الجنوبي رياك مشار)، ويليام ازيكيل، الوضع الإنساني في الدولة الوليدة بالمزري، مؤكداً الحاجة إلى التدخل العاجل لإنقاذ أرواح الملايين من الجوع والفقر. يقول لـ"العربي الجديد" إن هناك من يموت جوعاً في ولاية بحر الغزال الكبير، لاسيما مدن أويل، وواو، وكجوك، ورومبيك، لافتاً إلى أنه "لأول مرة في تاريخ الجنوب، توزع مواد إغاثية في مدينة واو، ما يفسر حجم المعاناة الإنسانية هناك". ويربط بين تحسّن الوضع الإنساني وتنفيذ اتفاقية السلام.
اقــرأ أيضاً
وبعدما جعلتهم الحرب يفرّون نحو الجارة السودانية، ها هو الجوع يشرّد آلاف الجنوبيّين مرة أخرى، ليواجهوا أوضاعاً سيئة لاسيما على الحدود بين البلدين، نظراً للنقص الحاد في الإيواء والإغاثة وضعف الدعم الدولي.
وتقول نتالي، التي وصلت إلى الخرطوم قبل نحو شهر هرباً من منقطة أويل، إن رحلتها استغرقت تسعة أيام. توضح أن بعض أهالي منطقتها ينامون وهم جائعون، فيما يعتمد آخرون على المانجا الذي بدأ موسمها. تضيف: "من هم أفضل حالاً يتناولون وجبة غذاء واحدة في اليوم"، مشيرة إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير.
وطالب جنوبيون بإعلان أن الدولة الوليدة مهدّدة بالمجاعة، تمهيداً لتدخل المجتمع الدولي والإقليمي، الأمر الذي ترفضه الحكومة في جوبا، والتي تعمد أيضاً إلى إخفاء الأرقام الحقيقية المتعلّقة بحجم الأضرار. ويرى الخبير في الملف الجنوبي، أتيم سايمون، أن الحكومة في جوبا تحتاج إلى تقييم الوضع الغذائي بطريقة عقلانية، ليتسنى للمنظمات الدولية التدخل بصورة أكبر، مؤكداً أن خطوة كهذه لن تحصل إلا في حال اعتراف الحكومة بوجود فجوة غذائية في العديد من المناطق. يضيف لـ"العربي الجديد" أنه يمكن تدارك الوضع إذا ما واجهت الحكومة الأزمة بشجاعة، وأعلنت الأرقام الفعلية للمتضررين، فضلاً عن النقص في الغذاء، ما يتيح للمنظمات الدولية وغيرها التدخل للمساهمة في إنقاذ الوضع.
ويواجه العاملون في جوبا أزمة صرف الأجور التي تتأخّر لفترات قد تصل إلى ثلاثة أشهر متتالية، وقد حاول البعض تنظيم احتجاجات من دون أن تؤدي إلى نتائج ملموسة إذا بقي الوضع كما هو عليه، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي يعدّ صعباً، فضلاً عن العزلة الدبلوماسية التي واجهتها الحكومة خلال الحرب، ما حرمها من الحصول على قروض أو مساعدات.
ويؤكّد مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" أن الحرب أثرت سلباً على الاقتصاد في البلاد، لافتاً إلى أنه ليس هناك أي احتياطي نقدي، وبالكاد تنجح الحكومة في توفير رواتب الجيش. لكنه يبدو متفائلاً في أن تساهم الخطوات الأخيرة المتصلة بتنفيذ اتفاقية السلام في إطلاق الدعم الدولي والإقليمي.
اقــرأ أيضاً
الحرب التي اندلعت في هذه الدولة الوليدة، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2013، أدت إلى نزوح ما يزيد عن مليوني مواطن من مناطقهم، وقد لجأ البعض إلى دول الجوار، فيما قتل أكثر من عشرة آلاف شخص، بحسب تقديرات منظمات أممية. ويشكو مواطنون جنوبيون من نقص حاد في الغذاء. وفي بعض الأحيان، يعجزون عن تأمين وجبة طعام واحدة، ما يدفع البعض إلى أكل أوراق الأشجار والأسماك النافقة في المستنقعات.
وفي أحدث تقرير له، أعلن برنامج الأغذية العالمي أن ما يصل إلى 5.3 ملايين شخص في جنوب السودان ربما يواجهون خطر الافتقار الحاد للأمن الغذائي خلال موسم القحط. وبين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضي، قال البرنامج إن نحو 2.8 مليون شخص في أزمة، عدا عن معاناة 40 ألفاً من المجاعة.
أخيراً، اشتكت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملة في الجنوب من ضعف الدعم الدولي للخطة الإنسانية، إذ لم تحصل المنظمات إلا على 27 في المائة من احتياجاتها البالغة 1.29 مليار دولار.
وعلى الرغم من توصّل الأفرقاء الجنوبيّين إلى حكومة وحدة وطنية في إطار اتفاقية السلام التي أقرت في أغسطس/آب الماضي لإنهاء الحرب، إلا أن هذا الأمر لم ينسحب إيجاباً على الوضع الإنساني، خصوصاً أن عثرات رافقت عملية تنفيذ الاتفاقية.
ويصف الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية المعارضة (جناح نائب الرئيس الجنوبي رياك مشار)، ويليام ازيكيل، الوضع الإنساني في الدولة الوليدة بالمزري، مؤكداً الحاجة إلى التدخل العاجل لإنقاذ أرواح الملايين من الجوع والفقر. يقول لـ"العربي الجديد" إن هناك من يموت جوعاً في ولاية بحر الغزال الكبير، لاسيما مدن أويل، وواو، وكجوك، ورومبيك، لافتاً إلى أنه "لأول مرة في تاريخ الجنوب، توزع مواد إغاثية في مدينة واو، ما يفسر حجم المعاناة الإنسانية هناك". ويربط بين تحسّن الوضع الإنساني وتنفيذ اتفاقية السلام.
وبعدما جعلتهم الحرب يفرّون نحو الجارة السودانية، ها هو الجوع يشرّد آلاف الجنوبيّين مرة أخرى، ليواجهوا أوضاعاً سيئة لاسيما على الحدود بين البلدين، نظراً للنقص الحاد في الإيواء والإغاثة وضعف الدعم الدولي.
وتقول نتالي، التي وصلت إلى الخرطوم قبل نحو شهر هرباً من منقطة أويل، إن رحلتها استغرقت تسعة أيام. توضح أن بعض أهالي منطقتها ينامون وهم جائعون، فيما يعتمد آخرون على المانجا الذي بدأ موسمها. تضيف: "من هم أفضل حالاً يتناولون وجبة غذاء واحدة في اليوم"، مشيرة إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل كبير.
وطالب جنوبيون بإعلان أن الدولة الوليدة مهدّدة بالمجاعة، تمهيداً لتدخل المجتمع الدولي والإقليمي، الأمر الذي ترفضه الحكومة في جوبا، والتي تعمد أيضاً إلى إخفاء الأرقام الحقيقية المتعلّقة بحجم الأضرار. ويرى الخبير في الملف الجنوبي، أتيم سايمون، أن الحكومة في جوبا تحتاج إلى تقييم الوضع الغذائي بطريقة عقلانية، ليتسنى للمنظمات الدولية التدخل بصورة أكبر، مؤكداً أن خطوة كهذه لن تحصل إلا في حال اعتراف الحكومة بوجود فجوة غذائية في العديد من المناطق. يضيف لـ"العربي الجديد" أنه يمكن تدارك الوضع إذا ما واجهت الحكومة الأزمة بشجاعة، وأعلنت الأرقام الفعلية للمتضررين، فضلاً عن النقص في الغذاء، ما يتيح للمنظمات الدولية وغيرها التدخل للمساهمة في إنقاذ الوضع.
ويواجه العاملون في جوبا أزمة صرف الأجور التي تتأخّر لفترات قد تصل إلى ثلاثة أشهر متتالية، وقد حاول البعض تنظيم احتجاجات من دون أن تؤدي إلى نتائج ملموسة إذا بقي الوضع كما هو عليه، خصوصاً أن الوضع الاقتصادي يعدّ صعباً، فضلاً عن العزلة الدبلوماسية التي واجهتها الحكومة خلال الحرب، ما حرمها من الحصول على قروض أو مساعدات.
ويؤكّد مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" أن الحرب أثرت سلباً على الاقتصاد في البلاد، لافتاً إلى أنه ليس هناك أي احتياطي نقدي، وبالكاد تنجح الحكومة في توفير رواتب الجيش. لكنه يبدو متفائلاً في أن تساهم الخطوات الأخيرة المتصلة بتنفيذ اتفاقية السلام في إطلاق الدعم الدولي والإقليمي.