أنفاق غزة... تهويل إسرائيلي يرفع أسهم عدوان جديد

06 فبراير 2016
كرست "حماس" حقيقة الأنفاق على عتبات المستوطنات(محمود حمس/فرانس برس)
+ الخط -

لم يمر وقت طويل على تأكيد الجيش الإسرائيلي، مطلع الأسبوع الحالي، أنه لم يُعثر حتى الآن على ما يؤكد ادعاءات سكان المستوطنات الحدودية مع قطاع غزة، بأن حركة "حماس" واصلت حفر الأنفاق، حتى أصدر مراقب الدولة الإسرائيلية يوسيف شبيرا، مسودة تقرير تؤكد أن حكومة بنيامين نتنياهو فشلت في معالجة خطر الأنفاق الهجومية، وأن استعداداتها لمواجهة الخطر قبل وخلال عدوان "الجرف الصامد" على غزة كانت مليئة بالأخطاء والعيوب.

نشر مسودة هذا التقرير، مع ما رافقه من حديث عن عيوب خطيرة وملاحظات واستنتاجات شخصية ضد أصحاب المناصب الرسمية على المستويين السياسي أم العسكري، زاد من حجم التأثير المعنوي للأنفاق على الجانب الإسرائيلي، وزاد من خطرها ولو على المجال التعبوي والنفسي للمستوطنين على الحدود مع قطاع غزة.

ودفع هذا الأمر بكثير من قادة المستوطنين إلى مطالبة الحكومة الإسرائيلية بالتسريع في مواجهة خطر الأنفاق، مثل وضع سياج حدودي إلكتروني وردفه بعوائق وحواجز إضافية تعوق قدرة "حماس" على اختراق الحدود الإسرائيلية تحت الأرض، وصولاً إلى المستوطنات الإسرائيلية نفسها، وراء خطوط جيش الاحتلال.

وزاد في الإحباط الإسرائيلي، في هذا السياق، إعلان الجيش الإسرائيلي من جهة أنه لم يعثر على الأنفاق التي يقول السكان في المستوطنات إنهم يسمعون أصوات الحفر فيها ليلاً، مقابل تأكيد قادة حركة "حماس" وعلى رأسهم نائب رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، أن هذه الأنفاق هي الطريق لتحرير الشعب الفلسطيني، ما يوحي بأنه على الرغم من استمرار أعمال الحفر والتنقيب التي يقوم بها جيش الاحتلال على امتداد الحدود مع قطاع غزة، فإنه لا ينجح في تحديد مسار الأنفاق الجديدة، والتفرّعات الناجمة عنها.

وقد اعتبرت الصحف الإسرائيلية، على مدار الأسبوع، أن "حماس" استطاعت عملياً استعادة قوتها مجدداً والمباشرة بعد انتهاء العدوان على غزة، بتجديد وترميم شبكة الأنفاق، بل إنها تمكنت من إقامة مصنع للإسمنت لتحصين الأنفاق. وبحسب محللين في الصحف الإسرائيلية، أبرزهم عاموس هرئيل في "هآرتس"، ويوسي يهوشواع في "يديعوت أحرونوت"، فإن ما يجري حالياً تحت سطح الأرض هو سباق إسرائيلي فلسطيني. فـ"حماس" تسعى لتجديد شبكة أنفاقها واستعداداتها للمواجهة المقبلة، وإسرائيل تسابق الزمن لتطوير أدوات تكنولوجية قادرة على تحديد المواقع الدقيقة للأنفاق عبر استخدام أدوات قياس حركات طبقات الأرض واستشعار الزلازل، مع الاستفادة من قرار الكونغرس الأميركي قبل أيام برصد واستثمار 120 مليون دولار في توفير هذه الوسائل لصالح إسرائيل.

اقرأ أيضاً: أنفاق غزة... عنوان لعدوان جديد أو تصفية حسابات إسرائيلية؟

ولعل ما يثير الإحباط الإسرائيلي أكثر، هو اختلاف التصريحات الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، والذي يصل حد التناقض بين التأكيد على أن "حماس" تقوم بحفر الأنفاق، وبين تلك التي تنفي ذلك، مع تصريحات لكبار القادة العسكريين، في قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، بأن الحركة تستعد للمواجهة المقبلة، وإن كانت الحركة غير معنية في المرحلة الحالية بجولة جديدة في غزة.

وتضاف هذه التقديرات إلى تقديرات سابقة بأن "حماس" تبذل جهداً خاصاً في هذه الفترة لرفد الانتفاضة الفلسطينية بعمليات فدائية، تنقل الانتفاضة إلى مرحلة جديدة تقوم على عسكرتها وعدم الاكتفاء بالعمليات الفردية، وهي تقديرات لا تحاول إسرائيل إخفاءها بل على العكس تعمل على نشرها وبثها عبر ربط هذا الجهد لـ"حماس" بجهد آخر تقول إنه يتمثّل في إقامة شبكات خلايا مسلحة تسعى أيضاً إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وصولاً إلى اندلاع انتفاضة شعبية تكون بمثابة شرارة انهيار السلطة الفلسطينية.

وقد شهدت الأسابيع الأخيرة تبادل رسائل وتهديدات بين حكومة الاحتلال وبين "حماس" في قطاع غزة، كان أبرزها تكثيف الحديث إسرائيلياً عن خطر الأنفاق، بعد سلسلة الانهيارات الأخيرة في الأنفاق واعتراف "حماس" بسقوط عدد من الشهداء أثناء عملهم في حفر الأنفاق. وهدد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن إسرائيل تملك ردوداً دفاعية وهجومية، وأن الرد الإسرائيلي سيكون هذه المرة أشد مما كان عليه في عدوان "الجرف الصامد".

مع ذلك يشير التخبّط الإسرائيلي، إلى أن "حماس" تمكّنت من "كيّ الوعي الإسرائيلي" وتكريس حقيقة سلاح الأنفاق على عتبات المستوطنات والبيوت الإسرائيلية. وفي هذا السياق، يقول عضو الكنيست حاييم يلين، من كيبوتس "ناحال عوز" الحدودي مع غزة، لصحيفة "يديعوت أحرونوت": "لقد فقدنا قدرة الردع أسرع مما كنا نتوقع، لا توجد لدى حكومة نتنياهو سياسة لمواجهة خطر الأنفاق، هذا واقع غريب للغاية، إذ إن بمقدور الفلسطينيين أن يفعلوا ما يشاؤون، فكل شيء هنا ظاهر للعيان ومكشوف وفي تطور مستمر".

اقرأ أيضاً: هنية في تشييع شهداء "القسام": سنواصل التجهيز والإعداد

المساهمون