بعد ثلاثة أيام على سريان اتفاقية "مناطق تخفيف التصعيد" في سورية، والتي تم التوقيع عليها من قبل الدول الثلاث الضامنة في مؤتمر "أستانة 4"، تباينت آراء مدنيين يقيمون في أكبر المناطق الأربع المحددة.
وعبر غالبية المدنيين الذين حاورتهم "العربي الجديد"، عن قلقهم من تبعات الاتفاق على المدى البعيد، لكنهم أبدوا ارتياحهم لوقف القصف والغارات الجوية على مناطقهم، والذي أدى بدوره إلى حالة من الطمأنينة التي كانت مفقودة، فيما رأى آخرون أن الاتفاق سيساهم في حقن الدماء، وإن كانت تفاصيله "مبهمة وغامضة".
ويشمل الاتفاق مناطق ريف حمص الشمالي، وغوطة دمشق الشرقية، وجنوب سورية. وتضم المنطقة الأولى كامل محافظة إدلب، وأرياف حماة واللاذقية وحلب المتاخمة لها، وهي المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان، إذ يسكنها نحو مليون مدني.
ويقول كرم محمد، الذي يقيم في إدلب، إن "الاتفاق ظالمٌ للثورة السورية ولدماء الضحايا عامة، لكنه انعكس على حياة المدنيين إيجابياً، حيث ينعم الناس هنا بالطمأنينة من القصف والغارات".
لكن الشاب البالغ من العمر 24 سنة، ويملك محلاً لبيع أجهزة الهواتف المحمولة، يتابع أن "معظم السكان فقدوا أفراداً من عائلاتهم بالقصف والمعارك، هم الآن في وضع أفضل نفسياً من استمرار القصف، لكنهم لن يقبلوا بأن تتوقف المعارك مع النظام، الذي ما زال يعتقل عشرات آلاف المدنيين، بحال من الأحوال".
أما أحمد صلاح (30 سنة)، الذي يحضر لرسالة ماجستير في الاقتصاد ويقيم حالياً في إدلب، فإنه يعتقد أن "الهدوء النسبي لا يمكن الجزم بأنه سيستمر طويلا، لأن لكل من الدول المتفقة مصالحها الخاصة، وربما تجهز المكائد لبعضها، ما ينعكس سلباً على الواقع المحلي"، مشيراً إلى أن الأسواق والشوارع شهدت حركة طبيعية خلال الأيام الثلاثة الماضية، نتيجة تلاشي الخوف من الغارات التي "كانت تحيل الأسواق إلى مقابر".
بدوره، قال عامر السقال، وهو محامٍ يتحدر من مدينة إدلب ويقيم حالياً بمدينة حماة، إنه قرأ الاتفاق عدة مرات "ولم أستطع التوصل إلى نتيجة نهائية حول أهدافه البعيدة. الناس هنا أيضاً يشعرون بالضياع نتيجة غموض الاتفاق"، مضيفاً أنه "يكفي حالياً أن تتوقف الغارات والمجازر، فالناس ضاقت ذرعاً بسوء الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة وقلة فرص العمل، ودخول الاتفاق حيز التنفيذ بعث شيئاً من الارتياح في نفوس كثير من الناس".
ويقول مصطفى رجب، المدرس في محافظة إدلب، البالغ من العمر ثلاثين سنة، إن "الاتفاق ليس لصالح الشعب السوري. هو لصالح النظام، رغم أنه انعكس على حياة الناس إيجاباً، فقد انتعشت الأسواق، وسادت حالة من الارتياح آنياً، ولو أن النظرة العامة لدى معظم الناس سلبية في ما يخص المستقبل".
ويؤكد المهندس الزراعي بدر سعد الدين (29 سنة)، أنه "نتيجة ضخامة حجم معاناة السكان هنا، فإن المدنيين يتعلقون بأي بصيص أمل ينهي معاناتهم"، معتبراً أن "الاتفاق هو توزيع جديد لمصالح الدول في سورية، لكن الشارع بشكل عام متفائل نتيجة توقف القصف والغارات، بغض النظر عن المعاناة الاقتصادية التي يعيشها الناس هنا نتيجة قلة فرص العمل وغلاء المواد الأساسية".
ويضيف: "اعتدنا بعد كل حدث مهم يصير في سورية، مثل مجزرة خان شيخون، أن تظهر اتفاقيات كجرعة مخدر للشعب والإنسانية".