أنا شاركت في ثورة يناير

25 يناير 2016
طريق ثورة جديدة سيكون محتلفاً (فيسبوك)
+ الخط -

"إن كان هنالك من أمل.. فإنه يكمن في العامة، ويجب عليك الإيمان بذلك.. المستقبل ملك العامة". (جورج أوريل - 1984)

(1)
#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير.. هاشتاغ جميعنا شارك به الأسبوع الماضي في حالة من الاسترجاع والاستدرار للحظات جميلة عشناها وتذوقنا حلاوتها. ستبقي يناير تجربة وثورة نفخر بها ونحكي عنها لأولادنا وكل من لم يسعد بحضورها، ستبقى يناير كحالة بكل ما فيها من مثالية وأمل وحياة وشجاعة وإقدام.

(2)
أنحن نتيجة ما نتعلمه؟
إننا نتعلم من الماضي، لكننا لسنا نتيجة لذلك، في الماضي عانينا وأحببنا، في الماضي بكينا وضحكنا، ولكن لا جدوى من ذلك بالنسبة إلى الحاضر. للحاضر تحدياته، جانباه السيئ والجيد، لا يمكن لنا أن نلوم الماضي أو نمتّن للماضي على ما يحدث الآن، كل تجربة جديدة لا دخل لها من قريب أو من بعيد بالتجارب الماضية هي جديدة على الدوام.

فلنعد تحديد الأهداف.. فالمطالب السبعة التي كانت على مبنى عمارة في ميدان التحرير عام 2011، لم تعد هي أهم مطالبنا الآن، فلم يكن هناك وقتها 45 ألف مصري في السجون أراهم الآن ينتظروننا لنضعهم على رأس القائمة المكتوبة على هذه العمارة.. وعندما سيُعاد تحديد الأهداف ستتم إعادة تقييم وتحديد الوسائل فالتحرير يملأه الآن أُناس ليسوا كذي قبل والتظاهر أصبح مؤامرة والقانون يمنعه والثورة جريمة والعدل أمنية والدم كالماء.. لذا فالحلول ليست كذي قبل والطريق بكل تأكيد سيختلف.

"لو علم الناس حب الله للعدل لتقربوا إليه بالثورة" – عبد الرحمن فارس
ثوره 25 يناير 2011 لم تكن مماثلة لوقفاتنا على سلم نقابة الصحافيين على مدى السنوات التي سبقتها أو أمام مسجد الفتح بميدان رمسيس في مظاهرات الإصلاح عام 2005.. ولن يكون التحرّك القادم مثل ما سبق ولن يكون من ميدان التحرير أو بنفس الكيفية أو ذات الأفراد والوسائل والشعارات.

(3)
نحن نحتاج الآن إلى حل لكل أنواع المشكلات!
قال باولو كويلو في راويته الشهيرة (ألف) عن الأزمة وأين تكمن: هي تقبع في ما تسمونه (الماضي) وتنتظر قراراً يتخذ فيما تسمونه (المستقبل)، إنها تعوق ذهنكم وتبطئكم، ولن تدعكم تفهمون الحاضر. إن عولتم على تجربة واحدة فحسب ستواصلون ببساطة تطبيق حلول قديمة على مشكلات جديدة. أعرف الكثير من الناس ممن يشعرون أن لهم هوية فقط عندما يتحدثون عن مشكلاتهم، بتلك الطريقة يكونون موجودين. لأن مشكلاتهم مرتبة بما يعتبرونه تاريخهم.

إن تعتقوا أنفسكم من الذاكرة يستدعِ مجهوداً هائلا، لكن عندما تنجحون، تبدؤون إدراك أنكم قادرون على أكثر مما تخيلتم بكثير، أنتم تحيون في هذا المجسم الواسع الذي يسمى الكون، والذي يحوي كل الحلول وكل المشكلات، زوروا روحكم ولا تزوروا الماضي، فالكون يمر بتحولات كثيرة ويحمل الماضي معه، نسمي كلاً من هذه التحولات (حياة) وكما تتبدل الخلايا في أجسامكم لكنكم تبقون كما أنتم، كذلك فإن الزمن يبقى بلا مرور هو يتبدل فحسب، تخالون أنكم لا تزالون الشخص ذاته الذي كنتموه في يناير 2011 لكنكم لستم كذلك، نحن لم نعد الأشخاص ذاتهم الذين كانوا هناك في الميدان بعد مرور هذه الخمس سنوات، ولا الميدان بقي هو الميدان، ولا التظاهر بقي هو الوسيلة، كل شيء تغير الآن ولكن لا يسعنا رؤية ذلك.

(4)
"الناس إما تلهمك أو تستنزفك.. لذا اخترهم بحكمة!". هانز ف. هانسن

إني على اقتناع أننا كنا سعداء الحظ أن خضنا تجربة وطنية كاملة بكل أشكالها وتذوقنا حلاوتها ومرارتها وإنجازاتها وإخفاقاتها، فمنذ زمن كانت الحركات العمالية النضالية من بعدها كفاية والجبهة الوطنية للتغيير وأتت بعدها ثورة يناير العظيمة فشهدنا ثورة وتغيير رأس نظام قابع على أجسادنا منذ ولادتنا إلى العام 2011، وبعدها مارسنا الحرية لمدة أسابيع معدودة واشتبكنا في استفتاءات واعتصامات وانتخابات نيابية بعضنا شاركوا كمرشحين وبعضنا كمراقبين والآخرون كمنظمين وداعمين، ثم انتقلنا بعدها إلي تجربة انتخابات رئاسية كاملة ديمقراطية وحرة وكنا في القلب منها وخضنا تجربة أن نكون جزءاً من فريق حملة رئاسية ولجانها وفريق إعداد برنامج رئاسي لوطن، وشهدنا أيضا كيف يكون الانقلاب العسكري وكيف يتم القمع والقتل والتعذيب والحبس والاعتقال والتهجير والنفي.

الايجابية في دورة الحياة هذه أننا خضناها كاملة ونستطيع أن نستفيد منها بالكثير والكثير من الدروس للتحرك القادم من أجل إعلاء الوطن وتحريره..

إننا لا نفقد أحبابنا أبدا، هم يرافقوننا الدرب، لا يختفون من حياتنا.. الحب ينتصر دائماً على الموت لذلك لا داعي لأن نحزن مطلقا على أحبائنا، لأننا سنظل على حبنا لهم وسيظلون على قربهم منا..

(5)
يقول صديقي الراحل "البراء أشرف" رحمه الله: "أي كلام في السياسة الآن هو تضييع وقت حقيقي، المصيبة ليست في السياسة ولن تكون، القصة ليست في السلطة والمسيطر عليها اليوم أو بالأمس، أو حتى اسم الذي سيسيطر عليها غداً، قضيتنا ليست الثورة، كما أن المطالبة الآن بالعيش والحرية والكرامة صار بها قدر من الترف، معركتنا الحقيقية هي الحفاظ على المنطق.. المنطق قبل السياسة، المنطق قبل الثورة، المنطق حتى قبل الوطن..

(1+1=2)
دونوا هذه المعادلة في وريقات صغيرة وخبئوها بعناية واحفظوها بعيداً عن السياسة والإعلام، اكتبوا معادلة المنطق الأولى، ولقنوها لأطفالكم كل مساء قبل النوم، حافظوا على السر، وقاوموا لأجل بقاء الفكرة.. ناضلوا لأجلها: (1+1=2).

فلنضع برامج ومبادرات لإعادة المنطق لمساره.. لتكن البوصلة هي إلى الشريحة المستهدفة والكتلة المحركة والحرجة ولتخرج من مساحة عبادة الوسيلة وهي التظاهر والهتاف والتركيز عليها إلى الهدف الذي من أجله استخدمت الوسيلة وهو الوطن وإصلاحه ومقاومة ظالميه ومغتصبيه."

أخيراً: "أنا شاركت في ثورة يناير".

(مصر)

دلالات
المساهمون