أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!

25 اغسطس 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، ونستكمل معاً الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

أتذكر أنني لعبت مباراة مع المنتخب السويدي في ريجا، بعد المباراة عدنا بوقت متأخر إلى ستوكهولم، أخذت تاكسي أنا وميلبيرغ ولاغرباك إلى فندق سكاندايك، لم نلعب مباراة عظيمة في تلك الليلة، كنا قد تعادلنا مع لاتفيا 0-0 في تصفيات كأس العالم، وأنا دائما ما كنت أعاني في النوم بعد المباريات عندما لا ألعب جيداً، أخطائي في المباراة تصبح وكأنها تغلي بداخلي؛ لهذا اتصلت ببعض الأصدقاء وقررنا أن نذهب لأحد البارات التي لم يسبق لي زيارتها، كان الوقت متأخرا، لم نلبث هناك مُدة طويلة قبل أن تبدأ المشاكل! فورا جاءت إليّ فتاة وبدأت تتكلم بشكل مزعج وعنيف، وكان أصدقائي حولي.

اقتربت الفتاة مني كثيرا وبدأت تقول بعض الهراء تجاهي، بعد قليل ظهر أخوها أيضاً وبدأ يتكلم بشكل سيئ مثلها، وانتهى به المطاف أن يقوم بدفعي، لم يكن من الذكاء أن يفعل ذلك، لأنه قبل أي شيء لا يمكنك أن تعبث مع أصدقائي، أحدهم أمسك بأخ الفتاة، والآخر أمسك بالفتاة نفسها، حينها شعرت بأن مشكلة كبيرة ستحدث، لهذا لم أكن أريد أن أكون جزءاً من هذا، حاولت أن أخرج فورا، لكنني لم أكن أعرف البار جيداً ولم أعرف طريق الخروج، حاولت وانتهى بي المطاف بالحمام، عدت وكانت الفوضى حولي، لهذا أصبحت مضغوطاً بشكل أكبر، للتو لعبت مباراة سيئة، ولو انتشر هذا الأمر، فسوف يكون العنوان الأكبر في صحف الغد، سيقولون إن هذا هو سبب النتيجة السيئة، ستكون فضيحة.

رحلت فورا، لقد كانت الساعة نحو الـ3:30 صباحا وعلمت بذلك لأن إحدى الكاميرات التقطت صورة لي، وماذا حدث باعتقادكم بتلك الصورة؟. لقد انتهت الصورة على غلاف صحيفة الـ "أفتون بلادت" السويدية، لقد حدثت فوضى كبيرة وكأنني قمت بقتل سبعة أشخاص، الصحف كانت تكتب وتحتج على هذا الأمر، قالوا إنني متهم بـ "التحرش"! هل تصدقون ذلك، تحرش! أي أمر يخصني يصبح مادة مفضلة للإعلام.

عدت إلى هولندا، كنا سنلعب ضد ليون في دوري الأبطال، حينها رفضت أن أتحدث عن الأمر في الصحف والإعلام، ميدو كان يتحدث بدلاً عني، نحن فتيان المشاكل كنا نساعد بعضنا البعض، ولم أتفاجأ في ذلك الوقت عندما علمت أن أناساً من الصحيفة ذاتها هم من دفعوا تلك الفتاة في ذلك البار لكي تسبب المشكلة، حينها خرجت للإعلام وقلت: "سوف أغلق تلك الصحيفة، سوف أقاضيهم"، لكن ماذا تعتقدون؟ لم أتمكن من الحصول إلا على اعتذار، بعد ذلك أصبحت أسير على الطريق الصحيح.

كنت في ذلك الوقت أيضا قد لعبت كأس العالم بشكل مخيب للآمال، لقد كانت لدي تطلعات كبيرة بشأن تلك البطولة، لكن قبل البطولة بفترة بدأت أفكر في أنني قد لا ألعبها من الأساس، لكن لاغرباك وسودربيرغ قررا أن يتم استدعائي، ولقد أحببتهم فعلا بسبب ذلك، خاصة سودربيرغ، والذي كأن الأب الروحي للفريق.

في كأس العالم كنا في مجموعة الموت كما يُطلق عليها مع الأرجنتين وإنجلترا ونيجيريا، أردت النزول إلى أرض الملعب، لكن المدرب ومساعده كانا يريان بأنني لا أمتلك الخبرة، لهذا قاموا بوضعي على دكة البدلاء، أتذكر أنهُ تم اختياري كرجل للمباراة الأولى في تصويت عبر الهواتف النقالة، على الرغم من أنني لم ألعب.

كانت لدي استراتيجية وهي أنني لا أهتم لما يقوله الناس عني، أقوم بالأشياء على طريقتي فقط، لقد سجلت هدفا في كأس العالم، لكنهُ لم يساعد كثيرا فلقد انتهت المسابقة كما بدأت بالنسبة لي، أنا على الدكة، المنافسة على مركز الهجوم لدينا في المنتخب، كانت صعبة، وأنا كانت لدي انتقادات كبيرة، واحدة منها كانت من يوهان كرويف، الذي لطالما كأن يتحدث بسوء عني، في ذلك الوقت كانت هناك العديد من وجهات النظر التي كانت تدور حولي، لكن أشياء حولي حدثت أيضاً، مثلاً ميدو صديقي خرج في تلك الأيام وقال إنهُ يريد أن ينتقل من النادي! قالها للإعلام، وهذا تصرف غير ذكي، بالتأكيد هو ليس دبلوماسيا، هو مباشر مثلي أو حتى أسوأ.

ميدو تم وضعهُ على الدكة في مباراة أيندهوفن لاحقاً، غضب وجاء إلى غرف الملابس، وقال إن جميع اللاعبين هم مجرد قذارة ومن ثم حاول أن يخرج من غرف الملابس بعد أن قال عدة كلمات سيئة، لكنني فوراً رددت عليه وقلت: إذا كانت هناك أي قذارة، فهي أنت! حينها قام ميدو بالتقاط مقص أو مقصين من الطاولة، ورماهما في وجهي، المقصات تخطت رأسي واصطدمت بالجدار وتحطمت، كان تصرفاً مجنوناً لأخبركم بالحقيقة، أنا بعد ذلك وقفت ووجهت له صفعة، ومن ثم لكمة قوية في وجهه، لكن بعد عشر دقائق خرجنا معاً من غرف الملابس يداً بيد، بعد تلك الحادثة بمدة عرفت أن المدير الرياضي قام بحفظ المقص كتذكار، ربما كان يريد أن يريه للأطفال ويقول لهم: هذا المقص كان سيضرب زلاتان في رأسه.

الأمور بالنسبة لي متذبذبة مع ميدو، بعد تلك الحادثة تورط مرة أخرى، لأن كومان قام بتغريمه وتجميده في الدكة، ومن ثم، كان هناك ذلك الشخص رفائيل فان دير فارت، هولندي، متغطرس بعض الشيء، مثله مثل بقية الهولنديين البيض في الفريق، على الرغم من أنهُ ليس من الطبقة المميزة في المجتمع، لقد نشأ في مقطورة، وعاش حياة الغجر، كما يقول بنفسه، فان دير فارت كان يحاول أن يكون شخصا قويا في الفريق، كان يريد أن يراه الجميع على أنهُ القائد لهذا الفريق، لهذا كانت هناك منافسة بيننا نحن الاثنين منذ البداية بسبب هذا الأمر.

فان دير فارت قبل مباراة ليون تعرض لإصابة في ركبته، ومع ابتعاده هو وميدو عن الفريق ، كنتُ سوف أبدأ المباراة ضد ليون، كانت أول مباراة لي في دوري الأبطال، لم يسبق إلا وأن شاركت في التصفيات المؤهلة للبطولة، وبعد ذلك بدقائق أتذكر أنني تلقيت كرة من ليتمانين، اللاعب الفنلندي، ومن ثم ذهبت إلى الطرف، حينها حاصرني مدافعان، وأنا كنت في نفس هذه الوضعية في مرات كثيرة، تذكرت لقطتي مع هينشوز لاعب ليفربول، لكن هناك مُدافعين هذه المرة وليس مدافعاً واحداً، لهذا قررت أن أجرب إحدى المراوغات، فعلت الأولى بالانطلاق نحو اليسار، لكن كان يبدو بأنهما سيتمكنان من إيقافي، فجأة رأيت فرصة لعكس الاتجاه لليمين، وفعلت ذلك وتجاوزتهما، ذهبت مباشرة إلى المرمى وسددت الكرة، انطلقت إلى أقصى يسار الحارس، اصطدمت بالقائم، ومن ثم دخلت بالمرمى.

جُن جنوني في تلك اللحظة، انطلقت بجنون نحو أصدقائي على جانب الملعب واحتفلت معهم، وكل لاعبي الفريق كانوا يلحقون بي، كأن الأمر مثيراً، عدنا إلى اللعب مرة أخرى، ولم يستغرق الأمر طويلاً قبل أن أسجل هدفي الثاني، كانت أمسية رائعة بكل تأكيد، هدفان في أول ظهور لي في دوري الأبطال، بعد تلك المباراة مباشرة ظهرت بعض الشائعات، روما وتوتنهام يريدان التوقيع معي.

عدتُ إلى السويد ولعبنا مباراة تصفيات أمم أوروبا في راسوندا مرة أخرى، كان من الجميل أن أعود إلى ذلك المكان، لم أنس تلك الأهازيج التي أطلقتها الجماهير لي قبل عام من الآن، لم نبدأ جيداً في التصفيات لهذا كتبت الصحف سابقاً "زلاتان مجرد فتى مُضخم لا يجيد سوى الضرب بكوعه"، كان يجب علي وعلى جميع زملائي في المنتخب أن نثبت الكثير من الأشياء، لكن بدأت المباراة وسجلت المجر أولاً بعد مرور أربع دقائق، صنعنا الكثير من الفرص، كان يبدو أننا سوف نخسر المباراة، وفي الدقيقة 74 مرر ماتياس جونسون كرة عرضية، ارتقيت لها لكي أسددها بكل قوة برأسي، لكن الحارس خرج وكان يريد أن يبعد الكرة، لا أعرف ما الذي حدث بعد ذلك، لكن الحارس وجه لي لكمة قوية أفقدتني الوعي، سقطت على الأرض ومر نحو 5-10 ثوانٍ وأنا في حالة إغماء، وعندما استيقظت، وجدت جميع اللاعبين في دائرة حولي.

كل ما أسمعهُ هو صخب الجماهير التي أصابها الجنون لشيء ما، نظرت إلى زملائي، وكانوا سعداء وقلقين في نفس الوقت.

- "إنهُ هدف زلاتان"، قال لي ذلك كيم كالستروم!

- "حقاً؟ من سجله؟".

- "أنت! بكرة رأسية".

جلبوا لي النقالة، وبدأت الجماهير تصرخ في الملعب "زلاتان.. زلاتان"، كان الملعب بأكمله على الأقدام، يصرخ باسمي، لهذا قمت بالتلويح لهم بيدي، تلك اللحظة أنعشت الفريق الذي حاول أن يفوز، لكن في النهاية لم نتحصل إلا على التعادل 1-1، كان يجب أن نفوز، أتذكر أيضاً أنني بعد ذلك بفترة وجيزة تعرضت لمرض غريب، أسوأ حمى عانيت منها، في ذلك الوقت كان الأمر غريباً لأن 250 ألف شخص في السويد أصيبوا بها في نفس الوقت، حتى إن أشياء كثيرة غير متوقعة حدثت في ذلك الوقت، وهذا غيّر الكثير بالنسبة لي.

اقرأ أيضاً.. أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان" اذهب إلى بيتك"!

المساهمون