أنغوس ديتون... مؤلف "الهروب الكبير" يحذر من اتساع الفوارق الطبقية بسبب كورونا

21 يونيو 2020
كورونا يزيد الفوارق الطبقية في العالم (Getty)
+ الخط -

 

عندما يركز الكثيرون في تفاصيل الإنعاش الاقتصادي في العالم، وضخّ الأموال من أجل ذلك من قبل الدول والمؤسسات المالية، يبقى أنغوس ديتون، الحاصل على نوبل في الاقتصاد، وفيّاً لما دأب عليه منذ عقود، حيث ينبه إلى الفوارق التي يرى أنها ظهرت صارخة، في ظل جائحة فيروس كورونا، معتبراً أنها تتسع أكثر.

عندما منحته الأكاديمية الملكية للعلوم السويدية جائزة نوبل عام 2015، بررت ذلك بمساهمة أبحاثه في بلورة سياسة اقتصادية تتيح الرفاه وتقليص الفقر.

لقد بنى ديتون مجمل أعماله على ثلاثة أسس متمثلة في الانشغال بكيفية توزيع المستهلكين لنفقاتهم، وكيف يتوزع الاستهلاك والادخار في المجتمع، وكيفية قياس الرفاه الفردي.

وعندما سُئل عن هجرة مئات الآلاف إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل، أجاب بأن ذلك هو نتيجة مئات السنوات من التنمية غير المتوازنة، التي تجعل من بلدان تعاني من تأخر سياسي واقتصادي.

في كتابه "الهروب الكبير"، يستلهم عنوان أحد الأفلام الذي أُنجز في الستينيات من القرن الماضي، والذي يتناول عملية هروب سجناء كانوا محتجزين لدى الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، حيث يوضح ديتون أن الفيلم لا يقتصر على عملية الهروب الناجحة، بل على التطلع الذي لا حدود له الذي يبديه الإنسان، حتى في مواجهة العوائق التي تبدو صعبة التجاوز.

يتناول الكتاب قضايا الصحة والثروة والفوارق، التي يحلم بتقليصها، ما يضفي على مقاربته بعداً إنسانياً، لكن جائحة فيروس كورونا جاءت لتزيد أزمة الفوارق، وفق ديتون، وذلك في حوار أجرته معه وكالة فرانس برس قبل بضعة أيام.

لا يُخفي ديتون قلقه من تفشي البطالة لمدة أطول وطغيان حصة الرأسمال قياساً بحصة العمل في الناتج الإجمالي المحلي، ذلك القلق ناجم عن خوفه من ازدهار شركات التكنولوجيات الكبيرة، بينما تُفلس الشركات الصغيرة في الفترة التالية لكورونا.

ينبّه إلى أن معدل الوفيات ارتفع وسط الأشخاص الذين لا يتوافرون على شهادات عليا، ولا سيما عمال التوصيل والسائقون والعاملون في قطاع الصحة، وعمال المحلات التجارية، على اعتبار أن هؤلاء غير خاضعين تماماً لتدابير الحجر، بينما ينخفض معدل الوفيات بين الحاصلين على شهادات عليا، وهذا الوضع سيتفاقم في تصوره.

يؤكد البريطاني ذو الأصل الإسكتلندي، الحاصل على الجنسية الأميركية ويُدرس في جامعة برينستون الأميركية، أن هناك جانباً عنصرياً في الفوارق، معتبراً أن جائحة كورونا فاقمت هذا الوضع في الولايات المتحدة، خاصة عندما يلاحظ أن الوفيات أعلى بين المواطنين من أصول أفريقية مقارنة بالبيض.

ويتمنى ألا يبقى النظام الصحي الأميركي على حاله، ويفترض بالناس أن يعوا ذلك في ظل كورونا، لأن الذين يفقدون عملهم يفقدون تأمينهم الصحي، بينما هم في أمسّ الحاجة إليه، وهناك من وجدوا أنفسهم مجبرين على سداد فواتير طبية لا يمكنهم الوفاء بها، بل هناك من توفوا وأورثوا أسرهم فواتير ضخمة لا يمكنهم سدادها، كذلك هناك شركات تأمين قلّصت حجم التغطية، حتى بالنسبة إلى من يتوافرون على تأمين.

يقول ديتون البالغ من العمر 75 عاماً إنه يسعى إلى مخاطبة الناس العاديين، عندما استهل كتابه "الهروب الكبير" بحياة والده الفقير، الذي حقق حلماً بدا مستحيلاً، حيث أصبح مهندساً مدنياً، مشيراً إلى أن ذلك يدفعه إلى التشديد على أن تقليص الفوارق، ممكن إذا ما خلصت نيات أصحاب القرار السياسي.

يؤكد أن الابتكار الذي يقوم به القطاع الخاص مطلوب، ويجب تحقيق النمو، لكنه يشدد على أنه يفترض أن تكون هناك سياسات عمومية، يمكنها أن تقلص الفوارق، التي يميز فيها بين الإيجابي والسلبي، فالفوارق الإيجابية يعني بها تلك التي تهمّ الإيرادات، لكنها تصبح سلبية عندما يسعى من يحققوها إلى منع الفقراء من تطوير وضعهم المادي.

وسبق أن أبدى ديتون اهتماماً كبيراً بقضايا الفوارق في الخدمات والتأمين الصحي، إذ أوصى بتحفيز شركات الأدوية التي تُعنى بصناعة علاجات لأمراض مثل الملاريا، التي تصيب سكان البلدان الأكثر فقراً.

دلالات