أنا زلاتان (19)...ما يفعلهُ كارو بالكرة..أستطيع فعلهُ ببرتقالة

30 اغسطس 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

لم يكن لديّ الكثير من الأشخاص لأتحدث معهم عن كرة القدم. ماكسويل كان موجودا في ذلك الوقت بكل تأكيد. كان هناك بقية اللاعبين أيضاً: لكن لا، الوضع كان تنافسيا في النادي ولا يمكنني أن أثق بأي شخص، خاصة فيما يتعلق بوكلاء الأعمال والانتقالات. كل شخص كان يريد الانتقال إلى ناد كبير. لهذا شعرت أنهُ يجب عليّ أن أتحدث مع شخص من الخارج.

فكرت أولا في ثيجس، ثيجس سليغرز كان صحفيا قابلني في صحيفة " Voetbal International" وقد أعجبت به. تحادثنا بعد ذلك في الهاتف، وكان شخصا يمكنني أن أتبادل الأفكار معه. لقد كان يعلم كل الأمور. خاصة بالنسبة لي، كان يعرف كيف نشأت وكيف كنت ومن هم الأشخاص الذين أفضلهم. لهذا أخرجت رقمه وقمت بالاتصال به وشرح وضعيتي له.

-"يجب عليّ أن أقوم بتغيير وكيل أعمالي، من تعتقد أنهُ الأفضل بالنسبة لي؟".

- ثم رد ثيجس، لقد كان رائعا بحق: دعني أفكر في هذا الأمر. وبالتأكيد تركتهُ يفكر، لم أكن أريد الاستعجال.

-ثم عاد: "اسمع، هناك إثنان: أولا..الشركة التي تقوم برعاية بيكهام، يفترض أن تكون مميزة.

وثانيا: هناك وكيل أعمال جيد، لكن..".

- " لكن ماذا؟".

- "وكيل الأعمال هذا أشبه برجال المافيا".

- "هذا يبدو جيدا بالنسبة لي".

- " لقد كنت متأكدا من أنك سوف تقول هذا".

- "عظيم، قمت بتحديد الاجتماع".

ذلك الرجل الذي يتحدث عنه ثيجس لم يكن من المافيا حقا، لكن كان لديه ذلك الأسلوب. اسمه مينو رايولا، وكنت قد سمعت به قبل ذلك، لقد كان وكيل أعمال ماكسويل، ومن خلال ماكسويل كان يحاول أن يتواصل معي قبل عدة أشهر. هكذا هو يعمل، مينو دائما يدخل من خلال الوساطات، لقد كان يقول "إذا قمت بعرض نفسك، فستكون في موقف أضعف".

لكن بدايتهُ لم تكن جيدة معي أبدا. لقد لعبت دور المغرور في البداية، وأخبرت ماكسويل "إذا كان لدى هذا الشخص شيء مثير فليأت ويعرضهُ علي. وإلا فأنا لستُ مهتما به". لكن الرد جاءني بسرعة من رايولا عبر صديقي ماكسويل.. وكان الرد قاسيا وشعرت أنه قل من شأني بعدما شتمني.

وعلى الرغم من أنني غضبتُ حينها، إلا أنني انجذبت له عندما عرفت الكثير من الأمور عنه. يعجبني هذا الأسلوب في الكلام: الشتم وغير ذلك. يُشعرني بأنني في المنزل. شعرت حينها أنني ومينو رايولا لدينا نفس الخلفية. لا أحد منا حصل على ما حصل عليه بشكل مجاني.

مينو ولد في جنوب إيطاليا في مقاطعة ساليرنو. لكن أثناء طفولته، انتقلت عائلته للعيش في هولندا وقامت بافتتاح مطعم بيتزا في هارليم. مينو كان قد قام بتنظيف الصحون وعمل كنادل في طفولته. لكنهُ تطور بعد ذلك وبدأ يدرس الاقتصاد بعناية وعمل الكثير بعد ذلك.

وكوكيل أعمال لم يبدأ بانتقالات صغيرة. بل في عام 1993 قام ببيع بيركامب إلى إنتر ميلان. وفي 2001 ساعد نيدفيد على الانتقال إلى يوفنتوس مقابل 41 مليون يورو.

لم يكن الأفضل على الإطلاق، لكنهُ كان يتطور ويرتفع شيئا فشيئا. وقالوا عنه إنهُ قادر على استعمال أي حيل تخدم أهدافه. هذا كان يبدو جيدا بالنسبة لي لأنني لم أرد شخصا صالحا ومتلزما. كنت أريد أن يتم بيعي وأحصل على عقد جيد، لهذا أردت أن أثير إعجاب ذلك الوكيل.

عندما حجز ثيجس موعد الاجتماع في فندق أوكورا بأمستردام، قمت بارتداء ذلك الجاكيت البُني من Gucci. لم أكن أريد أن أرتدي بذلة رياضية وأبدو مثل ذلك المغفل الذي تم خداعه في المرة الأولى. ذهبت إلى مطعم ياباني داخل ذلك الفندق. كنا قد حجزنا إحدى الطاولات هُناك لكن المشكلة هي أنني لم أكن أعرف نوعية الشخص الذي يجب علي توقعه. توقعت شخصا آخر بساعة ذهبية وبذلة باهظة الثمن. لكن ما الذي أراه بحق الجحيم! إنه شخص يرتدي الجينز مع قميص من نايكي، مع ذلك الكرش، كان مينو يبدو وكأنهُ من أولئك الأشخاص في فيلم Sopranos.

هل هذا هو الشخص الذي يفترض أن يكون وكيل أعمالي؟ لقد تعرضت لصدمة. لكن هل تعلمون ماذا فعل ذلك الوغد عندما بدأنا في التحدث؟ لقد قام بطباعة أربع أوراق فيها الكثير من الأسماء، مثلا: كريستيان فييري 27 مباراة و24 هدفا، بيبو إينزاغي 25 مباراة و20 هدفا. تريزيغية 24 مباراة و20 هدفا. وأخيرا: إبراهيموفيتش 25 مباراة و5 أهداف!

- نظر لي وقال: هل تعتقد أنهُ بإمكاني أن أقوم ببيعك مع هذه الإحصائيات؟.

- فوجئت، واستغربت لماذا هذا الهجوم؟ لكنني فكرت وقمت بالرد عليه: إذا سجلتُ 20 هدفا، حتى أمي تستطيع أن تقوم ببيعي.

- هدأ رايولا بعض الشيء، وكان يريد أن يضحك. أعلم ذلك جيدا. لكن رغم ذلك عاد وكان لا يريد أن يخسر أفضليته في النقاش: صحيح، لكن...

- "لكن ماذا ؟". تساءلت ما الذي سوف يخرج به أيضا. توقعت أنهُ سوف يهاجمني مرة أخرى.

- هل تعتقد بكل هذه الأمور؟.

- "ما الذي تتحدث عنه؟".

-أنت تعتقد أنك سوف تبهرني بساعتك الذهبية وسيارتك البورش، لكنك لم تذهلني أبداً. أرى بأن ما تفعلهُ أمر سخيف.

- حسناً.

- هل تريد أن تكون الأفضل في العالم؟ أم تكون ذلك الشخص الذي يبحث عن المال فقط ويشتري مثل هذه الأمور؟.

- "أريد ان أكون الأفضل في العالم".

- "جيد، لأنك إذا أصبحت الأفضل، فإن جميع الأمور ستأتي لاحقا، لكن إذا كنت تبحث عن المال فقط، فإنك لن تحصل على شيء، فهمت؟".

- "فهمت ذلك".

- "فكر في ذلك، ثم أخبرني عن رأيك". ثم خرج رايولا وأنهى الاجتماع.

خرجت من ذلك الفندق، وقلت لنفسي: بالتأكيد سأفكر جيدا في هذا الأمر. حاولت أن أكون هادئا وأن أظهر بمظهر الفتى الواثق وأتأخر بالرد عليه، لكنني لم أتمكن من فعل ذلك. كنت متحمسا للعمل معه. لهذا عندما وصلت إلى السيارة التقطت الهاتف وقمت بالاتصال منه من جديد وقلت له:

- "اسمع، لا يمكنني الانتظار، أريد أن أبدأ العمل معك منذ اليوم".

- كان يبدو هادئا: "حسنا". "لكن إذا كنت تريد العمل سيتوجب عليك أن تفعل ما أقولهُ لك".

- "بالتأكيد".

- "جيد، يجب أن تقوم ببيع سياراتك، وساعاتك. ومن ثم تبدأ بالتدرب بشكل أقوى ثلاث مرات، لأن إحصاءاتك سيئة".

إحصاءاتي سيئة! ألم يكن علي أن أخبرهُ أن يذهب للجحيم؟ أقوم ببيع سياراتي؟ ما مشكلته مع سياراتي على أي حال؟ رغم ذلك كنت قد قمت بمنحه سيارتي البورش، ليس لأنني أريد أن أكون فتى طيبا، لكن لأنه كان من الجيد لي أن أتخلص من تلك السيارة في الحقيقة. كنت متأكدا أنني سوف أقتل نفسي في تلك السيارة. لكن الأمور لم تقف إلى هُنا فقط، الأمور ذهبت بعيدا مع رايولا بلا شك.

سجلت خمسة أهداف فقط لأنهُ لم تكن لدي الدوافع، أدركت بأنني مع هذا العمل الجاد الجديد، بدأت أقدم كل ما لدي في التدريبات والملعب، لكن لم يكن من السهل أن تتحول في ليلة واحدة. تبدأ بشكل جاد ومن ثم تبدأ بالتعب. لكن لحسن الحظ، بالنسبة لي لم تكن لدي أي فرصة للراحة لأن رايولا كان يتابعني لحظة بلحظة.

لقد كانت أحفز نفسي بهذه الطريقة، وكانت طريقة ناجحة. المدرب لم يكن ليرسلني إلى البيت الآن، لقد كنت أقدم كل شيء لدي في الملعب، وأحاول أن أكسب الكرة في أي وضعية حتى وإن كنت في التدريبات. في ذلك الوقت شعرت بألم في فخذي اليسرى، لكنني لم أهتم، لم أرد الاستسلام، ولم يهمني إن كانت ستسوء الأمور بشدة. كنت فقط أريد الاستمرار بالعمل؛ ولذلك تحملت الألم. كان هناك العديد من اللاعبين المصابين في الفريق حينها، ولم أكن أريد أن أتسبب للمدرب في مشاكل أكبر. كنت أحاول أن أتجاهل المشكلة، لكن مينو رآني، وأدرك أنني أعاني من مشكلة. أرادني أن أعمل بجد، لا أن أصاب "لا يمكنك أن تواصل أكثر من ذلك، لا يمكنك أن تلعب وأنت مُصاب".

أخذت الأمر بجدية وقررت أن أزور بعض الأخصائيين. ولقد قرروا أنه يلزمني عملية جراحية. أجريت العملية في مستشفى الجامعة في روتردام ومن ثم بدأت التأهيل، كنت أعمل في المسبح في النادي بعيدا عن المباريات. مينو قال لمدرب اللياقة "هذا الفتى يجب عليه أن يعود للعب".

داومت على ذلك العمل لأسبوعين. والغريب في هذا، أنهُ لم يكن مجرد أمر متعب. لكن كانت هناك بعض المتعة في قتل نفسي. بدأت أتفهم معنى العمل المتعب الحقيقي. دخلت لمستوى جديد، وشعرت بأنني أقوى من أي وقت مضى. بعدما عدتُ من فترة التحضير والإعداد البدني، بدأت أقدم كل ما لدي في الملعب.

شعرت بالثقة، لكن كما جرت العادة، عندما تتحسن أموري، تبدأ الغيرة والحسد حولي، كان هناك جو خاص من التوتر في النادي. خاصة بين اللاعبين الشباب الذين كانوا يريدون إظهار أنفسهم والانتقال إلى أندية كبرى. أعتقد على سبيل المثال: فان دير فارت لم يكن سعيدا بتطور مستواي، فقد كان على الأرجح اللاعب الأشهر في هولندا في ذلك الوقت. كان هو الشخص المفضل لجماهير أياكس التي لم تكن تحب اللاعبين الأجانب بكل تأكيد. كومان اختاره ليكون قائد الفريق على الرغم من أنهُ يبلغ من العمر 21 عاما فقط. كنت على الأرجح شخصا مغرورا بالنسبة له. لكن هو كانت الأمور تسير على ما يرام بالنسبة له.

بسبب كل هذا، لم يكن من السهل عليه أن يتقبل نجاحي الجديد في الملعب. رافائيل كان يرى نفسه غالبا النجم الأكبر ولم يكن يريد أي منافسة في الفريق. لكن لا أعلم، لاحقا أراد أن يتم بيعه مثل البقية، حاول جاهدا وفعل كل شيء من أجل الخروج. بالنسبة لي، لم أكن أعرفه جيدا ولم أهتم في الحقيقة.

لقد كان ذلك في صيف 2004. والتوتر بيننا لم ينفجر حتى شهر أغسطس/آب. شهرا مايو/أيار ويونيو/حزيران كانا رائعين بالنسبة لنا، فزنا بالدوري مرة أخرى. وصديقي ماكسويل فاز بجائزة أفضل لاعب في البطولة. كنت سعيدا جدا له. إذا كان هناك شخص أتمنى لهُ الأفضل فهو ماكسويل.

كنت في ذلك الصيف أريد الابتعاد عن أي أمور تعاكس مسيرتي، لأن كأس أمم أوروبا في البرتغال كانت على وشك البداية. كانت البطولة الأولى التي سأصلها وأنا بمستوى جيد. أتذكر حينها أن هنريك لارسون كان في نهاية مسيرته مع سيلتك وبعد بطولة أمم أوروبا 2004 سينتقل إلى برشلونة. بعد الخروج من السنغال اتصل وقال "لا يمكنني أن ألعب للمنتخب بعد الآن، أريد البقاء مع عائلتي". وهذا قرار لا يمكنك ألا أن تتقبله، خاصة أنه من شخص مثل لارسون.

كنا سنلعب في مجموعة إيطاليا، وكنا بحاجة لجميع اللاعبين الأقوياء الذين بإمكاننا الاعتماد عليهم. الجميع كان قد فقد الأمل بعودته. لكن فجأة لارسون عدل عن قراره وقرر المشاركة: هذا الأمر أسعدني كثيرا، أدركت بأننا سنكون أقوى معه وبأنني سأكون معه في الهجوم.

كان هناك الكثير من الأحاديث حينها عن أن هذه البطولة ستكون الانطلاقة الكبيرة لي مع المنتخب. أدركت أنه يجب عليّ أن أقدم كل ما لدي لأن البطولة ستكون مليئة بالأعين التي ستراقبني. أتذكر أنه قبل أيام من البطولة كانت الجماهير حولي بشكل جنوني. وأيضا الصحافيون، وفي لحظات مثل تلك كنت مسرورا بكون هنريك لارسون بجانبي لأنهُ كان الأشهر في المنتخب حينها. رغم ذلك، ما كان يحدث حولي كان شيئا كبيرا وكنت قد بدأت القلق منه. لهذا توجهت إلى هنريك لارسون وسألته:

- "اللعـنة لارسون، ما الذي يجب علي فعله مع هؤلاء، إذا كان هناك شخص يعرف فهو أنت".

- " آسف زلاتان. من الآن وصاعدا يجب أن تتصرف بطريقتك. فوضى مثل هذه لم يسبق لأي لاعب سويدي أن مر بها".

على سبيل المثال لما كان يحدث حولي حينها: جاء لي صحافي من النرويج ومعهُ برتقالة، لأن كارو عندما كان يلعب في فالنسيا انتقد طريقة لعبي، ورددت عليه برد اشتهر بعدها "ما يفعلهُ جون كارو بالكرة، أستطيع فعلهُ ببرتقالة".

لهذا جاء ذلك الصحافي النرويجي وقال لي: افعل ما قلت بأنك ستفعله. وبالتأكيد لم أفعل، لماذا علي أن أجعل من هذا الشخص مشهورا؟ وقلت له: اخرج من هنا، لن أفعل ذلك، يمكنك أن تأخذ برتقالتك، تُقشرها ومن ثم تأكلها، إنها فيتامين جيد لك". حتى ردي هذا اشتهر على أنهُ تأكيد على أنني مغرور ومتكبر. وكثر الحديث عن سوء علاقتي بوسائل الإعلام. وعن التوتر الذي يسود تصريحاتي.

اقرأ أيضا
أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان" اذهب إلى بيتك"!
أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!
أنا زلاتان (17).. مهمّة هيلينا المستحيلة!
أنا زلاتان(18)..عندما أهنت فان غال.."أأستمع لك أم لفان باستن"!

المساهمون