أنقرة و"الكردستاني" نحو تعزيز وقف إطلاق النار

08 فبراير 2015
الاجتماع يأتي وسط توترات بالمناطق الكردية (الياس أكنجين/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت المعلومات الجديدة الصادرة عن الاجتماع الذي عُقد في جزيرة إمرالي، بين كل من زعيم حزب "العمال الكردستاني" عبد الله أوجلان، والهيئة المختصة بعملية التسوية المشكلة من نواب حزب "الشعوب الديمقراطي" (الجناح السياسي للعمال الكردستاني)، من جهة، ومسؤولين حكوميين، من جهة ثانية، أنّ الطرفين يعملان على حلّ وسط يقضي بتعزيز وقف إطلاق النار.


وكان من المتوقع أن يكون الاجتماع الذي عُقد يوم الأربعاء الماضي مهماً جداً، إذ إنّ كلاً من الحكومة و"الشعوب الديمقراطي" كانا ينتظران سماع شيء مختلف من أوجلان.
 وأرادت الحكومة سماع الأخير وهو يدعو "العمال الكردستاني" إلى إلقاء السلاح، بحسب ما أكد في وقت سابق نائب رئيس الوزراء التركي، يالجن أكدوغان، أو على الأقل إنهاء الصراع المسلّح ضدّ الحكومة ووقف العمليات العدائية ضدّ تركيا، إنما أُخذت بعين الاعتبار المعارك التي يديرها "العمال الكردستاني" ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في كل من سورية والعراق.

وتشير المعلومات الأولية التي سُرّبت إلى الإعلام إلى أنّ الاجتماع الذي عُقد بحضور قيادات إدارة النظام والأمن العام برئاسة وكيل وزارة الداخلية، محمد درويش أوغلو، وضباط كبار من الاستخبارات التركية، عمل صياغة ورقة جديدة بعنوان "تعزيز وقف إطلاق النار" كنوع من حلّ وسط بين الطرفين.


وحضر الاجتماع عن هيئة "الشعوب الديمقراطي" كل من النائب بروين بولدان، النائب إدريس بالوكان، النائب سري ثريا أوندر والرئيس المشارك لمجلس "المجتمع الديمقراطي" (إحدى المنظمات التابعة لـ"العمال الكردستاني")، خطيب دجلة، وللمرة الأولى، جيلان باغريانك، ممثلاً عن حركة "المرأة الحرة الديمقراطية" (أحد التنظيمات التابعة لـ"العمال الكردستاني")، والتي من المرشح أن تشارك في الاجتماعات الخاصة بعملية السلام خلال الشهرين المقبلين.

وليس وقف إطلاق النار بين الطرفين بالأمر الجديد، بل هو الأمر الساري في الواقع منذ عام 2012 بعد بدء المحادثات بشأن عملية السلام، لكنّه لم يكن مستداماً، وجرى اختراقه في عدّة مناسبات، إذ هاجم "العمال الكردستاني" الجيش التركي، الذي ردّ بقصف مواقع الحزب في جبال قنديل. كما أنّه لم يحقق الأمن في المناطق الشرقية من تركيا، الأمر الذي بدا واضحاً في أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل 40 مواطناً، وترافقت مع الاحتجاجات التي دعا لها "الشعوب الديمقراطي" لدعم مدينة عين العرب (كوباني) السورية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وهناك استياء واضح داخل مؤسسات السلطة التركية، وفي مقدّمتها الجيش والاستخبارات التركيان، وذلك جرّاء ما يرونه صمت الحكومة على استغلال "العمال الكردستاني" لوقف إطلاق النار وإنشاء نوع من دولة موازية في البلديات التي يسيطر عليها "الشعوب الديمقراطي" شرقي البلاد، وذلك عبر إقامة ثكنات عسكرية حول هذه المدن ومراكز شرطة خاصة به ومحاكم ومكاتب لجمع الاتاوات ووكالات توظيف.


وتقتضي ورقة "تعزيز وقف إطلاق النار"، التي يجري العمل عليها وفقاً لاتفاق الاجتماع الأخير، جعل وقف إطلاق النار أمراً رسمياً مرتبطاً بالمفاوضات، وإنهاء السلطة البديلة التي يقيمها "العمال الكردستاني"، ووقف العمليات التي تقوم بها الميليشيا التابعة له من وقف للطرق العامة وإنشاء حواجز وطلب البطاقات الشخصية من المواطنين، ووقف عمليات التدمير الموجّهة إلى مواقع البناء والفعاليات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة جنوب شرقي البلاد.


في المقابل، تعد الحكومة التركية باتخاذ خطوات إضافية، كالتصويت على الميثاق الاجتماعي الأوروبي الذي يمنح بعض الاستقلال الإداري والمالي للإدارات المحلية، والإفراج عن بعض سجناء حزب العمال الكردستاني، وتحويل وضع أوجلان إلى نوع من الإقامة الجبرية، عبر السماح بإنشاء سكرتارية خاصة به في السجن. 
ومن المتوقع أن تقوم الهيئة التابعة للشعوب الديمقراطي بالتوجه إلى القيادة العسكرية في جبال قنديل لاطلاعها على هذه التطورات وفي حال تم التوافق على ذلك، يمكن أن يكون هناك بيان مشترك لأول مرة حول خارطة طريق محتملة للسلام في غضون الأيام القليلة المقبلة.

تأتي هذه التطورات بعدما حصل "الشعوب الديمقراطي"، على تأييد عبد الله أوجلان لقراره خوض الانتخابات البرلمانية العامة المقررة في يونيو/ حزيران المقبل، بلائحة حزبية بدلاً من الدخول بلائحة من المستقلين.
وأكد أوجلان أنّه "على الرغم من المعارضة الاجتماعية والمخاوف، فإنه يؤمن أن الحزب سيتمكن حتى من تجاوز عتبة العشرة في المئة".

وكانت خطوة "الشعوب الديمقراطي" بالدخول بقائمة حزبية قد أثارت الكثير من القلق في صفوف المقربين منه، إذ إنّه يغامر بخروجه من البرلمان التركي في حال فشل في تخطي هذه العتبة، وفي بقاء الحركة "القومية الكردية اليسارية" خارج قبة البرلمان، في وقت يبدو فيه اتفاق السلام بين الحكومة و"العمال الكردستاني" على الأبواب، وخصوصاً أنّ أحزاب الأذرع السياسية للحزب، بمختلف تسمياتها، لم تستطع قط أن تصل إلى هذه النسبة من الأصوات في أي انتخابات سابقة.

وحصل حزب "السلام والديمقراطية" (الذي جرى حلّه بقرار من أوجلان لينضم بعدها نوابه إلى كتلة الشعوب الديمقراطي) في انتخابات عام 2011، على ستة في المائة فقط من عموم الأصوات، واحتل 36 مقعداً في البرلمان. وكان حزب "المجتمع الديمقراطي" (الحزب السابق للسلام والديمقراطية)، حصل على أربعة في المائة من الأصوات في انتخابات عام 2007، واحتل 20 مقعداً في البرلمان.