أعادت هجمات تنظيم "داعش" الإرهابي الأخيرة على عدد من المناطق المحررة في العراق، إلى ذاكرة الأهالي أهوال وفظائع سنوات النزوح الطويلة التي عانوها منذ مطلع عام 2014، ما دفع كثيرين منهم إلى حمل السلاح للدفاع عن مناطقهم خشية اجتياح التنظيم لها مجددا.
وخرج عشرات من أهالي الرمادي، أمس الأربعاء، من منازلهم حاملين السلاح للقتال إلى جانب القوات الحكومية العراقية لاستعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم خلال هجوم شنه، فجر أمس، على أطراف المدينة ليسيطر على بعض مناطقها.
وقال فلاح الدليمي (43 سنة)، وهو من أهالي الرمادي، إن "الهجمات الأخيرة لداعش ذكرتنا بسنوات النزوح المأساوية، وخشينا أن نضطر مرة أخرى للهجرة والنزوح. لذلك حملنا السلاح للدفاع عن مدينتنا، وتمكّنّا من استعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم خلال الهجوم الذي شنه فجر أمس".
وأضاف الدليمي لـ"العربي الجديد": "لن نخرج بعد الآن من مدينتنا، وسندافع عنها مهما كلفنا ذلك، حتى لو قتلنا جميعا، فسنوات التهجير والنزوح كانت مؤلمة ومذلة، ولا يمكن أن نقبل بتكرارها مجدداً".
وأعرب ناشطون عن خشيتهم من تكرار سيناريو التهجير وموجات النزوح مرة أخرى بسبب الفشل الأمني في الرمادي وصلاح الدين، ومناطق داخل المدن المحررة. واعتبر الناشط ياسر الفلاحي، أن "هجمات تنظيم داعش الأخيرة كانت عنيفة، وتمكن خلالها من السيطرة على بعض المناطق قبل أن تستعيدها القوات العراقية، ونحن متخوفون كثيراً من تكرار سيناريو النزوح المؤلم".
وأوضح أن "أهالي المدن المحررة تعرضوا للإذلال في مخيمات النزوح، وما عشناه في المخيمات لا ينسى. حديثنا اليومي حاليا حول التخوف من تكرار مأساة النزوح بسبب الفشل الأمني".
وهربت عشرات الأسر، يوم أمس، من مناطق "الطاش" و"7 كيلو" في الرمادي، باتجاه مركز المدينة بعد سيطرة "داعش" على تلك المناطق، وفرضت القوات العراقية حظراً للتجوال في الفلوجة والكرمة وعدد من المناطق المحررة خشية حصول هجمات مماثلة، ما أقلق الأهالي بشكل غير مسبوق.
وفي محافظة صلاح الدين، شمال بغداد، يترقب أهالي المدن المحررة الوضع الأمني بقلق كبير، حيث يشن "داعش" هجمات مستمرة بين آونة وأخرى على عدد من القرى والمناطق المحررة. ويقول فيصل الجبوري، أحد وجهاء المدينة، إن "رحلة النزوح كانت قاسية، ولا نريد تكرارها مهما كلف الأمر، لكن الإخفاقات الأمنية الأخيرة في الرمادي وصلاح الدين ومناطق أخرى تجعلنا نتخوف من تكرار تلك المأساة".
وتابع الجبوري "لم تعد لدى أغلب الناس طاقة للنزوح مجددا بعد أن خسروا أموالهم وممتلكاتهم، وضاعت أرواح كثيرة. نحمل الحكومة العراقية مسؤولية أي خروقات أمنية تحصل في مدننا المحررة".
وأوضح الخبير الأمني عبد الفتاح الدوري، أن "المدن المحررة تتعرض لخروقات أمنية مستمرة، كان أشدها ما جرى أمس، ولذلك يخشى الناس تكرار مأساتهم"، معتبراً أن "مأساة النزوح أجبرت عشرات الأسر على حمل السلاح والقتال إلى جانب قوات الأمن لصد هجمات داعش، كما شاهدنا أمس في الرمادي، وهذا يعني أن أهالي المدن المحررة أصبح لديهم تخوف كبير من تكرار مأساة النزوح".
وسقط، أمس الأربعاء، نحو 65 قتيلاً وجريحاً خلال هجوم تنظيم "داعش" على مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، غرب البلاد، والذي بدأ في ساعات الفجر الأولى، وانتهى بالسيطرة على عدد من المناطق وأسر عدد من رجال الأمن، قبل أن تقوم القوات العراقية باستعادة تلك المناطق من التنظيم.