أنا زلاتان (35) الانتقال للبرسا وجنون الكامب نو..وإيتو الطمّاع

26 سبتمبر 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل سويّاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

استغرقت وقتا طويلا لكي أستوعب الرقم الإجمالي لقيمة انتقالي إلى برشلونة، مبلغ الـ85 مليون كراون الذي انتقلت به إلى أياكس: ما هذا الرقم الآن؟ لقد كان مجرد فكّة مقارنة بهذه الصفقة. الآن نحن نتحدث عن ما يقارب الـ700 مليون كراون سويدي. إنتر كان سيتلقى مبلغ 46 مليون يورو نقدا مقابل انتقالي، بالإضافة إلى صامويل أيتو كعملية مبادلة. صامويل إيتو لم يكن مثل أي لاعب، إنهُ واحد من أفضل هدافي برشلونة تاريخيا.

كان قد سجل 30 هدفا في الموسم السابق لرحيله وقيمته تقدّر بحوالي 20 مليون يورو، لهذا الإجمالي كان 66 مليون يورو، بزيادة مليون يورو عن قيمة انتقال كاكا إلى الريال، وبإمكانكم أن تتفهموا أن الفوضى أصبحت عارمة عندما انتشر الأمر في الإعلام. لم يسبق لي أن شهدت أمراً مثل ذلك.

درجة الحرارة كانت تقارب الـ40 مئوية. كنت أحس بأن الأجواء كانت تغلي من الحرارة. كان الجميع حولي ويسألني عن الأمر، ولقد أثر ذلك بي حقا، على الرغم من أنني لم أتمكن من التفكير بوضوح. كنا سنتدرب من أجل مواجهة فريق مكسيكي. كنت سأرتدي القميص رقم 10 لأول مرة. سنوات الإنتر معي انتهت. لقد بدأت تغرق. لقد وصلت إلى النادي وهو لم يفز بالدوري منذ 17 عاما، والآن نحن أبطال الدوري لثلاث سنوات على التوالي، وأنا هداف النسخة الأخيرة. ربما لم يكن ذلك تصرفاً حكيماً، لكنني نظرت إلى مورينيو، الذي تمكنت أخيرا من جعله يظهر ردة فعل كبيرة تجاه أحد أهدافي، وبالتأكيد، لقد كان غاضبا وحزينا.

لم يكن مورينيو يريد أن يخسرني. لقد صدمني في تلك التدريبات. شعرت بذلك، بالقدر الذي كنت سعيدا فيه لانتقالي إلى برشلونة. كنت حزينا لترك مورينيو، ذلك الرجل كان خاصا جدا بالنسبة لي. في السنة التالية مورينيو انتقل من إنتر إلى ريال مدريد، ولقد تأثر به ماتيراتزي، الذي يظهر للعالم بأنهُ الشخص الأقوى. عندما عانق مورينيو، بدأ بالبكاء، وأنا أتفهّم ذلك نوعا ما، فمورينيو يثير العاطفة بالفعل. أتذكر أنهُ عندما التقينا سويّا في اليوم الذي يليه، في الفندق، جاء إليّ وقال:

- "لا يمكن أن ترحل!".

- "أنا آسف لذلك. يجب عليّ أن أنتهز هذه الفرصة".

- "لكنك إن رحلت، فسأرحل أنا أيضا"!

- يا إلهي! كيف سأجيب على هذا، لقد أثّرت بي تلك الإجابة: إذا رحلت سأرحل!

- قلت له: "شكرا لك. لقد علّمتني الكثير".

- "شكرا".

بدأنا نتحدث قليلا. كانت الأمور جيدة، لكن ذلك الرجل كان مثلي، لديه الفخر ويريد الفوز مهما كلّف الأمر. عندما أراد الرحيل، وجّه لي بعض التحذير الساخر.

- "أنت إبرا".

- "أنت ذاهب إلى برشلونة من أجل الفوز بدوري الأبطال؟".

- "حسنا، ربما".

- "لكن يجب أن تعلم. نحن من سنفوز بها، لا تنسَ ذلك، نحن من سيفوز".

حدثت أمور تحدث دائما: تفاصيل عقدي التي تم الاتفاق عليها، أيتو كان سيقوم بإفسادها لأنهُ أراد مالا أكثر، في حين كنا أنا وهيلينا نتحدث عن المكان الذي سوف نعيش فيه في برشلونة، والعديد من الأمور. لم تكن لدي أي فرصة للراحة والاسترخاء، أو حتى للتفكير بالكثير من الأمور. بعد يومين فقط توجهتُ إلى برشلونة. في ذلك الوقت كنت قد بدأت اعتاد على فكرة التنقل بالطائرة الخاصة. قد يبدو ذلك غرورا، لكن صدقوني الأمور كانت صعبة عليّ في المطارات العادية، جميع الناس كانوا يتهاطلون عليّ في المطار وخارجه عندما أقرر السفر. كانت هناك فوضى عارمة في كل مرة أدخل فيها إلى المطار.

لكن المنسقين أخبروني بأن لديهم سياسة مُختلفة، "في برشلونة نعمل بالأمور الاعتيادية وبكل تواضع، يجب أن تأتي بطائرة عادية"، قلت لا بأس، حلّقتُ إلى إسبانيا في ذلك الوقت ووصلت بعد الظهر عند الـ5:15، وعلى الرغم من أنني لم أفهم الأمر حتى الآن، إلا أن الفوضى كانت بانتظاري، المئات من المشجعين والصحافيين كانوا بانتظاري، الصحف كانت تكتب الصفحة تلو الأخرى عني، كان الجميع يتحدث عن هوس إبرا، لم أكن فقط أغلى لاعب انتقل إلى برشلونة في تاريخه، بل إن البرسا لم يسبق له أن تعاقد مع نجم صاحَبهُ هذا الاهتمام، كان سيتم تقديمي في ملعب الكامب نو، ذلك كان من تقاليد النادي.

عندما تم تقديم رونالدينو في عام 2003 في الملعب نفسه كان هناك 30 ألف متفرج في الملعب. هنري حصل على الرقم نفسه تقريبا، لكن أنا حصلت على الضعف تقريبا. جميعهم كانوا بانتظاري، كنت أرتجف في الحقيقة. خرجت من باب خلفي في المطار فورا مع سيارة خاصة إلى الملعب مباشرة. كنت سأعقد المؤتمر الصحافي هناك، مئات الصحافيين كانوا في انتظاري في القاعة، كان المكان مُزدحما تماما، ولم ندخله على الفور، السبب كان هو إيتو الذي كان يفسد الأمور مع الإنتر حتى النهاية. في برشلونة كانوا ينتظرون التأكيدات النهائية من أجل تقديمي، وتأكيد عملية الانتقال. الوقت كان يمر، والوضع تأزم بعض الشيء والتوتر سيطر على الأجواء. ظهرت فرضية كسر الصفقة في اللحظات الأخيرة.

لم يسبق أن رأيت هذا العدد من الصحافيين، ولم يسبق أن أجبت على ذلك الكم من الأسئلة. طوال الوقت كنت أسمع ضجيج الجماهير في داخل المدرجات هُناك. كان الأمر أشبه بالجنون. بعد ذلك، توجهتُ إلى غرف الملابس وارتديت قميص برشلونة. كان القميص بالرقم 9، القميص نفسه الذي ارتداه رونالدو مع هذا النادي. في ذلك الوقت بدأت فعلا أتأثر بالأمر عاطفيا. الملعب كان يغلي. كان هُناك حوالي 60 أو 70 ألف مشجع ينتظرون في الخارج. أخذت نفساً عميقاً: ومن ثم خرجت إلى الملعب.

لم أتمكن أبدا من وصف ذلك المشهد. كانت معي كرة في يدي. ذهبت إلى جهة الجماهير وكانوا يصرخون باتجاهي، جميعهم كانوا يصرخون باسمي، الملعب كلهُ كان يفعل ذلك. بعض المسؤولين الإعلاميين في النادي كانوا يركضون خلفي ويقولون لي العديد من الأشياء: "قل: فيسكا بارسا"، قم بتحية النادي أمامهم. ولقد فعلت ما طلبوا مني، كما قمت ببعض المهارات، قمت بالتلاعب بالكرة على رأسي وصدري ومن ثم بالعقب، ومن تلك المراوغات المعروفة. الجماهير ازدادت جنونا، وبعد ذلك قمت بتقبيل شعار النادي على القميص. ويجب عليّ القول إنني تلقيت الكثير من الكلمات القذرة والتشكيك حول قضية التقبيل: كيف يمكنه أن يقبّل شعار ناديه الجديد وهو للتو قد غادر الإنتر؟ هل تجاهل مشجعيه القدامى؟ سمعت جميع أنواع الأنين حول ذلك الأمر. تحدثوا عن العديد من التمثيليات وتلك الأمور القذرة، لكن الحقيقة هي أن بعض الإعلاميين والصحافيين طلبوا مني ذلك، كانوا جميعهم يطلبون الأمر بجنون: "قبّل شعار النادي، قبّل شعار النادي". لقد كنت مثل ولد صغير، ولقد فعلت ما قالوا لي. جسمي كلهُ كان يهتز، وأتذكر أنني أردت العودة إلى غرف الملابس من أجل أن أقوم بتهدئة نفسي بعض الشيء.

قلت للصحافيين بعد ذلك: "أنا أسعد شخص في العالم. هذا أفضل شيء حدث لي في حياتي بعد ولادة أبنائي"، ومن تلك الأمور التي يقولها اللاعبون في مثل هذه الوضعيات. لكنني كنت بالفعل أعني ما قلته. الأمر كان عظيما. ذهبت بعد ذلك إلى فندق الأميرة صوفيا، ووجدت الجماهير حول الفندق. شعرت بأن شرب القهوة في "لوبي" الفندق ذاك كان يعني الكثير. في تلك الليلة، لم أتمكن من النوم، وهذا لم يفاجئني، فجسمي كلهُ كان لا يزال يتحرك، وأيضا يدي لم تكن على ما يرام، لكنني مرة أخرى لم أعطها ما تستحق من اهتمام، كنت أفكر بالأمور الأخرى، ولم أعتقد أنها ستكون مشكلة في الفحص الطبي بعد أيام. فعندما تنتقل إلى نادٍ جديد، من الطبيعي أن تخضع لفحوصات طبية شاملة لجميع أعضاء جسمك: كم هو وزنك؟ كم يبلغ طولك؟ ما هي نسبة الدهون في جسمك؟ هل تشعر بصحة جيدة بشكل عام؟

"أعاني من بعض الألم في يدي"، قلت للأطباء، وفورا أجروا أشعة مقطعية للإصابة. كان هُناك كسر في يدي. كسر! هذا لم يكن أمراً جيداً لأي لاعب جديد. فمن ضمن الأمور المهمة للاعب أن يشارك مع فريقه في فترة التحضيرات وأن يعرف زملاءه وطريقة اللعب قبل بداية الموسم. الآن يبدو بأنني سأفقد هذا الأمر. كان يجب عليّ أن أتخذ قراراً عاجلاً. تحدثت مع مدرب الفريق غوارديولا، كان يبدو لطيفا حينها ولقد اعتذر عن عدم الحضور أثناء حفل تقديمي، كان مع الفريق في لندن. لقد شرح الأمر وكان مثل البقية: أريدك أن تكون لائقا في أقرب وقت ممكن، لكننا لن نخاطر بك، لهذا قررنا أن نجري عملية جراحية لليد. أجريت العملية بالفعل ولقد تم إدراج أسياخ صلب في يدي من أجل أن يُجبر الكسر، ولهذا انتهت المشكلة وشفيت بسرعة. في اليوم نفسه طرت إلى لوس أنجليس من أجل البقاء هناك في المعسكر التدريبي، الأمر كان سخيفا بعض الشيء: لقد كنت للتو هناك في المدينة نفسها مع إنتر، والآن أنا هنا مرة أخرى مع نادٍ آخر، ومع رباط جص كبير على يدي، فالأمر سيستغرق حوالي ثلاثة أسابيع قبل أن أشفى تماما وأعود بحالة جيدة.

اقرأ أيضا..
أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان" اذهب إلى بيتك"!
أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!
أنا زلاتان (17).. مهمّة هيلينا المستحيلة!
أنا زلاتان(18)..عندما أهنت فان غال.."أأستمع لك أم لفان باستن"!
أنا زلاتان (19)...ما يفعلهُ كارو بالكرة..أستطيع فعلهُ ببرتقالة
أنا زلاتان (20).. هدف الكونغ فو المذهل في إيطاليا
أنا زلاتان (21).. حينما قفز كومان جنوناً..بسبب هدفي المارادوني!
أنا زلاتان (22)..كابيلو الرجل الذي تشعر أنك ميت بجواره
أنا زلاتان (23)عندما طالبني كابيلو بالتفوق على فان باستن!
أنا زلاتان (24).. قصة الوشوم والسيارة الفيراري المتفردة
أنا زلاتان (25).. حرب البلقان مع الإنتر وميهايلوفيتش الحقير!
أنا زلاتان (26) أزمة "كالتشو بولي" وسفينة اليوفي الغارقة
أنا زلاتان..(27) مونديال متواضع وخطة الرحيل من اليوفي
أنا زلاتان (28)..حين رفضت أمر ديشامب..واتفقت مع إنتر ميلان
أنا زلاتان (29) الإصابة الخطيرة وترنح الإنتر
أنا زلاتان (30).. عندما حققت ما عجز عنه رونالدو
أنا زلاتان (31) مورينيو..مدرب استفزني لأكون أفضل
أنا زلاتان (32) حلم الليغا وانقلاب جماهير الإنتر
أنا زلاتان (33)..صراع الهداف..وبالوتيلي الحقير..وفرحة مورينيو
أنا زلاتان (34).. معاناتي من أجل الانتقال إلى برشلونة

المساهمون